[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
عنون الشاعر محمد الماغوط أحد دواوينه بعبارة " الفرح ليس مهنتي " .. لم يبق لهذا الفرح مكان لا في الصدور ولا على الشفاة .. ننظر إلى الشعب الفرنسي المحتفل بحرارة فنغبطه، لا لأننا لا نملك سر البسمة، بل لأن الاحساس بفرح منتظر قد فقدناه أيضا.
صحيح أن الفرح عابر، لأن الحزن أعمق .. اعتادت الشعوب على طلبين في حياتها كما يجسده علي بن أبي طالب وهما الصحة والأمان. خيارات الشعوب الاستقرار وتحقيق حاجاتها وأمانها، تلجأ إلى الفرح لتهرب من أزمات بعضها عابرة وبعضها قائمة .. وكم من ضاحك قلبه عابس وحزين.
الفرح لم يكن مهنة الماغوط منذ زمن، أي أنه كاشف لما بعد اللحظة التي يعيشها. لو كان المرء يملك القدرة على معرفة الآتي لحاول تغييره أو المساهمة في تحسينه أو رفضه أو تعجيله إن كان ايجابيا، لكن لا قدرة لأحد سوى التخيل، وفي أفضل الحالات ممارسة النقد قبل حدوث المنتظر لكي نخفف من وقعه.
نحن الآن في دوامة اسمها المصير، هل يمكن نسيان ما نحن فيه، لكننا نملك القدرة على رؤية الغد في متن اليوم وفي قراءة المشهد الذي يتراءى امامنا .. لأول مرة لا يكون أجمل التاريخ غدا كما يقول الشاعر سعيد عقل، بل هو الأسوأ في كل جوانبه. فهل ما زرعناه نحصده ، أم هي النكبة التي فرخت نكبات، ولم نحسن أن نضع حدا لتفريخها قبل أن تقع وبالا علينا.
من يملك اليوم القدرة على الحل فليقله لنا. صحيح أن القضاء على الارهاب بكل تجسيداته المخرج الأول لما نحن فيه، إلا أن زراعة الارهاب قد تحققت وهو سينبت بعد حين ايضا ، إضافة إلى عوامل رعايته وسقايته والتعب عليه كي يظل نبتا وحشيا يهاجم ساعة يريدون . بعد كل ما يحصل عندنا من أزمات ومتغيرات جمة، لن يفلت المنفذون والمخططون المرحلة القاسية علينا ببساطة، بل سيزيدون الدوز وصولا الى المرحلة التي يتأكدون فيها أن التغيير وقع في شتى حقول الحياة العربية، عندها سيعلنون من على المنابر أن الحروب على العرب وبين العرب وداخل العرب طويت صفحة لكن هنالك المزيد من الصفحات التي سيكون لها اختراع جديد وفق أفكار جديدة تولد تغييرا آخر وهكذا، كل ذلك كي تبقى إسرائيل وكي ينسى العرب أنهم عرب ولهم صفات مشتركة. فممنوع عليهم أن يحلموا بتجارب عبد الناصر أو بأفكاره التي أثارت مكامن القوة والكبرياء والعزة.
دائما أراهن على النهايات، ليس من يضحك في البداية سوف يضحك في النهاية، تتبدل معالم الطريق بينهما، أحيانا من قلب الحزن يتفتح حل كبير، وأحيانا في صلب الفرح هنالك أسى مخبأ. لا شروط للحياة سوى ما يطلبه المرء كما قلنا من صحة وأمان، أي من مصلحة تبدأ عنده وتنتهي دائما إليه .. اذن الحلم امل، وعندنا نحن العرب هو غاية ما نملكه في هذه الأيام، لكن من أطال الأمل أفسد العمل كما يقال، فماذا العمل في هذه الخيارات الضيقة والتي سوف تضيق كلما أطلنا الأمل في مشوار اللانهايات التعيسة التي تتراكم وتزيد.
المهم ألا نفقد الإيمان بأن الآلام العظيمة تبني الأمم العظيمة، عندها تتوفر لنا شروط قبول تناقضات الحياة لأن الآتي سيكون معاكسا لما هو مقيم اليوم.