كعادة برنامجي اليومي أخصص وقت الفترة المسائية ما بين العصر والمغرب لرياضة المشي برفقة شقيقي الأكبر، نجوب خلالها طرقات البلدة بين المزارع والبساتين وسواقي الفلج بعيداً عن صخب وضجيج المدينة وحركة السيارات نستذكر خلالها العديد من السوالف والحكايات عن الحارة والنخل وأهلها الطيبين وصحن التمر وفناجين القهوة التي كانت عامرة في ذلك الوقت بأهل البيوت القديمة في الضواحي وآملين العودة مجدداً لتعمير وتجديد هذه البيوت التي أصبحت هادئة بسكونها وأغلبها اتخذت مسكناً للعاملين بالمزارع ونحن نسارع خطواتنا يستوقفنا ذلك المشهد الجميل والرائع شيابنا يحرثون ويزرعون المحاصيل الموسمية من خضراوات وقت وأعلاف حيوانية، وغيرها يضربون لنا المثل الأعلى في قيمة العمل بسواعدهم وجهدهم وعرقهم بجانب عنايتهم بالنخلة والتي تمثل عمود الزراعة فبكل جوارحهم يسعون في الأرض وقلوبهم تتوكل وترجئ خير الأرض وعطاءها من ثمار ومحاصيل انتاجية تعود بالنفع عليهم وعلى أسرتهم ومجتمعهم حقيقة القلوب لتسعد وتفرح والأرض تزهو وتعمر وهذا ما يثلج الصدور ويأنسها ويدعونا جميعاً على المحافظة بإرث آبائنا وأجدادنا ومهنتنا وعدم الاتكالية على الغير فكم من الشباب ضربوا المثل في قيامهم باستصلاح الأراضي واستغلالها بزراعة المنتجات وارتبطوا بأرضهم ارتباطاً وثيقاً كانت لهم مصدر رزق ولعوائلهم وانتهجوا مسلك آبائهم، وهذه الصورة الجمالية تجعلنا أن نهمس لشبابنا ونقول اجعلوا من جميع جوارحكم أن تعمل بدون كلل أو ملل واقترنوا بأرضكم واغرسوا نبتتها في نفوس الأبناء بارتباطهم بهذه المهنة العريقة وقلوبكم تتوكل وتنبض بالآمال والطموحات ونبات خير أرضكم.

سعيد بن علي الغافري
مسئول مكتب (الوطن) بعبري