[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
كانت لغة التحدث ليهود كردستان هي الآرامية المتداخلة مع كلمات فارسية وتركية وكردية وعربية وعبرية، وقد سميت بأفواههم باسماء (لشون ترجوم) و(ليشنا يهوديا) و(لشون الجالوت) وسماها العرب (جبلي)، ويعني الجبلي، بسبب ان من تحدث بها بالاساس هم سكان الجبال، ويقدر الباحثون عدد المتحدثين بهذه اللغة بين 15-20 الف نسمة (حسب تقديرات عام 1970م).
وهناك بجوار (ساسون) تقطن عشيرة صغيرة يطلق عليها اسم (بالكي) لا هي مسلمة ولا هي نصرانية تتكلم لهجة غريبة جداً، وهي عبارة عن خليط (كردية، عربية، ارمنية) وهنالك ايضاً في جهات عديدة بكردستان، يقطن بعض من العشائر والجماعات الغربية، وهم في الأصل سلالة هؤلاء الفارين المعتصمين بشوامخ الجبال الكردية، حيث عاشوا فيها الى ان اندمجوا في الكرد وصاروا أكراداً مع احتفاظهم ببعض كلمات من لغتهم الأصلية في لغتهم الحديثة التي يتكلمون بها الان وهي الكردية.
وهناك لغة عجيبة في قضاء (سعرد) يتكلم بها اهالي تلك البلاد، ويشوبها كثير من الكلمات الآرامية يطلق عليها تارة اسم (كاوارناي) او لغة (كوار) وكلمة (كوار) هذه تطلق على قضاء على مقربة من الحدود ببلاد (الهكارى) وهذه اللهجة عبارة عن خليطة كردية كلدانية، والظاهر انها كانت لغة قدماء نصارى تلك الجهات، الذين اعتنقوا الاسلام في ما بعد، وهناك تفاصيل عن جهات كثيرة منها (مكري) ولغة (الظاظا).
وفي إشارة إلى تأثير اليهود في بعض الطوائف في المنطقة الشمالية، يقول الميجر راولنسون: ان بعضاً من اقسام عشيرتي الكلهر والكوران والعشائر المجاورة لهما، ينتحلون عقيدة فيها شيء من الديانة اليهودية، ويشير الى ان الكلهريين انفسهم، يزعمون أهم يسكنون هذه المنطقة من قديم الزمان وانهم من سلالة (رهام) الذي ما هو الا (بختنصر) فاتح المملكة اليهودية الشهير، ويوجد بين الكلهريين اسماء يهودية بحت، ويقول العلامة الكردي محمد امين زكي بك الوزير العراقي في كتابه (خلاصة تاريخ كردستان سنة 1931 ص308) في الواقع اذا كان منفى اليهود هي منطقة الكلهريين الحالية هذه، فلا يستبعد ان يكون ذلك سبباً قوياً في تسرب شيء كثير من العقائد اليهودية الى السكان المحليين.
ويذكر محمد أمين زكي بك، انه ليس من البعيد ان جبل (هفتون) الذي بنى بنيامين (يقصد الرحالة اليهودي بنيامين الثاني) بيعة له (سيناغوغوزة) ان يكون جبل (زاغروس) كما انه ليس من المنكر ان يكون (هفت تن) على الالهيين مقتبساً من (هفتون) بنيامين، الذي يعترف بنفسه انه راى (50.000) اسرة يهودية تسكن هذه المنطقة (المصدر السابق ص309) ويقول المستشرق راولنسون عندما تكلم عن عقيدة (لوربزرك) أي البختياريين، ان هؤلاء الناس مسلمون غاية من بساطة العقيدة وضعف المذهب، واما (اللورا الصغير) فعقائدهم في غاية من الغرابة والابهام، وليس لهم كبير علاقة واهتمام بالاسلام، ولهم طقوس دينية غريبة جداً ومع ذلك فانهم يخضعون للاسلام في اكثر المبادئ والأحوال، ويذكر المستر (ماكدونلد كينز) معلومات كثيرة وقيمة عن الاحتفالات الليلية لمن يسمون (شمع كشان- حملة الشموع) والتي استمرت حتى اواسط القرن الثامن عشر.
يذكر الاستاذ الدكتور كمال مظهر احمد: انه قبل نشوب الحرب العالمية الثانية، كان يوجد في مدينة السليمانية ناد واحد، تقابله عشرات المقاهي الصغيرة والكبيرة بما في ذلك مقهيان لليهود في محلتهم "جوله كان" وكان وجودهم في السوق يلفت النظر، ولئن كان عدد المسيحيين من كلدان وارمن أقل بكثير من عدد اليهود (وفق تقديرات 1920 في حدود المئة فقط).
في اواسط العقد الثالث (الثلاثينات) من القرن العشرين بلغ عدد العرب الموجودين في لواء السليمانية (75) شخصاً فقط، ارتفع الرقم قليلاً فيما بعد بسبب ازدياد عدد الموظفين العرب العاملين هناك. بينما كان بوسع المرء ان يجد اليهود في كل مكان من اللواء (وفق تقدير لجنة العصبة) ففي كركوك سنة 1920 حوالي (600) يهودي، وفي اربيل في السنة ذاتها (4800) يهودي.
من المفيد أن نشير إلى أنه وفق شمس الدين سامي، كان عدد سكان لواء السليمانية قبل الحرب العالمية الأولى يبلغ (51.600) نسمة من بينهم (2100) من اليهود و(900) كلدان. اما المدينة نفسها مركز اللواء، فقد كانت تضم (15) الف نسمة بينهم الف يهودي و(170) كلدانياً. يقول د.كمال مظهر احمد أنه لم يجر في العراق احصاء سكاني على اساس قومي سوى مرة واحدة، وذلك في العام 1957، ولم يخل ذلك الاحصاء بدوره من نواقص جدية.