ـ تمكنت الإمارات من تطوير بيئة أعمال اقتصادية نشطة ومزدهرة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة
ـ ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية ونبذ التمييز والكراهية وقبول الآخر من خلال تبني برامج وطنية بالشراكة مع مختلف الجهات المحلية والإقليمية والدولية

تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام بمرور سبعة وأربعين عاماً على قيام الاتحاد، وتمثل هذه المناسبة فرصة لمواطني الدولة والمقيمين على أراضيها للاحتفاء بإنجازات الدولة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وإخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، والتعبير عن الفخر والاعتزاز بهذه الإنجازات التنموية والحضارية. وتتزامن احتفالات الدولة باليوم الوطني الـ 47 مع إعلان عام 2018م في دولة الإمارات العربية المتحدة بـ "عام زايد"، وذلك احتفاءً بالذكرى المئوية لميلاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الوالد المؤسس لدولة الإمارات، والذي لقب بـ "حكيم العرب"، لما عرف عنه من حكمة واسعة ونفاذ بصيرة، ولدوره وسياساته في بناء الدولة، وتحقيق تنميتها وتعزيز اقتصادها وأمنها الوطني، وقيادتها نحو مستقبل زاهر.

حيث مثّلت قيم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه الأسس والمرتكزات التي قامت عليها النهضة الحضارية والتنموية المعاصرة في الدولة، حيث استلهمت القيادة هذه القيم في بناء مستقبل زاهر لدولة الإمارات، وتعزيز مكانتها المرموقة بين دول المنطقة والعالم، وتثبيت موقعها كواحة للأمن والسلام والاستقرار السياسي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتسامح.

إذ عملت دولة الإمارات على ترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية، ونبذ التمييز والكراهية، وقبول الآخر، من خلال تبني برامج وطنية بالشراكة مع مختلف الجهات المحلية والإقليمية والدولية. وتعتبر دولة الإمارات اليوم نموذجاً وقدوة تحتذى في التسامح وقبول الآخر لاحتضانها أكثر من 200 جنسية على أراضيها يعيشون بانسجام ووئام، حيث يضمن القانون الحق للمقيمين في استخدام مرافق الدولة الصحية والتعليمية والثقافية والترفيهية أسوة بمواطنيها بدون أي تمييز.
وقد عيّنت الدولة وزيراً للتسامح، يعمل على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي، ودعم الخطاب الديني المعتدل، كما تلتزم دولة الإمارات بالعديد من الاتفاقيات الدولية المعنية بالتسامح والتعايش ونبذ العنف والتطرف، منها على سبيل المثال لا الحصر: الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1974، وأقرت دولة الإمارات العديد من التشريعات والتدابير والمبادرات والإجراءات التي تسهم في تعزيز ثقافة التسامح على المستوى الوطني، من بينها قانون "مُكافَحَةِ التَّمْييزِ والكراهية"، والذي شَمَلَ مواداً تُجرِّمُ التَّمْييزَ بينَ الأفرادِ أو الجماعاتِ على أساسِ الدينِ أو المذهبِ أو العِرْقِ أو اللونِ أو الأصل، أو اسْتغلالِ الدِّينِ في التكْفير، أو دَعْمِ الإرْهابِ مالياً.

