مسقط ـ الوطن:صدر للدكتور صالح البلوشي كتابان توثيقيان لمسيرة اثنين من سلاطين عمان، جاء الأول بعنوان "صفحات من حياة السلطان تيمور بن فيصل" ويقدم الكاتب من خلال هذا الكتاب سردا لجوانب من مسيرة حياة رجل جليل لعب دورا في تاريخ عمان الحديث لحوالي عقدين من الزمن في ظل ظروف بالغة الصعوبة سعى وجهد خلالهما في أن يمنح وطنه ورعيته أفضل ما يستطيع تقديمه رغم كل التحديات التي واجهته، فقد تولى السلطان تيمور بن فيصل مقاليد الحكم في سلطنة مسقط وعمان قبيل أشهر قليلة من نشوب الحرب العالمية الأولى، وخلال فترة حكمه وقعت أحداث عصيبة جدا، فجهد واجتهد ليقيل العثرات، ويسهل الأمور، ولكن ضعف الموارد المالية لدولته كانت عائقا رئيسا أمامه ليحقق ما يريد. ويتطرق الكتاب لجوانب عدة من حكم السلطان تيمور الذي استمر لما يقارب العقدين من الزمن، مسلطا الأضواء على الوضع المالي للدولة، واتصاله في مصر طالبا المساعدة لإصلاح الجمارك، ومحاولاته لإصلاح النظام القضائي، وإنشاء أول قوة عسكرية نظامية في تاريخ عمان، ومرضه وسفره إلى المملكة المتحدة للعلاج، وكيف بدأت علاقته باليابان وإلى أي مدى وصلت هذه العلاقة، إضافة لأمور أخرى.في مقدمة الكتاب يشير الدكتور صالح البلوشي إنه لمن العدل والإنصاف قبل الحديث عن سيرة حاكم من الحكام أن نعرف الظروف التي سادت قبل وخلال فترة حكمه، والصعاب والمعوقات التي حالت بينه وبين ما كان يتمناه لشعبه ووطنه، والإمكانات التي كانت متاحة وميسرة له حتى يتمكن من تحقيق أمنياته.أما الكتاب الثاني فجاء بعنوان "صفحات من حياة السلطان سعيد بن تيمور" ، والكتاب لا يسرد السيرة الكاملة للسلطان سعيد بن تيمور، بل يتطرق لجوانب من حياته ومساهماته لعمان وأهلها متحدثا عن نشأته وتعليمه، وجولاته الميدانية الداخلية، وتسلمه لمقاليد الحكم، والوضع المالي للدولة، ورحلته حول العالم.ويتطرق الكتاب إلى حياة سلطان مسقط وعمان الراحل منها نشأته وتعليمه والوضع المالي للدولة خلال فترة حكمه وتفاصيل رحلته حول العالم، والآمال التي بناها لخدمة وطنه وشعبه، وهي الآمال التي لم يتمكن من تنفيذ أغلبها إلا مع تصدير أول شحنة من النفط العماني إلى الخارج في 27 يوليو 1967.يقول الكاتب الدكتور صالح البلوشي: يركز الكتاب حول حقائق جوهرية لا يمكن إهمالها أو نسيانها أو تناسيها، منها على سبيل المثال لا الحصر أن السلطان سعيد تولى مقاليد أمور دولة بحجم سلطنة مسقط وعمان في عام 1932 أي بعد أعوام قلائل من نهاية الحرب العالمية الأولى والتي كان لها آثار اقتصادية شديدة السوء على دول العالم، ومن بينها عمان.وفي سياق كلمته يقول : سيظل التاريخ يذكر أن السلطان سعيد كان في الثانية والعشرين من عمره عندما استلم الحكم وخزينة الدولة خاوية على عروشها وتئن تحت وطأة ديون وفوائد ديون أثقلت كاهل مواردها الشحيحة أصلا، ومما زاد الأمر سوءا موجة الجفاف التي ضربت البلاد وتسببت في موت الكثير من الأشجار والمزروعات مما اضطر الكثير من المزارعين للهجرة إلى زنجبار وهو ما أضاع على الخزينة إيرادات الضرائب فأصابتها في مقتل، ولازال المنصفون يذكرون صمود السلطان سعيد أمام التحديات الجسام التي واجهت البلاد وأنه قاد البلاد خلال الحرب العالمية الثانية واجتهد لإزالة آثارها الاقتصادية السيئة، وواجه الاضطرابات الداخلية الكثيرة التي عصفت بالبلاد.وضمن مقدمة الكتاب يشير الكاتب : لا يجب أن نتناسى بأن المصاعب المالية كانت السمة الغالبة على فترة حكمة فحالت دون تنفيذه لمشاريع تنموية على نطاق واسع، وهو ما دفعه للتمسك بمقولته الشهيرة "لا أنفق ما لا أملك". ولكن مع ظهور التباشير الأولى لاكتشاف النفط بكميات تجارية انتعشت آماله لتنفيذ ما كان يطمح إليه فوضع "برنامج التنمية المدنية" ليحقق ما لم يتمكن من تحقيقه في السنوات الماضية من حكمه.سعيد بن تيمور، السلطان السابع لسلطنة مسقط وعمان التي كانت خلال حكم جده، سعيد بن سلطان، إمبراطورية مترامية الأطراف تشمل مسقط وعمان، وجوادر، وبندر عباس، والصومال، وأجزاء شاسعة من شرق افريقيا وصلت حتى كيب دلجادو في شمال موزمبيق، ويضيف : تميزت فترة حكمة بمصاعب مالية جمة فعمل جاهدا لحلها وتخطيها، وكان من بين اجتهاداته في هذا السياق الاطلاع على تجارب الدول الأخرى فقام بجولة حول العالم زار خلالها الهند، وسنغافورة، واليابان، وبريطانيا، ومصر، كما زار الولايات المتحدة الأميركية بدعوة من رئيسها فرانكلين روزفلت الذي استقبله في البيت الأبيض في 3 مارس 1938 وبذلك أصبح أول حاكم لدولة عربية يزور أميركا.