[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/07/ssaf.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"] ناصر اليحمدي [/author] مع اقتراب عيد الفطر المبارك تستعد كل أسرة تقريبا لاستقباله بشراء الملابس الجديدة لكل فرد فيها، سواء الرجال أو النساء أو الأطفال .. فهذه الملابس تضفي البهجة والراحة للمناسبة السعيدة وتشعر كل من يرتديها أنه يقبل على مرحلة جديدة من حياته .. ويشتهر المواطن العماني عبر العصور المختلفة بزيه التقليدي المميز من كمة ومصر وثوب رجالي وتمنطقه بالخنجر في خصره، وكذلك العباءة النسائية التي تختلف عن أي عباءة لأي مجتمع حول العالم والحلي المميزة التي تزينها، وهذا الزي لا يعد بالنسبة للعمانيين مجرد ساتر للجسد، بل هو موروث حضاري تليد يتمسكون به ويحرصون على الحفاظ عليه ويصونونه من التحريف والتشويه.منذ عدة سنوات كان من يقوم بحياكة هذه الملابس مواطنون عمانيون لذلك كانت تحمل الطابع المميز ولم يتغير شكلها عبر الزمن .. ولكن ما أن اقتحم الوافد مجال الخياطة حتى عمد إلى إضافة بعض التغييرات على الزي العماني التقليدي بدعوى "التحديث" ومواكبة العصر عن طريق رسم أو طبع بعض شعارات العلامات التجارية لشركات الملابس العالمية أو شعارات أندية خارجية أو رسومات مختلفة أو تغيير تصاميم الكمة والمصر والعباءة بصورة تخل بالمظهر التقليدي لها، وهو ما ينذر باندثار شكلها المعروف وبالتالي تغيير الهوية العمانية الأصيلة.لا شك أن هذا التغيير في الزي العماني لا يعد "تطويرا" بل هو "تشويه" يستوجب وقفة قبل أن يأتي يوم ويختفي فيه الشكل التقليدي له .. وحسنا فعلت وزارة التجارة والصناعة عندما حذرت أصحاب محلات بيع وخياطة الملابس الرجالية والنسائية من عدم المساس والإساءة للأزياء العمانية التقليدية والتوقف عن التجاوزات في حقها فهي بذلك تسيء لتراثنا وتشوه هويتنا وموروثنا التليد المميز.للأسف لقد قامت بعض الشركات بالفعل باستيراد بعض المنتجات المخالفة لهوية الأزياء العمانية وبعض المنتجات الخادشة للحياء والمخلة بالنظام العام للدولة، لذلك لا تتوانى وزارة التجارة والصناعة في كشف المتلاعبين والمخالفين من خلال حملاتها التفتيشية في المديريات والإدارات التابعة لها في مختلف المحافظات لتحجيم هذا التلاعب في هويتنا الأصيلة.لا شك أن توثيق الموروثات وتحديد مواصفات المفردات الوطنية يضمن استمرارها عبر الزمن ويحميها من التحريف أو التشويه أو الاندثار وهذا ما تقوم به الجهات المعنية حتى يسهل في ذات الوقت للصانع عمله ويحدد له الخطوط التي يجب أن يسير عليها حتى يخرج منتجه في شكله النهائي .. فمن الملاحظ أنه في السنوات الأخيرة بدأت التعديلات تقتحم مجال الأزياء العمانية وصناعة الخنجر العماني وتحرف من شكلها التراثي الأصيل وهو ما قد يؤثر بالسلب على سمات هذا الموروث التليد ويهدد هويته المميزة.إن كل مواطن يفخر بامتلاكه الزي التقليدي الذي هو ماركة مسجلة استطاعت أن تحافظ على بقائها على مر العصور رغم ما أصاب كافة المجالات من تطور وحداثة، بل ويعتبره العماني أحد مفردات الأناقة الذكورية الذي تتفرد به السلطنة عن أية دولة حول العالم.إن مسؤولية الحفاظ على إرثنا هنا مشتركة .. فلو لم تجد الشركات المخالفة من يسوق لها المنتجات أو يشتريها فإنها لن تقوم بإنتاجها مرة أخرى .. لذلك على كل تاجر جملة وكل مواطن حريص على تراث بلده أن يقاطع المنتجات التي تشوهه ويحرص على اقتناء ما يتلاءم مع زيه المميز ولا ينجرف وراء دعاوى الموضة والحداثة التي تخالف شكله التقليدي .. وعلينا أن ننشر الوعي بين الشباب والنشء بماضينا التليد الذي يجعلهم يفخرون بحضارتنا الزاخرة فيزيد من انتمائهم لهذا البلد المعطاء وتعريفهم أن تراثنا الشعبي هو أصل هويتنا الوطنية.إن قيادتنا الحكيمة منذ فجر النهضة المباركة لم تألُ جهدا من أجل الحفاظ على أصالة الشخصية العمانية وتفردها وكل ما يتعلق بإسهاماتها الحضارية وفي ذات الوقت اعتبرتها اللبنة التي تقوم عليها الدولة العصرية .. وعلينا أن نسير على هذا النهج الحكيم حتى نضمن إيصالها بما تحمل من أصالة إلى الأجيال القادمة في صورتها العريقة.* * *مسك الختامقال تعالى: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم".