المشروع خطوة استراتيجية لحماية البنية البيئية وتعزيز الأمن المائي
صلالة ـ من عوض دهيش:
افتتحت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه مشروع سد وادي أنعار بمحافظة ظفار، الذي يُعَدُّ ثالث أكبر سدٍّ ضمن منظومة الحماية من مخاطر الفيضانات بمحافظة ظفار، إذ تبلغ سعته التخزينية نحو 16 مليون متر مكعب.
حيث يُعَدُّ هذا المشروع خطوة استراتيجية تهدف إلى الحدِّ من آثار الفيضانات المتكررة، وتعزيز الأمن المائي، ودعم التنمية الزراعية والبيئية في المنطقة. رعى افتتاح المشروع الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل، بحضور معالي الدكتور سعود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.
وقد ألقى سعادة المهندس علي بن محمد العبري وكيل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لموارد المياه، كلمة أشار فيها إلى أن المياه تُعَدُّ ركيزةً أساسيةً من ركائز التنمية المستدامة في سلطنة عُمان، وتجسِّد السدود صورةً من صور العناية الكريمة التي توليها الحكومة الرشيدة لحماية الأرواح والممتلكات، وتعزيز الأمن المائي، ودعم مَسيرة التنمية المستدامة في وطننا العزيز.
وأشار إلى أن الوزارة قد أنجزت حتى اليوم مئتي سد، منها: ستة وسبعون سدًّا للتغذية الجوفية، ومئة وسبعة عشر سدًّا للتخزين السطحي، وسبعة سدود للحماية من مخاطر الفيضانات موزَّعة على مختلف محافظات سلطنة عُمان، ومن بينها سد صلالة للحماية، والذي تم الانتهاء من تنفيذه في عام ٢٠٠٩م، وقد أثبت جدواه في العديد من الأنواء المناخية الماضية، والتي كان أقواها إعصار (ميكونو) في عام ٢٠١٨م، حيث شكل السد درعَ حمايةٍ لمدينة صلالة.
وأضاف: في إطار السعي إلى تحقيق أعلى مستويات الحماية لميناء صلالة، والمنطقة الحُرة، ومدينة ريسوت الصناعية، قامت الوزارة بإعداد منظومة متكاملة للحماية من مخاطر الفيضانات، تتألف من خمسة سدود، يقع بعضها ضمن مستجمعي (عدونب) و(أنعار)، حيث يُعَدُّ سد وادي أنعار أحد مكوِّنات هذه المنظومة، إلى جانب سد الحماية من مخاطر الفيضانات على وادي عدونب، بالإضافة إلى ثلاثة سدود أخرى مقترحة يُؤمل تنفيذُها مستقبلًا.
وقال: إنَّ سد وادي أنعار يهدف إلى حجز مياه الفيضانات القادمة عبر الوادي، وحمايةِ وتأمينِ ميناء صلالة بشقيه القائم والمستقبلي، إلى جانب المنطقة الحرة بصلالة ومدينة ريسوت الصناعية، كما يُسهم السَّد بشكلٍ ملموسٍ في الحدِّ من الرسوبيات المتجهة إلى حوض ميناء صلالة، والتي تؤثر على حركة الملاحة بالميناء، فضلًا عن مساهمته في خفض التغطية التأمينية للميناء ومرافقه، ويبلغ أقصى ارتفاعٍ لسدِّ وادي أنعار عشرين مترًا، فيما يصل طوله الإجمالي إلى ألفٍ وستمئةٍ وثمانين مترًا، وتُقدَّر سعته التخزينية بحوالي ستةَ عشرَ مليونَ مترٍ مكعبٍ من المياه، وقد بلغت التكلفة الإجمالية لتنفيذ المشروع اثنين وعشرين مليونًا وتسعمئةَ وأربعةً وعشرين ألفَ ريالٍ عُماني.
دور فاعل في تنظيم تدفق المياه
وقال المهندس ناصر بن محمد البطاشي مدير عام المديرية العامة لتقييم موارد المياه: إن السَّد يؤدي دورًا فاعلًا في تنظيم تدفق المياه والتقليل من الأضرار التي قد تنتج عن الفيضانات، وذلك من خلال حجز كميات كبيرة من المياه داخل بحيرته التخزينية، وبالتالي حماية البنى الأساسية والمناطق السكنية والاقتصادية.
وأضاف: قد سبقت عملية تنفيذ السَّد مجموعة من الدراسات الفنية المتكاملة، حيث شملت دراسات هيدرولوجية لتقدير كميات الأمطار والسيول وتحديد السعة التخزينية المناسبة، بالإضافة إلى دراسات جيولوجية وجيوتقنية هدفت إلى تحليل طبيعة التربة والصخور في موقع المشروع لضمان استقرار البنية الإنشائية، كما تم إجراء دراسات هندسية دقيقة لتصميم هيكل السَّد والمفيض والقنوات المائية بطريقة تضمن الكفاءة والسلامة التشغيلية، إلى جانب دراسات اقتصادية لتقييم الجدوى المالية، وأخرى بيئية لتحديد التأثيرات المحتملة للمشروع ووضع إجراءات للحد من أي آثار سلبية على النظام البيئي، وفيما يتعلق بضمان سلامة السد خلال الحالات الطارئة، فقد تم اعتماد تقنيات متقدمة شملت تزويد المشروع بأنظمة مراقبة ذكية تشمل أجهزة استشعار لمراقبة منسوب المياه في البحيرة، ومستشعرات زلازل تتابع أي نشاط جيولوجي مفاجئ، إلى جانب كاميرات مراقبة توفر تغطية شاملة لمكوِّنات السَّد.
وفيما يخص المجتمعات المتأثرة بإنشاء السَّد، فقد أوضحت الوزارة أنه تم تعويض بعض الاشغالات وفق الأنظمة المعتمدة، وبما يضمن مراعاة حقوق السكان المحليين وتقليل الأثر الاجتماعي للمشروع، وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي (22,9) مليون ريال عُماني. ومن جانب آخر فإن الوزارة تعمل على التوسع في مشاريع الحماية.
ومن الناحية الإنشائية، يتكون السَّد من جسم ترابي مدكوك بطول 1680 مترًا وأقصى ارتفاع يبلغ 20 مترًا، كما يتضمن مفيضًا خرسانيًّا بطول 430 مترًا لتصريف المياه الزائدة إلى مجرى الوادي الطبيعي، ما يعكس التكامل بين البنية الأساسية والوظائف البيئية والاقتصادية للسَّد.



