.. وقد اختلفت الروايات في عمره وقت موته: ـ فقال مجاهد: مات وله سبعة أَيام، ـ وقال الفضل العلائي: عاش سبعة عشر شَهْرًا بعد البعثة، ـ وقال الزهري: مات وهو ابن سنتين، ـ وقال قتادة: عاش حتى مشى، وقال محمد بن علي: كان القاسم ابن رسول الله ـ صَلَّى الله عليه وسلم ـ قد بلغ أَن يركب الدابة، ويسير على النَّجِيبَة فلما قبضه الله تعالى، قال العاص بن وائل: لقد أَصبح محمد أَبتر: فأَنزل الله تعالى:(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) عِوضًا يا محمد عن مصيبتك بالقاسم (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (سيرة ابن هشام (1: 207)، وانظر (دلائل النبوة للبيهقي ـ مخرجاً (2/ 70)، ومهما كان سنه وقت وفاته إلا أن موته كان صعب على قلب أبيه وأمه فقد حزنا على فراقه، ومن لا يحزن على موت فلذة كبده ،فهل كان لرسول الله من الولد الذكر غيره: ـ قال الزهري: ولبث رسول الله ـ صَلَّى الله عليه وسلم ـ مع خديجة حتى ولدت له بعض بناته، وكان له القاسم، وقد زعم بعض العلماء أَنها ولدت غلامَا اسمه الطاهر، وقال ابن عباس: إِن خديجة ولدت لرسول الله ـ صَلَّى الله عليه وسلم ـ غلامين: القاسم وعبداللّه. وخلاصة ما جاء في كتب التاريخ والسير أن السيدة خديجة ولدت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكوراً، منهم من قال: أنهم ثلاثة:(القاسم ـ الطيب ـ عبدالله)، ومنهم من قال اثنين (القاسم وبه كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُكنّى ـ عبدالله وكنيته الطيب).
فمتى كانت وفاته بالتحديد: اتفق المؤرخون على أن ولادته كانت قبل البعثة ، فقد ذكر غير واحد منهم ابن منده، وأَبو نُعَيم. أن القاسم ابن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وُلد قبل البعثة، ولكن اختلف العلماء في وفاته، هل كان رسول الله قد أوحي إليه أم لا؟ ذكر البخاري في (التاريخ الأوسط) عن هشام بن عروة:(أن القاسم مات قبل الإسلام. وأكثر النَّاس عَلَى أن موته قبل الدعوة، وذكروا أن القاسم إِنما يذكر في أَولاد رسول الله ـ صَلَّى الله عليه وسلم ـ لا في الصحابة، ولا خلاف أَن الذكور من أَولاده ـ صَلَّى الله عليه وسلم ـ تقدّموا عليه) (أنساب الأشراف للبلاذري (1/ 396).
وهناك آثار تدل على أنه مات بعد الدعوة:قال أَبو نعيم: لا أَعلم أَحدًا من متقدمينا ذكر القاسم ابن رسول الله ـ صَلَّى الله عليه وسلم ـ في الصحابة، وذلك أَن القاسم بكُر ولده، وبه كان يكنى أبا القاسم، وهو أَوّل ميت من ولده بمكة، وهذا يدل عَلَى أن الْقَاسِم توفي بعد أن أوحى اللَّه تَعَالى إِلَى النَّبِيّ (صَلَّى الله عليه وآله وسلّم)، أخرجه ابن منده وأبو نعيم (أسد الغابة، ط: الفكر (4/ 77)، وكذا ما رواه ابن مَاجَه والطَّيَالسي والحربي عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها؛ قال: لما هلك القاسم قالت خديجة: يا رسولَ الله، درَّت لُبَينة القاسم، فلو كان اللهُ أبقاه حتى يتم رضاعه، قال: كان تمام رضاعه في الجنة، قال الحُرْبِيّ: أرادت أنها حزَنَتْ عليه حتى دَرّ لبنها عليه، وفي سنن ابْنِ مَاجه بعد قوله: لم يستكمل رضاعه، فقالت: لو أعلم ذلك يا رسولَ الله لهوّن علي أمره؛ فقال:(إنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ فَأَسْمَعَكِ صَوْتَهُ)، فقالت: بل صدق الله ورسوله، وهذا ظاهر جدًا في أنه مات في الإسلام، ولكن في السند ضَعْف، وحديثٌ:(ما أعفي أحد من ضَغْطة القبر إلا فاطمة بنت أسد، قيل: ولا القاسم؟ قال: ولا القاسم، ولا إبراهيم، وكان إبراهيم أصغرهما. وهذا يدل على أَن القاسم توفي بعد أَن أَوحى الله إِلى النبي ـ صَلَّى الله عليه وسلم) (تاريخ دمشق لابن عساكر (3/ 132)، فأين دفن ريحانة الجنة (القاسم بن رسول الله) ذكر صاحب (الاشارات الى معرفة الزيارات (ص ـ 77) بترقيم الشاملة، وبالجبانة خديجة ابنة خويلد ـ رضي الله عنها، وبها القاسم بن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وعبدالمطلب بن هاشم، واسمه عامر، وبها من الأولياء والصالحين والمجاورين من العرب والعجم وغيرهم خلق كثير، اختصرناهم خوف التطويل، وأكثرهم لا تعرف قبورهم.
فاللهم اجزي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) خير ما جزيت به نبيا عن أمته ورسولا عن قومه، واحفظ اللهم أولادنا ولا ترينا مكروها في عزيز لدينا جميعاً.

محمود عدلي الشريف
[email protected]