[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2017/03/rajb.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. رجب بن علي العويسي[/author]
لمفردة الصيف في العمل الشرطي خصوصيتها التي تتفرد بها عن بقية الأوقات، نظرا لما يتيحه الصيف من فرص أكبر للسياحة والتنقل والاستجمام والترويح والزيارة للمواقع السياحية والتعرف على المفردات الحضارية والثقافية والتاريخية الوطنية، وما يستدعيه ذلك من جاهزية الشرطة في التعامل مع كل الحالات التي يتطلبها تحقيق صيف آمن، وسياحة يشعر فيها السائح بالأمان والاستقرار والطمأنينة، فإن مسؤولية شرطة عمان السلطانية ودورها المحوري في تحقيق الأمن الوطني وترسيخ الوعي الاجتماعي وبسط شراع العدالة والنظام، يتأكد اليوم في قدرتها على تحقيق هذه الغايات بكفاءة عالية عبر استعدادات نوعية وأدوات مبتكرة وآليات تضمن تحقيق أمن الصيف وأبعاده الإنسانية. وتأتي الجهود الشرطية المستمرة في الاستعداد المبكر لفترة الصيف واستيعاب ما فيه من مناشط وفعاليات وبرامج سياحية، وما يرتبط به من كثافة بشرية في المرافق والمواقع السياحية ونشاط مروري نشط في شبكات الطرق الرئيسية بين المحافظات أو تلك المؤدية إلى محافظة ظفار بشكل خاص، عبر خطة أمنية شاملة واستراتيجية عمل شرطية متكاملة تستهدف توفير المظلة الأمنية للسياح من المواطنين والمقيمين والزوار، وفق منظومة سياحية خالية من المنغصات بعيدة عن كل مسببات القلق وعدم الارتياح.
وعليه يأتي انطلاق قوة إسناد شرطة عمان السلطانية بمختلف تشكيلاتها ووحداتها وإداراتها إلى محافظة ظفار للمشاركة في تأمين فعاليات مهرجان صلالة السياحي لعام 2018 إيمانا بالمسؤولية الأمنية وإدراكا للدور الشرطي في تحقيق الاستقرار الوطني، واستمرارا للجهود الشرطية في تعزيز تواجدها في كل المواقع السياحية بالسلطنة عامة ومحافظة ظفار بشكل خاص لضمان تقديم الدعم والمساندة للسياح وتحقيق مساحات أكبر من الأمان والاستقرار النفسي والعائلي لدى كل الزوار لهذه المواقع للاستمتاع بقضاء صيف آمن وإجازة ممتعة، على أن الآلية التي اعتمدتها القيادة العامة للشرطة ووجهت إليها في انطلاق هذه القوة وإعطائها إشارة البدء بالانتشار في المواقع المخصصة لها تعبير واضح عن الجاهزية الشرطية التي تشهد تحولات نوعية في مسار الأداء الشرطي وما يتميز به من إنجازات متواصلة كما نوعا وكفاءة وتدريبا وتنظيما وجاهزية، والتي أضحت اليوم شاهدا على الرعاية السامية للقائد الأعلى لشرطة عمان السلطانية ـ حفظه الله ورعاه ـ وحرص القيادة العامة للشرطة على وضع التوجيهات السامية موضع التنفيذ في كل ما من شأنه حفظ الأمن وتعزيز الوعي وترسيخ النظام وحماية المنجز الوطني والإعلاء من شأن الإرادة العمانية الداعمة لأخلاق النهضة.
لقد اتسمت الجهود الشرطية في التعامل مع مفردة الصيف بالتنوع والتكامل في رسم خريطة عملها وطريقة أدائها واتخذت بدورها مواقع محددة تتابع من خلالها مسار تحقيق الهدف وبلوغ المسار بمحافظة ظفار وعلى امتداد الطرق المؤدية إليها، وتأمين مواقع الفعاليات بمهرجان صلالة السياحي بما يضمن تحقيق أعلى مستويات الجاهزية الأمنية والضبط الأمني والمروري، وتحقيق ثقافة الوقاية اللازمة في التعامل مع كل المعطيات والمواقف الحاصلة التي قد تلازم سلوك السائح أو تتقاطع مع خياراته ورغباته، إضافة إلى تسهيل إنجاز كافة العمليات الشرطية المرتبطة بالمهرجان أو بالسياحة الداخلية عبر إسناد المنافذ البرية والبحرية والجوية للسلطنة بالقوة البشرية الشرطية المناسبة لتسهيل وتبسيط الإجراءات المتعلقة بالجوانب الجمركية وأعمال الجوازات والتأشيرات وغيرها، بالإضافة إلى تنفيذ الزيارات الميدانية للمواقع التي تقام عليها النقاط الأساسية الثابتة للمراقبة الأمنية الوقائية العامة والمرورية على طول مسارات الطرق التي يسلكها زوار محافظة ظفار، والوقوف على كفاءة وفاعلية المتطلبات المرورية والدفاع المدني والإسعاف وعبر قيادات الشرطة بالمحافظات ومراكز الشرطة المنتشرة بها.
