يعد أحد أهم كتّاب النثر والرحلات بالسلطنةإعداد ـ فيصل بن سعيد العلوي و خميس السلطي :فقدت الساحة الثقافية والأدبية بالسلطنة فجر الأمس الشاعر والأديب العماني محمد بن أحمد الحارثي بعد صراع مع المرض، وخلال مسيرته الأدبية صدرت لمحمد الحارثي مجموعة من الكتب منها كتاب " حياتي قصيدة وددتُ لو أكتبها " وهو كتاب احتفائي صدر عن دار " سؤال " اللبنانية و"عيون طوال النهار 1992 (شعر) وكل ليلة وضحاها 1994(شعر) وأبعد من زنجبار 1997(شعر) و" فسيفساء حواء" و" لعبة لا تُمَلّ " و" عودة للكتابة بقلم رصاص " بالإضافة الى كتابين في أدب الرحلات ورواية عنوانها " تنقيح المخطوطة " صدرت عن دار الجمل عام 2013 وكتاب مقالات بعنوان "ورشة الماضي " صدر عن الانتشار العربي ببيروت عام 2013. كما جمع الشاعر والأديب محمد بن أحمد الحارثي مختارات من بعض قصائده الشعرية في كتاب أسماه " قارب الكلمات يرسو " صدر عن دار بيت الغشام للنشر والترجمة. كتبت دراسات عن مجموعته الشعرية بأقلام نوري الجراح "صحيفة الحياة"، وأمجد ناصر "جريدة القدس"، ولينا الطيبي "الحياة"، ويوسف أبولوز "الشروق"، ودراسات أخرى في بعض الصحف المغربية والعمانية. وقد ترجمت مختارات من قصائده إلى الإنجليزية، الألمانية، واليابانية، وقد فاز بجائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة عام 2003، عن اصداره "عين وجناح". ولد الراحل في عام 1962 في المضيرب، وهو حاصل على بكالوريوس جيولوجيا وعلوم بحار من جامعة قطر 1986 وعمل في مركز العلوم البحرية والسمكية 87 ـ 1990 ، ونشر شعره في الدوريات العربية مثل (الكرمل) و(مواقف).نعي "الكتّاب والأدباء"وقد نعت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء الشاعر محمد الحارثي، حيث قال الشاعر والكاتب المهندس سعيد بن محمد الصقلاوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء: محمد الحارثي رحمه الله وغفر له أعرفه من بداياته الشعرية الأولى، إضافة إلى معرفتي بوالده الشيخ أحمد الحارثي شاعر الشرق، فالشاعر محمد الحارثي كان منذ البداية يكتب الشعر بتمكن لأنه كان شاعرا مطبوعا وموهوبا وكانت لغته الشعرية رائعة جميلة جدا، وانضباطه اللغوي كان مشهودا له، كما إنني رافقته لمرات عديدة في رحلات شعرية، منها في المربد في العراق ومهرجان الشعر في قطر وعرفته عن قرب من خلال حضوره الأدبي الشعري في النادي الثقافي ضمن أمسيات وفعاليات متعددة منذ الثمانينيات، ولا ننسى أن الشاعر محمد بن أحمد الحارثي كاتب في أدب الرحلات ومتميز في هذا الجانب وحاز كتابه (عين وجناح) المركز الأول في أبوظبي، كما كتب مقدمة جزلة لدراسة شعر الشاعر الكبير العماني أبو مسلم البهلاني الرواحي، وهذه المقدمة بمثابة قراءة نقدية مهمة في شعر أبي مسلم، كما أن للشاعر محمد الحارثي مساهمات عديدة في الكتابة في الصحافة والمجلات العمانية والعربية، إلى جانب تجربته الروائية، فإبداع الشاعر الحارثي لم يكن مقصورا على مجال بعينه وإنما كان متشعبا وثريا.أضاف الصقلاوي: الشاعر محمد الحارثي إنسان متميز ورقيق وهو من الرعيل الأول الذين جنحوا إلى كتابة قصيدة النثر في عمان على الرغم من أنه شاعر عمودي وتفعيلي بامتياز، نتمنى له الرحمة وأن يتقبله الله قبولا حسنا ويسكنه فسيح جناته.حزن كبيرمن جانبه قال الأديب والشاعر مبارك العامري : ينتابنا حزن كبير لرحيل رمز الثقافة والأدب في بلادنا، الشاعر محمد بن أحمد الحارثي ، فمحمد ليس شاعرا كبيرا وحسب وإنما هو كاتب متمكن، كما إنه من أوائل الذين كتبوا في أدب الرحلات في عمان وأجزم إنه الوحيد، ويكفي اشتغاله الأدبي على الأعمال الكاملة لشاعر عمان الكبير أبو مسلم البهلاني، تحقيقا ونشرا، ومعرفتي بمحمد الحارثي بعيدة وقديمة فقد بدأت رحلتنا معا في مجال الأدب والكتابة منذ أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات، وأذكر في مطلع الثمانينيات، أنني أجريت حوارا صحفيا حين كنت أعمل في مجال الصحافة الأدبية، مع والده شاعر الشرق الشيخ أحمد بن عبدالله الحارثي، في منزله في مسقط، وحين سألته هل ثمة أحد من أولادك لديه ملكة الشعر والكتابة كأبيه، فأجابني بأنه يتنبأ بمحمد شاعرا في المستقبل، وكان حينها طالبا في إحدى مدارس مسقط، ولم يُعرف محمد أنذاك كشاعر، وقد تحققت هذه النبوءة فيما بعد وأصبح أحد رموز الشعر الحديث في عمان وأحد الشعراء الذين يشار إليهم بالبنان.