من جهة أخرى، فقد نجحت دولة الإمارات في بناء اقتصاد متكامل ضمن مراحل زمنية متتالية، وتمكنت من تطوير بيئة أعمال اقتصادية نشطة ومزدهرة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة في الوقت الحالي، حيث تصدّرت الإمارات الدول العربية في قدرتها على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام 2017، ما كرّس مكانتها كمركز تجاري استراتيجي يقدم للمستثمرين الأجانب فرصة الدخول إلى الأسواق الأقليمية، فضلا عن الحرية في تحويل الأموال والأرباح، بالإضافة إلى وجود نظم وتشريعات قانونية فعالة، ومحاكم محايدة، وقوانين وتشريعات لحماية رأس المال الأجنبي، وتعريفات جمركية منخفضة تتراوح ما بين 0 – 5% تقريباً على كافة السلع.
ويمثل إكسبو دبي 2020 أحد أهم الإنجازات التي يجري العمل حالياً على تحقيقها في الآونة الأخيرة، حيث يمثل المعرض تطبيقاً فعالاً لسياسات التعاون الدولي، وذلك لدوره في توسيع وتعميق علاقات الدولة الثنائية ومتعددة الأطراف، حيث يتوقع أن يستضيف المعرض أكثر من 200 دولة مشاركة، وأكثر من 25 مليون زائر، ما يسهم في تقوية وترسيخ التفاهم الثقافي بين الأمم وتغيير المفاهيم السائدة حول المنطقة، فضلاً عن دوره في ترسيخ مكانة الدولة كمهدٍ للتكنولوجيا الناشئة وبيئة حاضنة للمشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في المنطقة.
ولم تقتصر إنجازات الدولة على المستوى المحلي على الجانب الاقتصادي، وإنما تخطت الإنجازات كافة التوقعات والحدود لتعانق الفضاء. ففي إنجاز تاريخي غير مسبوق، أعلنت الإمارات عن إطلاق القمر الاصطناعي الإماراتي «خليفة سات» بنجاح، والذي يُعد أول قمر اصطناعي إماراتي صُنع بالكامل في الدولة وبأيدي مهندسين إماراتيين 100%، وذلك في خطوة تؤسس لمرحلة جديدة في قطاع الفضاء الوطني.
وعلى الصعيد الداخلي أيضاً، تبقى المرأة الإماراتية حجر زاوية أساسي ليس في الحاضر الإماراتي فحسب، بل في مستقبله كذلك. حيث ترى الدولة أن التقدم في القضايا المتعلقة بحقوق النساء أمرٌ محوري لبناء مجتمع عصري يتحلى بالتسامح. ومن خلال إدراكها للمزايا العائدة من هذا الأمر، تعمل الإمارات دون كلل لضمان تمكين النساء في بقية أنحاء العالم من الاستمتاع بنفس الشعور بالتقدير والشراكة. وتتصدر الإمارات العربية المتحدة العديد من المؤشرات الإقليمية والعالمية فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وإنجازات المرأة، والتعليم ومحو الأمية، ونصيب المرأة في قطاع التوظيف، ومؤشر "معاملة النساء باحترام" ضمن مؤشرات الرقم القياسي للتقدم الاجتماعي، إلى جانب مؤشرات عديدة أخرى. علاوة على هذا، تسهم المرأة في ملكية ما يقرب من نصف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المجتمع. وتدعم دولة الامارات مشاركة المرأة في صنع القرار، كونه يشكل دعامة رئيسية لتمكينها اقتصادياً، ولذا أصدرت الحكومة عام 2012 قانوناً يلزم جميع المؤسسات الحكومية بتمثيل العنصر النسائي في مجالس الإدارات، وقد بلغت نسبة تمثيل النساء 15% في المؤسسات الحكومية. وهي تمثل 20% من عضوية البرلمان، و27% من التشكيل الوزاري الجديد للحكومة عام 2016، بينهم 8 وزيرات من بينهن اصغر وزيرة في العالم تبلغ من العمر 23 عاماً.
وعلى الصعيد الدولي، يمثل تمكين النساء والفتيات أحد مجالات التركيز المواضيعية العالمية الثلاثة التي ترتكز عليها سياسة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات العربية للفترة 2017-2021؛ كما أنها أحد مجالات التركيز الاستراتيجية لوزارة الخارجية والتعاون الدولي. وتلتزم دولة الإمارات تمكين النساء والفتيات في مجال ريادة الأعمال حيث تعهدت بما قيمته 50 مليون دولار أميركي لمبادرة تمويل رائدات الأعمال (WeFi)التي أطلقها البنك الدولي، وستسهم تلك المبادرة في حشد ما يزيد عن مليار دولار أميركي في صورة تمويلات لرائدات الأعمال.
ومن خلال مساعداتها الخارجية تم توجيه ما يزيد عن 14 في المائة من إجمالي المساعدات الخارجية لدولة الإمارات المقدمة خلال عام 2016 لصالح تمكين النساء والفتيات في مختلف أنحاء العالم. وبعد خصم الدعم ثنائي الأطراف لميزانيات الحكومات، والذي يمثل ما يزيد عن نصف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة من دولة الإمارات خلال عام 2016، تصل نسبة المساعدات الهادفة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة إلى ما يقرب من ثلث المساعدات الإجمالية.

وعلى الصعيد الخارجي، مثّلت رؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إلهاماً للسياسة الخارجية لدولة الإمارات، والتي التزمت ببناء جسور الصداقة، والعمل والتعاون مع الدول الأخرى، وفقاً لروح ميثاق الأمم المتحدة المبني على الالتزام بالأخلاق والمثل والمبادئ الدولية. واليوم تستمر دولة الإمارات بدعم أهداف التنمية المستدامة، والتي تمثل خارطة طريق أو مساراً محدداً لبناء غد أفضل وأكثر استدامة للعالم والأجيال القادمة. كما وتبقى دولة الإمارات مستمرة في تكريس جهودها لمواجهة التحديات العالمية الرئيسية، ولا سيما تلك المتعلقة بالقضاء على الفقر، والحفاظ على البيئة ومواجهة التغير المناخي، وإرساء أسس وقواعد العدل والسلام، ودعم وتعزيز التقدم العالمي.

وقد عملت دولة الإمارات على تبني دبلوماسية نشطة قامت على الانفتاح على العالم الخارجي، وتمكنت الدولة من نسج شبكة علاقات واسعة مع مختلف دول العالم، استندت في جوهرها على احترام مبادئ ومواثيق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وعلى رأسها الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

ولم تكن من قبيل الصدفة أو المفاجأة أن تحافظ دولة الإمارات للعام الخامس على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية قياساً لدخلها القومي، بنسبة 1.31 في المئة، حيث تقترب مساهمة دولة الإمارات من ضعف النسبة العالمية المطلوبة، وهي 0.7 في المئة التي حددتها الأمم المتحدة بمثابة مقياس عالمي لقياس جهود الدول المانحة، وفقا للبيانات الأولية التي أعلنتها لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.