إن الحديث عن الجاهزية الاستباقية الشرطية في التعاطي مع صيف عمان، يعكس حرص القيادة العامة للشرطة على الحضور الشرطي في كل مواقع العمل والمسؤولية بما يضمن أمن وسلامة الإنسان على هذه الأرض الطيبة، ويؤكد في الوقت نفسه منحى الإنسانية التي يؤمن بها العمل الشرطي في تنفيذ مهامه كأولوية تسبق أي توجهات أخرى تنفيذا للمبادئ العليا للعمل الشرطي التي تؤكد على الشراكة والتعاون والمسار الذي تبنته شرطة عمان السلطانية في خدمة هذا الوطن الغالي والوفاء لإنسانه والولاء لجلالة القائد الأعلى ـ أعزه الله ـ من أجل بناء وعي أمني لدى السائح بأهمية هذه الجهود ودورها في خفض حالة القلق لديه وتعزيز مساحات الأمان له وبناء مسارات أكبر للوقاية الذاتية في ظل برامج التوعية والتثقيف التي تنفذها الإدارات والوحدات الشرطية ذات العلاقة، والتي تسعى في الوقت نفسه إلى خلق تناغم مع المنجز الشرطي عبر التعريف بالخدمات الشرطية والأنشطة العملياتية التي تقدمها وحدات الشرطة، والتسويق للمعرض الشرطي المصاحب للمهرجان، أو عبر الرسائل النصية ومواقع شرطة عمان السلطانية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها بالشكل الذي يضمن الاستفادة من الإحصائيات الشرطية وتحسين الكفاءة الشرطية وآلية تقديمها للخدمات والتزامها بالمعايير التنافسية المتابعة شخصيا من قبل القيادة العامة للشرطة، والاستفادة من مشاركة المجتمع المحلي بالأفكار والمقترحات العملية التي من شأنها تجويد الخدمة الشرطية.
من هنا تأتي أهمية الوعي الذي يبديه المواطن لهذه الجهود واقتناعه بها وإدراكه لمسؤولياته نحوها، فإن المسؤولية الأمنية وصناعة السلوك الأمن لا تتحقق إلا في ظل شراكة مجتمعية واقتناع الجميع بمسؤوليته في تحقيق الممارسة الأمنية الهادفة وتعزيز مساحات الأمان الأسري والعائلي نحوها، ويصبح بناء هذه الموجهات عملية مستمرة لا تقتصر على فترة الصيف دون غيرها ولا ترتبط بتواجد القوة الشرطية فقط، بل في كونها سلوك وطني ينبغي أن يتناصح الجميع فيه، على أن التحذيرات الشرطية المستمرة حول توقعاتها بانتشار بعض الحالات السلبية في ظل تزايد أعداد السياح بمحافظة ظفار ـ مثلا ـ من حيث الاعتداء على المسطحات الخضراء بالتفحيط والاستعراض بالمركبات فيها أو في الأحياء السكنية والتسبب في الازدحام المروري، والتصرفات السلبية التي قد تعرض حياة الآخرين للخطر، أو حالات الجرائم كالسرقات للممتلكات الخاصة أو التخريب للممتلكات العامة والمناظر الطبيعية أو حالات التسول والاحتيال التي قد تحصل وتتواجد في المواقع السياحية المختلفة ويجد فيها هؤلاء بغيتهم لتحقيق أهدافهم، أو تلك الممارسات المخلة بالآداب العامة والالتزام بالنظام والتي تتنافى مع القوانين الوطنية النافذة، فإن هذه المنغصات لأمن الصيف تستدعي أن يكون المواطن واعيا بها مدركا لمخاطرها وتأثيرها على الأمن العام، فيكون عينا لوطنه مبلغا عن أي شبهة بممارسة مريبة أو مشاهده تثير بعض الشكوك أو جنحة تستهدف تخويف الناس وإرهابهم، فيبادر بإبلاغ الجهات المختصة بشرطة عمان السلطانية ويساهم في رصد مثل هذه الممارسات للوقاية منها وسد منابع ظهورها.
إننا في عالم يتسع للكثير من المتناقضات التي باتت تسيء إلى أخلاقيات الإنسان العماني وهويته وقيمه الأصيلة، ونظرا لتزايد عدد السياح من خارج السلطنة يصبح من الأهمية بمكان إدراك المواطن لهذه المبادئ والقواعد التي تعمل عليها شرطة عمان السلطانية ومؤسسات الدولة المختلفة، وإن التواجد الشرطي المستمر في مختلف المواقع السياحية والطرق المؤدية إليها، يستهدف بناء ثقافة الوقاية وتعزيز حضورها في واقع حياة الإنسان العماني، فهل سنعي كمواطنين مسؤولياتنا في تحقيق ذلك، ونكون لوطننا العين الساهرة التي تحفظ له حدوده وتصون مبادئه وترقى بإنجازاته؟