خامساً ـ قاعدة الفصل والوصل:وردت بعض الألفاظ في الرسم العثماني تارة موصولة، وتارة مفصولة وورد بعضها على حالة واحدة وذلك مثل: وصل (أَّلاَ) بفتح الهمزة وتشديد اللام وجاء فصلها في عشرة مواضع منها:(أَنْ لا يَقُولُوا)، ووصل (مما)، عدا ما جاء في النساء مفصولة:(فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (النساء ـ 25)، وفي الروم:(هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ) (الروم ـ 28)، وفي المنافقون:(وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (المنافقون ـ 10)، ووصل (مِمَّنْ) مطلقاً، ووصل (عَمَّا) ما عدا:(فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ) (الأعراف ـ 166)، ووصل (عمن) ما عدا قوله سبحانه:(وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ) (النور ـ 43)، وقوله:(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا) (النجم ـ 29)، ووصل (كلما) ما عدا في قوله:(كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا) (النساء ـ 91)، وقوله:(وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) (ابراهيم ـ 34)، ووصل (أَمِنَ) ما عدا قوله سبحانه:(أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) (النساء ـ 109)، وقوله:(أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ) (التوبة ـ 109)، وقوله:(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا) (الصافات ـ 11)، وقوله:(خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (فصلت ـ 40)، و(إمَّا) جاءت موصولة بكسر الهمزة وتشديد الميم ما عدا في (وَإِنْ ما نُرِيَنَّك) (الرعد ـ 40)، بينما جاءت (أنما) بفتح الهمزة مطلقاً.سادساً ـ ما فيه قراءتان وكتب على إحداهما ومرادنا غير القراءات الشاذة:ـ حذف أو إثبات الألف في:(ملك يوم الدّين) وفي (يخدعون) و(وَعَدَنا) و(تُفادُوهُمْ) و(تُظْهِرُونَ) و(َلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ) و(فرهن) و(عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) و(أو لمستم النّساء) و(وحرم على قرية) و(سُكارى) و(وَما هُمْ بِسُكارى).ـ كلمات كتب سينها صاداً وجاز قراءتها بالسين والصاد، نحو:(الصِّراطَ) و(بَصْطَةً) و(الْمُصَيْطِرُون) و(بِمُصَيْطِرٍ).ـ أما بالنسبة للقراءات المختلفة المتواترة بزيادة لا يحتملها الرسم نحو:(وأوصى) وَ(وَصَّى) في البقرة، و(تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ) مع (مِنْ تَحْتِهَا) في التوبة، و(وما عملت أيديهم) مع (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) في يس، و(سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) ومع (فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ)، هذه القراءات كانت تكتَب في بعض المصاحف دون بعض.ـ القول بأن رسم المصحف توقيفي:اختلف العلماء في رسم المصحف هل هو توقيفي من عندالله أم اجتهادي من عند الصحابة؟، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن رسم المصحف العثماني توقيفي لا تجوز مخالفته وليس من اجتهاد الصحابة (واستدلوا) بما يلي:1 ـ بحديث معاوية يأمره النبي (صلى الله عليه وسلم) برسم المصحف، ولم أقف على تخريجه.2 ـ إطباق القراء على إثبات الياء في (وَاخْشَوْنِي) (البقرة ـ 150) وحذفها في الموضعين في المائدة، وكذا إثبات الياء في (حسابيه) وحذفها في (كتبيه) في سورة الحاقة, كل ذلك من غير ضابط يصح الاجتهاد فيه والقياس عليه، مما يعني سموه عن فهمنا والإقرار على أن الرسم وقف من الله.3 ـ إجماع الصحابة في عهد عثمان على الرسم العثماني، والاجماع قطعي ولا يكون على اجتهاد قياسي بل يستند على نصٍّ شرعي معتمد, وهذا الاجماع كان موجوداً في مصحف أبي بكر كذلك، والجمهور ـ ويضم الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة والاباضية ـ على أنه لا يجوز كتابة القرآن بغير الرسم العثماني، وقيل: وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه أيضا معجز, وكيف تهتدي العقول إلى سر زيادة الألف في (مائة) دون (فئة)، القرآن كتب في زمان النبي (صلى الله عليه وسلم)، وبين يديه. علي بن سالم الرواحي