[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/10/goda.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]جودة مرسي [/author]”مزايدات الأحزاب السياسية التونسية التي تنوي خوض الانتخابات أواخر العام الجاري ومحاولة الاستقطاب أدت إلى تحويل المطالب الاجتماعية إلى سياسية مع مطالب تعجيزية صعب تحقيقها أو الاستجابة لها أو القبول بها من الأساس فهي تمس هيبة الدولة ومشاريعها التنموية والاقتصادية مثل المطالبة بتوزيع عائدات النفط والغاز ونسب التشغيل في القطاعات الحكومية مما ادى إلى زيادة الاحتقان..”تطاوين التونسية والتي تعني (العيون الجارية) ذات الموقع الاستراتيجي والتي تمتد حدودها بين دولتي ليبيا والجزائر تصدرت اخبارها النشرات الإخبارية خلال الفترة الأخيرة نظرا للأحداث الساخنة التي شهدتها المحافظة من احتجاجات واعتصامات كان ابرزها وفاة احد المحتجين اثر اصطدامه بسيارة تابعة للحرس الوطني (الدرك) عن طريق "الخطأ" قرب منشأة الكامور النفطية القريبة من تطاوين، الا ان الموقف يزداد سخونة بزيادة التوتر وردود الأفعال من المحتجين مع التعاطف في بعض المناطق. الا ان السؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا هذا التصاعد السريع للأحداث ولمصلحة من تتوقف عجلة الاقتصاد في هذه المدينة الحيوية ذات الموقع الاستراتيجي والغنية بثرواتها الطبيعية مثل النفط والفوسفات إلى جانب مقاصدها السياحية، فتطاوين أو (العيون الجارية) لها قصة للغصة بدأت احداثها بتأثر المحافظة مثل غيرها من باقي المحافظات التونسية بمخاض العملية الانتقالية بعد (الثورة) والتي اثرت بالتأكيد على الدخل والحالة المعيشية مما ادى لزيادة المطالب الشعبية التي تركزت اغلبها على تحسين الأوضاع الاجتماعية، والتوظيف خاصة في شركات البترول، والتوزيع العادل للثروات، وعلى اثر هذه الاحتجاجات قام رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بزيارة المدينة واعلن عن حزمة من الاجراءات استجابة لطلبات المحتجين منها الاستجابة لبعض طلبات التوظيف في الشركات البترولية (وكان هذا من المطالب الرئيسية للمحتجين) وتوفير وظائف اخرى، والبدء في تعبيد بعض الطرق الى جانب الطلبات الأخرى لأبناء المحافظة. لكن مزايدات الأحزاب السياسية التونسية التي تنوي خوض الانتخابات اواخر العام الجاري ومحاولة الاستقطاب أدت إلى تحويل المطالب الاجتماعية إلى سياسية مع مطالب تعجيزية صعب تحقيقها أو الاستجابة لها أو القبول بها من الأساس فهي تمس هيبة الدولة ومشاريعها التنموية والاقتصادية مثل المطالبة بتوزيع عائدات النفط والغاز ونسب التشغيل في القطاعات الحكومية مما ادى إلى زيادة الاحتقان وارتفاع سقف طلبات المحتجين، لتزداد الاحتجاجات وتتوسع لتشمل مناطق اخرى تحت ضغط المزايدات السياسية. ويعزز هذا ما اعلنته وكالة الأنباء الفرنسية امس من ان مسؤول تونسي رفيع المستوى صرح لها امس الاول ان قوات الأمن اعتقلت شخصيتين احدهما مرشح سابق لرئاسة الجمهورية والآخر رجل اعمال وذلك بشبهة المساس بأمن الدولة والتورط في قضايا فساد والتحريض على تظاهرات. وقال المسؤول ان "شفيق جراية وياسين الشنوفي تم القاء القبض عليهما ووضعا تحت الإقامة الجبرية". ورفض المصدر الكشف عن مكان احتجازهما. واوضح ان "الأبحاث جارية في الموضوع" اكد انه "سيكون هناك مزيد من الاعتقالات". وفور شيوع خبر اعتقال جراية والشنوفي اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في حين تصدر هذا الخبر معظم نشرات الأخبار. وبحسب المصدر نفسه فإن الرجلين متهمان بالتورط في "احداث الكامور والفساد والمساس بأمن الدولة". وجراية رجل اعمال ثري وقد اثار جدلا في البلاد بسبب علاقاته مع الوسط السياسي في تونس وكذلك ايضا في ليبيا حيث لديه اعمال. والعام الماضي فتحت النيابة العامة تحقيقا بحقه بعدما صرح خلال مقابلة تلفزيونية انه دفع رشاوى لصحفيين. اما الشنوفي فهو جمركي سابق دخل عالم الأعمال وترشح ايضا للانتخابات الرئاسية في 2014.ان احداث تطاوين تلقي بظلالها على المواطن العربي وتنبه بأن ايادي داخلية وخارجية لا تريد للوطن العربي ان ينعم ابناؤه بالسلام لتتدخل لتسخين الأحداث وتظل المنطقة العربية فوق صفيح ساخن وعلى عقلاء هذا الوطن ان ينتبهوا لما هو قادم وما يحاك بهم.