د. سالم الفليتي:
أولا: تمهيد:
في مقابل السلطات الواسعة التي يتمتع بها أعضاء مجالس إدارات شركات المساهمة العامة ألزمهم قانون الشركات الجديد بالعديد من الالتزامات والواجبات التي عددتها المادة (١٨٤) منه، هذه الواجبات أكد عليها ميثاق حوكمة الشركات المساهمة العامة في أكثر من موضع- خذ على ذلك مثال ما يقضي به المبدأ (٣) من الميثاق حيث يجري نصه بالآتي: "يجب أن يوضح النظام الأساسي للشركة المعتمد من الجمعية اختصاصات مجلس الإدارة وصلاحياته، بحيث تكون هذه الإختصاصات والصلاحيات متاحة لاطلاع الجميع، وبحيث تخدم مباشرة أغراض الشركة وأهدافها وتعزز حوكمة إدارتها وتعظم مساهمتها في الإقتصاد الوطني والمجتمع المحلي".
وسبق أن أوضحنا ـ في مقال سابق ـ أن الجمعية العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالشركة فهي من تختار أعضاء مجلس الإدارة وسواء أكانوا من المساهمين في الشركة أو من غيرهم بدلالة المادة (١٨٠) من قانون الشركات الجديد حيث يجري نصها بالآتي: "يكون اختيار أعضاء مجلس الإدارة من المساهمين أو من غيرهم بطريق الإنتخاب المباشر من قبل الجمعية العامة العادية…".
ثانيا: الموضوع:
أ: والسؤال الذي ينهض هنا أنه: طالما أن الجمعية العامة للمساهمين هي من تختار أعضاء المجلس متى توافرت فيهم شروط الترشح للعضوية فهل تملك في مقابل ذلك عزلهم؟
تجيب على هذا السؤال المادة (١٩٨) من القانون، التي يجري نصها على أنه: "يجوز بقرار من الجمعية العامة العادية عزل أعضاء مجلس الإدارة أو بعضهم، ولا يعتد بأي نص يرد في النظام الأساسي للشركة بخلاف ذلك، ويكون العزل بموجب اقتراح مثبت في جدول الأعمال. وتزول العضوية من تاريخ صدور قرار العزل. ولا يجوز إعادة انتخاب من تم عزله من أعضاء المجلس عند شغل الأماكن الشاغرة في المجلس أو عند تشكيل أول مجلس إدارة جديد".
يلاحظ من النص أن:
١: المشرع منح الجمعية العامة العادية حق عزل أعضاء مجلس الإدارة جميعهم أو بعض منهم. وفي حالة وجود بند في النظام الأساسي للشركة يعطل هذا الحق، يبطل البند ويظل عقد الشركة صحيحا.
٢: وحسنا فعل المشرع في قانون الشركات الجديد عندما لم يرد عبارة ـ ودونما حاجة لأي مبرر ـ كما كانت واردة في المادة (٩٩) من قانون الشركات التجارية الملغي "للجمعية العامة في أي وقت دونما حاجة لأي مبرر أن تعزل أي عضو من أعضاء مجلس الإدارة أو أن تعزلهم جميعا…".
وبالتالي فإن المشرع في القانون الجديد، يحول دون وقوع الشطط الذي قد تأتيه الجمعية العامة العادية عند اتخاذ مثل هذه القرارات، على اعتبار أنه لا يستقيم القول مع عبارة "ودونما حاجة لأي مبرر" مع الواجبات المحددة لعضو مجلس الإدارة في حدود صلاحياته الممنوحة له بموجب القانون.
٣: ما يعظم ما تم الإشارة إليه أن المشرع ابتداء من المادة (٢٠٢) من القانون ذاته أورد العديد من المحاذير التي يمنع على أعضاء مجلس الإدارة إتيانها في ضوء ما يسمى بالإدارة الحسنة.. من هذه النحوطات:
لا يجوز لعضو مجلس الإدارة استغلال مركزه لتحقيق مكاسب لشخصه أو لأي شخص آخر.
لا يجوز لعضو مجلس الإدارة أن يشارك في إدارة شركة أخرى تمارس أعمالا مشابهة.
كما لا يجوز أن يكون لعضو مجلس أو غيره من الأطراف ذوي العلاقة بالشركة مصلحة وسواء أكانت هذه المصلحة مباشرة أو غير مباشرة. في كل ما تجريه من صفقات أو عقود لحسابها الا في حالات محددة ووفق ضوابط معينة وبما يتوافق ومفهوم الأطراف ذوي العلاقة.
وفوق ذلك فإن المادة (٢٠٥) من القانون أوجبت على عضو مجلس الإدارة أن يخطر الشركة كتابة بكل ما تربطه بالشركة من مصالح وبما يملكه من أوراق مالية في مدة لا تتجاوز (٥) خمسة أيام من تاريخ اكتسابه العضوية، كما يتوجب عليه ذات الإلتزام في حالة حدوث أي تغير في مركزه المالي.
٤: وما يزيد الأمر تحوطا أن المشرع وفقا ونص المادة (٢٠٦) أضاف بعدا آخر في طبيعة مسؤولية أعضاء المجلس تجاه الشركة والمساهمين والغير من أنها مسؤولية تضامنية عن كل الأضرار التي تقع على أولئك الأطراف ناتجة أو بسبب اتخاذ أعضاء المجلس قرارات مبتسرة أو نتيجة قيامهم بأعمال خارج نطاق صلاحياتهم المحددة لهم،،،
لمزيد من التفصيل، انظر قانون الشركات التجارية الجديد ابتداءا من المادة (١٩٨) منه.

نائب العميد للشؤون الأكاديمية-كلية الزهراء للبنات
[email protected]