نُجمِل آداب عيادة المريض وزيارته في الآتي: أولاً: الإخلاص لله تعالى أي: تكون زيارته خالصة لوجه الله تعالى بأن تكون نيته رضا الله تعالى، وتأدية حق أخيه المسلم عليه، وذلك حتى يؤجر من قبل الله على زيارته، وحتى يقبل دعاءه لأخيه، وثانيًا: اختيار الوقت المناسب للزيارة سواء كانت الزيارة في المستشفى أو في البيت، فالبعض يتعجل في زيارة المريض فبمجرد سماعه أن فلانًا قد خرج من غرفة العمليات يذهب إليه مباشرة، وقد يكون هذا المريض يحتاج إلى الراحة، والتوسط هنا هو المطلوب فلا نتعجل الزيارة، ولا نفوت موعدها، وأيضًا لا تكون الزيارة وقت النوم والراحة، أو وقت الطعام أو في وقت متأخر من الليل، وثالثًا: بعد التسليم على المريض، يبدأ الزائر بسؤال المريض عن حاله، كأن يقول له: كيف حالك؟ كيف صحتك اليوم؟ كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ عساك أن تكون أحسن وأفضل من قبل، لأنّ السؤال عنه يدخل الفرح والسرور إلى قلبه، وقد يؤدي إلى انتعاشه واستعادة قوته وعافيته وصحته، ثم يدعو له بالشفاء والصحة والعافية، كأن يقول له: شفاك الله وعافاك ومَنَّ عليك بالصحة، أو اللهم اشفِ فلانًا، اللهم اشفِ فلانًا، اللهم اشفِ فلانًا، ويسمي اسمه، كما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما زار سعد بن أبي وقاض ـ رضي الله عنه ـ في مرضه، فقد قال: اللهم اشف سعدًا. اللهم اشف سعدًا. اللهم اشف سعدًا.
ولا ريب أن الدعاء للمريض هو أجمل هدية ممكن أن نقدّمها له، فهي تعني له الكثير الكثير من السرور والسعادة، وتعبر عن مدى حبّنا له وعن مدى شفقتنا عليه، ورجاء الشفاء له، وأن يكون معنا بصحة جيدة. وأن يكون بيننا بعافية، وإن وضع الزائر يده على المريض ومسح بها على جسده فذلك خير، ترجى بركته، وإن دعا الزائر للمريض بالأدعية النبوية المأثورة فذلك مزيد خير، إذ يكون دعاءً ورقيةً شرعيةً، ومن تلكم الأدعية ما يروى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ، قَالَ:(اَذْهِبِ الْبَأْسَ، رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ، اشْفِ شِفَاءً لاَ يُغادِرُ سَقَمًا)، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النبي (صلى الله عليه وسلم) أَنَّهُ قَالَ:(مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَيَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ إِلاَّ عُوفي)، كذلك من آداب زيارة المريض أن يظهر الاهتمام به، يذكر بالصبر، وجزاء الصابرين. ويفتح له باب التفاؤل، ويفسح له الأمل في الشفاء والمعافاة بإذن الله تعالى، ويسليه بكلام طيب ودعاء نبوي كأن يقول له:(لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)، كما كان ذلك من هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ عاد مريضًا، ولا يؤذي الزائر المريض بكلام فيه ما يكدر نفسه، كأن يذكره بأن فلانًا قد مات بالمرض نفسه الذي تعاني منه، وأيضًا عدم إطالة الزيارة، فلا ينبغي للزائر أن يطيل الجلوس عند المريض، حتى لا يكون ثقيلًا في الزيارة، مراعاة لأحوال المريض وأهله، ولإعطاء الفرصة للآخرين في زيارته للمريض، فبعض الناس يكون ثقيلًا على المريض، بل ربما يكون أشد من المرض على المريض، كذلك تقليل السؤال فبعض الناس يكثر من سؤال المريض عن حاله، بل يريد منه أن يحكي له قصة مرضه من أولها إلى آخرها مفصلة، من غير مراعاة لحالته الصحية، وهذا مما يرهق المريض، بل مما يزيد من مرضه علته، يقول أحد من العارفين: حماقة العائد أي الزائر أشر على المرضى من أمراضهم، كذلك من آداب زيارة المريض طلب الدعاء من المريض، فمن الدعوات المستجابة دعوة المريض، لأنه مضطر، قال الله تعالى:(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) (النمل ـ 62)، وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم):(إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ، فَمُرْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَكَ، فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلاَئِكَةِ).
ذهب جمهور العلماء أنّ بداية زيارة المريض من حين بداية مرضه، ولا تحدّد الزيارة بعد وقت معين من المرض كثلاثة أيام، وذلك لإطلاق رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) الزيارة حين وصّى بعيادة المريض، لعموم قوله (صلَّى الله عليه وسلَّم):(عودوا المريض)، ويعاد المريض حتى لو كان لا يعلم بمن يزوره كأن يكون فاقدًا للوعي بإغماءٍ، أو جنونٍ، أو صرع، أو تحت تخدير، فإن ذلك لا يمنع من زيارته والاطمئنان عليه، ما لم يكن هناك مانع طبي لمصلحة المريض أو الزائر، على ان تكون الزيارة وفق ضوابط الشرعية والآداب الإسلامية.