للمحافظة على مفردات التراث العماني الخالد
أدم ـ العمانية: تبذل وزارة التراث والثقافة جهوداً كبيرة للمحافظة على ملامح التراث المعماري العماني بصبغته العربية والإسلامية، وذلك في إطار سعيها الدائم للمحافظة على مفردات التراث العماني الخالد من خلال خطتها ومنهجيتها الطموحة في مجال ترميم المساجد، والقلاع، والحصون، والحارات المنتشرة في أرجاء السلطنة، حيث تواصل الوزارة أعمال الترميم في حصن أدم بولاية أدم بمحافظة الداخلية.
وقال سعيد بن سالم الجديدي أخصائي آثار بوزارة التراث والثقافة: بدأت عملية ترميم حصن أدم في مطلع عام 2016م من خلال عدة مراحل كانت أولها تنظيف الموقع من كافة المخلفات، حيث كانت مكونات الحصن شبه منهارة تماما خاصة من الجهة الشمالية، فتم فتح الممرات ليسهل الوصول إلى باقي مرافق الحصن، بعد ذلك كانت مرحلة إعادة بناء أساسات الحصن والسور المحيط به من الحصى والصاروج والإسمنت والرمل، من ثم بناء الجدران الداخلية وجلب جذوع النخيل من نخلة المبسلي لعمل الأسقف، حيث استخدم العمانيون سابقاً جذوع نخيل النغال، والفرض، والبرشي والمبسلي، لتسقيف المساجد والبيوت وسكك الحارات نظرًا لسماكتها وقوة تحملها لمختلف الظروف.
وأشار لوكالة الأنباء العمانية إلى أن الباب الرئيسي للحصن والأبواب الأخرى وعددها 12 باباً من مختلف الأحجام إضافة إلى نوافذ الغرف والبرزة وعددها 13 نافذة تمت صناعتها في الورشة التابعة للوزارة الموجودة في "حارة جامع البوسعيد" بولاية أدم بمحافظة الداخلية، أما الصاروج المستخدم في ترميم الحصن فتم جلبه من مصنع الوزارة الموجود في ولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة، حيث يتم خلطه بالرمل والإسمنت والحصى مع إضافة كمية قليلة من الإسمنت الأبيض ويوضع لمدة 21 يوماً في أحواض يضاف إليه التبن العماني وتسمى هذه العملية بعملية "خرس الطين" لينتج عنه فيما بعد "الطفال الطيني" وأعمال البناء الأخرى.
وأوضح الجديدي أن الأدوات المستخدمة في ترميم حصن ادم هي أدوات تقليدية شملت جذوع النخيل وأخشاب الكندر، والصاروج العماني، وجميعها تمت تحت إشراف أيادٍ عمانية فنية متخصصة، وقد بلغت نسبة إنجاز العمل فيه قرابة (85%)، ومن المتوقع الانتهاء من جميع أعمال الترميم في منتصف هذا العام.
الجدير بالذكر أن حصن أدم الذي شيد في عهد اليعاربة يقع في قلب الولاية يعد معلماً تراثياً متكاملاً، حيث أنشئ ليكون مقراً للحكم ومسكناً للوالي ومكاناً لتدريس الشريعة، ويضم عدة مرافق لخدمة الوالي كالبرزة والسجن وغرف الحراس ومخازن، وله بوابة واحدة تقع في الجهة الجنوبية الغربية، وبرجان يقع الأول منهما في الجهة الشرقية وهو دائري الشكل ويتكون من طابقين، أما الثاني فيقع في الجهة الشمالية وهو دائري الشكل ويتكون من ثلاثة طوابق.
وتقوم وزارة التراث والثقافة في الوقت الحالي بأعمال متعددة في ولاية أدم تشمل ترميم "حارة جامع البوسعيد" وقلعة "فلج العين" على مشارف الولاية من الجهة الشمالية، وقلعة "فلج المالح" في الجهة الغربية،وفي مجال التنقيب فهناك عدة اكتشافات عثرت عليها الوزارة في "جبل المضمار" وهي عبارة عن مجمع من 4 مبانٍ معزولة في الصحراء شُيّدت على حافة جبل المضمار، وأسلحة نحاسية عبارة عن 5 أقواس وجعبتي سهام مصاحبه لخناجر وفؤوس وجميعها سليمة على الرغم من مضي أكثر من 2600 عام عليها، وهي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على أقواس وجعب نحاسية، حيث جرت العادة على العثور على السهام منفردة أو على شكل كومة ملتصقة مع بعضها وبدون جعب أو أقواس تعود للمجتمعات القديمة التي عاشت في عُمان.