1- مفهوم الشركة التجارية:
نعاود قراءتنا في قانون الشركات التجارية العماني، ونخصص أولى هذه المقالات للحديث عن مفهوم الشركة التجارية، والتمييز بينها وبين الشركة المدنية.
أولاً: مفهوم الشركة التجارية:
يعرف المشرع التجاري العماني الشركة التجارية في المادة (1) من قانون الشركات التجارية بأنها:" الشركة التجارية هي عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يشتركوا في مشروع يستهدف الربح، فيقدم كل منهم حصة في رأس المال تكون إما حقوقاً مادية أو معنوية وإما خدمات لاقتسام أي ربح أو خسارة تنتج عن المشروع."
وبتحليلنا هذا التعريف يمكننا استنتاج الآتي:
1- الشركة التجارية عبارة عن عقد، يقوم على مبدأ الاتفاق من أجل التعاون بين الشركاء، بقصد إستثمار أموالهم في مشروع معين، وهذا العقد بطبيعته عقد شكلي من ناحية يستلزم توافر الشكلية المطلوبة (التسجيل و النشر)، سيأتي تفصيلها عند قراءتنا في الأركان الشكلية لعقد الشركة. ومن ناحية ثانية فهو عقد معاوضة ملزم للجانبين، كما أنه عقد زمني يمثل الزمن عنصراً جوهرياً مهماً فيه.
2- مفهوم الشركة التجارية الذي بينت طبيعتها المادة (1) من القانون تختلف - بطبيعة الحال – عن العديد من المفاهيم مثل عقد الجمعية، حيث أن هذه الأخيرة وإن كانت تتكون من عدة أشخاص كالشركة ولها شخصية معنوية (إعتبارية)، إلا أنها تختلف عن الشركة في أنها لا يقصد مؤسسوها الربح من عملها.
ثانياً: التمييز بين الشركة التجارية والشركة المدنية
إن التفرقة بين الشركات التجارية والشركات المدنية تعود بأصلها إلى التفرقة بين التاجر وغير التاجر، وبعيداً عن هذا فإننا نكتفي – في هذه المقالة – بيان المعايير والأسس التي تبنى عليها هذه التفرقة.
المعيار الأول: معيار موضوعي، ويقوم على إعتبار الشركة تجارية إذا كان الغرض من تكوينها القيام بأعمال تجارية، بمعنى آخر أن الشركة إذا مارست عملاً يعتبر من الأعمال التجارية فإنها تكون شركة تجارية، أما في حالة إن مارست عملها خارج نطاق الأعمال التجارية فإنها تكون شركة مدنية.
المعيار الثاني: معيار شكلي، وهو يقوم على اعتبار أن الشركة تجارية إذا اتخذت أحد أشكال الشركات التجارية المنصوص عليها في قانون الشركات، وبغض النظر عن الغاية والهدف من تأسيسها حتى ولو كانت الغاية مدنية.
والسؤال هنا، ماهو موقف المشرع العماني من هذين المعيارين ؟ أخذ المشرع العماني المعيارين معاً، ويمكن التدليل على ذلك من خلال نص المادة (16) من قانون التجارة العماني، حيث يجري نص هذه المادة بالقول :" التاجر بوجه عام كل من يزاول بإسمه عملاً تجارياً وهو حائز للأهلية الواجبة، واتخذ هذه المعاملات حرفة له يكون تاجراً، كما يعتبر تاجراً كل شركة تجارية، وكل شركة تتخذ الشكل التجاري ولو كانت تزاول أعمالاً غير تجارية."
ومن هنا يتحدد المقصود بالشركات التجارية والشركات المدنية وفق القانون العماني.
الشركات التجارية: تكون الشركة تجارية في حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان غرضها القيام بعمل تجاري، وقانون التجارة العماني حدد ما يعد عملاً تجارياً مثال (شراء السلع، بيع المنقولات المادية وغير المادية، أعمال المصارف، النقل بكافة أنواعه ...)
وفي هذه الحالة فإن الشركة – وبلا شك – ملزمة باتخاذ شكل تجاري وفق ما نصت عليه المادة (2) من القانون ذاته :" ينظم القانون الأنواع التالية من الشركات التجارية: 1-شركات التضامن ب- شركات التوصية ج- شركات المحاصة د- شركات المساهمة هـ- الشركات محدودة المسؤولية و- الشركات القابضة."
ثم جاءت الفقرة (2) من المادة (2) من القانون وبينت الجزاء المترتب على عدم إتخاذ الشركة أحد الأشكال الواردة في الفقرة (1) وهو البطلان مما يفيد أن أشكال الشركات التجارية هذه قد جاءت على سبيل الحصر.
الحالة الثانية: تكون الشركة تجارية إذا كان الغرض من تأسيسها القيام بعمل مدني مثل الزراعة وغيرها، إلا أنها في الوقت نفسه تتخذ أحد أشكال الشركات التجارية المنصوص عليها في المادة (2) من القانون ذاته.
أما الشركات المدنية تتحقق لها هذه الصفة وتلك الطبيعة إذا كان غرضها القيام بعمل مدني كالزراعة والإستشارات القانونية، ولا تتخذ شكلاً من أشكال الشركات التجارية.
وأشكال الشركات المدنية كثيرة و متعددة، وينظمها ويحدد أحكامها قانون المعاملات المدنية العماني وتحديداً المواد (468 – 495).

د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد كلية الزهراء للبنات
[email protected]