أضاف العامري: في حقيقة الأمر أشعر بحزن عميق لفقد الشاعر الأخ والصديق محمد الحارثي وأقول وداعاً يا رفيقَ الكَلِمَةِ والدربِ والرُّوح ، ولترقد روحُكَ النقيةُ بِسَكينَةٍ وسَلام ، رحيلُك، موْجِع، كطعنة مُبَاغِتَةٍ في الْقَلْب، ستبكيكَ عُمَان طويلاً، وسيفتقدكَ عميقاً الأصدقاء، رحم الله أخي وصديقي العزيز العزيز محمد الحارثي وأسكنه فسيح جناته.نعي الأصدقاءعبر أصدقاء الراحل عن حزنهم لفقد الشاعر محمد الحارثي عبر وسائل التواصل التواصل الإجتماعي حيث قال الإعلامي والروائي محمد اليحيائي في حسابه "خسارة الحركة الثقافية في عُمان لا تعوض .. محمد الحارثي، الذي رحل اليوم، لم يكن مجرد شاعر، ولا مجرد مثقف، بل كان روحا وثابة متقدة محتشدة بالرفض والتمرد..كان ثوريا بكل معنى الكلمة، حتى على نفسه وتجربته. يا لخسارتنا الفادحة!.من جهته قال الإعلامي عبد الباري عطوان : خسرت الثقافة العربية أديبا وشاعرا وكاتبا وزميلا مبدعا بوفاة محمد الحارثي وأتقدم باحر التعازي للاسرة الأدبية والصحافية العمانية الى جانب أسرته وعائلته بهذا المصاب متمنيا ان تكون الجنة مثواه الأخير.وقال الشاعر طالب المعمري عبر حسابه : يغادرك الأحباب.. الرحيل الصعب... هذا. ما تخبئه الحياة. ، كما قال الشاعر عوض اللويهي : الشاعر محمد الحارثي عبر صباح الأحد 27 مايو 2018 مضيق الحياة إلى ضفاف الأبدية.. فقد جارح ولتسكن روحك في سلام أبدي.وقال الشاعر يونس البوسعيدي : محمد الحارثي القادم من البيت العُماني المعتّق بتاريخ الإمارة الحارثية العمانية، التي كان أبو مسلم البهلاني يبعث لهم بقصائده شكرًا، لم يسمحْ تمردُهُ له أنْ يبقى في تلك المساحة المشاعة له. فتوغّل وأضاء في تجربة الشعر الحديث، ومثّل لي (شخصيًا) تجربة أحترمها بصدق في الشعر الحديث (العُماني)، مع صالح العامري وعبدالله البلوشي وعبديغوث وزاهر السالمي وثُم زهران حمدان القاسمي، طبيعة التمرد تلك دفع محمد الحارثي ضريبتها في مسيرة حياته المجتمعية المعروفة، وكان خروجه المدوّي من بيته ليس من نطاق الشِعر العمودي للنثريّ فحسب، بل خرج من التصالح مع السلطة للاصطدام بها، السلطة بكلّ مكوناتها حتى الاجتماعية والثقافية. لكنه كان متسلحًا بوعيّ متوقد ، وكانت جذوره هي خط الهدنة له في النهايات، فكأنه شاء من أبي مسلم أنْ يعقد له صُلحًا مع كُلّ مَنْ تشابك معهم، فأعطاه أبو مسلم البهلاني بقصائده الاستنهاضية أوراق الثورة والثائر، وصافاه بالرضا بالعودة لينابيع قصائده الأُولى. يترجّل محمد الحارثي في عُزلة لا يستطيعُ أنْ يفرضها أو يختارها الشاعر لنفسه، ودويّه ما يزال يضجّ في قصائده وحياته الجدلية. عاش محمد الحارثي قصيدته على مستوى الحياة، وحياته على مستوى القصيدة.كما قال الكاتب مبارك الجابري : كان أحد أبرز الشعراء العمانيين في شكل قصيدة النثر.. مزجت نصوصه بين حداثة التركيب والرؤية وبين معرفة واضحة بالتراث العربي.. وامتد اشتغاله من الشعر إلى كتابة الذات وأدب الرحلات والتحقيق.. تعد تجربته الشعرية علامة مهمة في سياق قصيدة النثر الخليجية..فقد مؤلم جدا.من جهته قال الكاتب المصري فتحي ابو النصر :الشاعر والكاتب العماني المثقل بالمحبة محمد الحارثي في ذمة الله ..صديقي أبو ابتهاج صاحب تنقيح المخطوطة وعين وجناح وورشة الماضي والمتميز بأدب الرحلات والقصائد الطازجة والمسرودات المترامية ذات الحساسيات الجديدة التي بلا رتوش . كان من المرموقين إنسانيا وابداعيا ومن أبرز طلائع الموجة الحديثة في عمان ولذلك مشى واشتبك في دروب كثيرة لكنه لم يقع أبدا في الفخاخ الرديئة للذات.غصة شاسعة على رحيل المثالي والمجذوب المفرط في محبته محمد الحارثي..