[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
لا تزال دراسة التاريخ الكردي غير وافية، الأمر الذي أوجد مختلف الآراء حول أصل الأكراد وتطورهم التاريخي، وبالنسبة لديانة الأكراد، فقد كانوا يدينون بالزرادشتية وبعد ظهور الإسلام، ودخول كردستان (الفتح الإسلامي عام 640م) تقبله الأكراد واعتنقوه، ويتناول تفاصيل حياة الأكراد في العراق الباحث العراقي ماجد عبدالرضا في كتابه (المسألة الكردية في العراق إلى 1961) ويعطي أي. ام هاملتون تفاصيل كثيرة عن طبيعة وحياة وعادات وتقاليد الأكراد في شمال العراق في كتابه (طريق في كردستان) ولكنه لا يتعرض لليهود في المنطقة الشمالية إلا قليلًا، فيذكر في ص54 أن اليهود يعيشون مع المسيحيين في المناطق الكردية بدعة وبسلام وفي ص148 يقول: إن اليهود في شمال العراق أحفظ الطوائف لشعائر دينهم، فلا ترى يهوديًّا واحدًا يشتغل يوم السبت، وهم يعيشون في القرى في كنف شيوخ العشائر الكردية، ويعاملون معاملة طيبة، ووجدنا أن العديد من الرحالة والباحثين الذين كتبوا عن المنطقة الكردية في العراق، لم يتناولوا الأوضاع الحياتية والاقتصادية للطائفة اليهودية المنتشرة في القرى والمدن هناك في حين اهتم بأوضاع اليهود الرحالة من اليهود.
وقبل الخوض في تفاصيل حياتهم وتعدادهم، لا بد من دراسة المرحلة التي وصلوا خلالها إلى شمال العراق، وذلك في زمن الحكم الآشوري، ويقسم المؤرخون العهد الآشوري (911-612) إلى ثلاثة أدوار: دور الإمبراطورية الأولى (911-824 ق.م) والثانية (824-745 ق.م) والدور الثالث (745-612 ق.م). ويقول اندري بارو عن الآشوريين في كتابه (بلاد آشور نينوى وبابل): لم يكن الآشوريون الذين ظفروا بالسيطرة على بلاد الرافدين من الوافدين الجدد إلى المنطقة قط، فالواقع أنه من بين كل الشعوب التي حكمت بلاد الرافدين خلال الألفي سنة السابقين لا يوجد أقدم منهم من يزعم انتسابه إلى هذه البلاد، فنحن نجدهم يستوطنون منطقة أعالي دجلة منذ بداية فجر التاريخ، وأن رقيمًا مكتوبًا يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، يدرج أسماء ما لا يقل عن مئة وسبعة عشر ملكًا، ومثل هذا الاستمرار يغدو أكثر وضوحًا عندما نقارنه بأحد عشر ملكًا من أكد، وبخمسة ملوك من أور الثالثة وبأحد عشر ملكًا من بابل الأولى، وحتى بالستة وثلاثين ملكًا كشيًّا.
وكان أول احتكاك بين الآشوريين وإسرائيل قد حدث في زمن شلمنصر الثالث (859-824ق.م) خلف وابن الملك آشور ناصر بال الثاني فورث عن أبيه إمبراطورية شاسعة برهن على أنه كفء للمحافظة عليها ودعم نفوذه فيها بل وعلى توسيعها أيضًا.
ويبدو أن شلمنصر الثالث كان مشغولًا أغلب الوقت في سوح المعارك، وقد كرس واحدًا وثلاثين عامًا من عهد حكمه، الذي دام خمسة وثلاثين عامًا لشن الحروب على الأعداء، فوطأت أقدام الجنود الآشوريين أماكن نائية لم يبلغوها من قبل، في أرمينيا وكليكية وفلسطين وفي قلب جبال طوروس وزاكروس وسواحل الخليج العربي (جورج رو، العراق القديم ص397)، وفي سنة 853 ق.م خاض حربًا مع الآراميين، الذين ألفوا اتحادًا مع بقية الممالك الآرامية وفينيقيا وإسرائيل، ومع أن هذه المعركة التي وقعت في القرقار على نهر العاصي في سوريا لم تكن حاسمة، إلا أن الآراميين وحلفاءهم تكبدوا خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات وقد تمكن شلمنصر الثالث من إخضاعهم للجزية.