نواصل حديثنا في التنفيذ الإختياري للالتزام بما يعادل الوفاء به، وفي حديث سابق في ذات الموضوع أكدنا أن المشرع المدني العماني حصر التنفيذ الاختياري بما يعادل الوفاء في ثلاث وسائل وهي: المقاصة، والوفاء بعوض (الوفاء بمقابل)، واتحاد الذمتين في ذمة واحدة.
وقراءتنا في هذه المقالة نخصصها للحديث عن الوفاء بعوض ( الوفاء بمقابل)، لنبين وعلى التوالي تعريف الوفاء بعوض، وبيان شروط صحته.
أولاً: تعريف الوفاء بعوض (الوفاء بمقابل) :
عرفه بعض من الفقه بأنه "استيفاء الدائن حقه بمقتضى إقتضائه مقابلاً يستعيض به عمّا هو مستحق له أصلاً في ذمة المدين بموجب اتفاقهما على ذلك."
في حين الجانب الآخر من الفقه عرف الوفاء بعوض بأنه :" إتفاق بين الدائن والمدين بمقتضاه يؤدي المدين عوضاً بدلاً من الدين الأصلي."
خذ على ذلك مثالاً: كأن يقوم المدين بالتنازل عن قطعة أرض لدائنه بدلاً من المبلغ النقدي الذي يشغل ذمته المالية.
خذ على ذلك مثالاً آخر: كأن يكون المدين ملتزماً بتسليم كمية من القمح، فيتفق مع دائنه على أن يستوفي هذا الأخير مبلغأ من النقود بدلاً من القمح الذي اتفقا عليه أصلاً.
وبمطالعة نصوص قانون لمعاملات المدنية العماني، نجد أن المادة (244) منه تكفلت ببيان هذا النوع من الوفاء بقولها :" يصبح الوفاء بعوض فيتفق عليه الطرفان طبقاً للقواعد العامة في العقد."
ومن ثم نجد أن المشرع المدني العماني يأخذ بالمعنى الواسع للوفاء بعوض (الوفاء بمقابل)، حيث يمكن أن يتحقق هذا النوع من الوفاء عندما يتفق المدين مع دائنيه أن يستوفي الدائن حقه بموجب اقتضائه الذي تم الإستعاضة به عن الدين الأصلي الذي يشغل ذمته، وذلك بصرف النظر عن اتفاق أو اختلاف طبيعة الالتزام الأصلي مع طبيعةالمقابل الذي يستعاض به في الوفاء، فيستوي أن يكون العوض (المقابل) عن الدين الأصلي، نقل ملكية أو عملاً أو نقوداً، طالما اتفق الطرفان وتوافرت شروط العقد.
ثانياً:شروط صحة الوفاء بعوض:
ووفقاً لما نصت عليه المادة (244) من القانون ذاته، فإنه يشترط لصحة الوفاء بعوض ثلاثة شروط هي:
الشرط الأول: الاتفاق على الوفاء بمقابل:
وحيث أن استيفاء الدائن لحقه من مدينه يكون عن طريق حصول الدائن على عوض يختلف عن الالتزام الأصلي الذي يشغل ذمة المدين، لذا يقتضي أن يكون هناك اتفاق بين الطرفين (الدئن والمدين) وتراضيهما على ذلك الإتفاق.
ولا يجوز ـ في أي حال من الأحوال ـ إجبار الدائن على قبول عوض عن الأداء الأصلي المتفق عليه عند تكوين العقد، حتى ولو كانت قيمة هذا العوض تفوق قيمة الالتزام الأصلي.
وبالتالي يسري على هذا الاتفاق القواعد العامة للعقد، بحيث يجب توافر الأهلية اللازمة لصحة التصرف من المدين وأهلية إستيفاء الحق من الدائن، وأن يكون هناك رضا صحيح خال من اي عيب يعتريه، كما يشترط أن يكون لهذا الإتفاق محل وسبب بشروطهما القانونية.
الشرط الثاني: اختلاف الأداء المقابل عن الأداء المستحق أصلاً:
وهذا الشرط بديهي ولكنه لازم لصحة الوفاء بعوض (مقابل الوفاء)، إذ لو إنتفى الإختلاف بين الأداء المقابل عن الأداء المستحق أصلاً، كنا أمام مجرد تأكيد للإلتزام الأصلي.
الشرط الثالث: تعاصر الاتفاق على الوفاء بعوض مع التنفيذ:
يجب أن ينفذ المدين التزامه فور الإتفاق مع الدائن على قبول شئ يختلف عن الدين الأصلي، إذ لا يكفي لصحة الوفاء بعوض مجرد الإتفاق، وإنما يجب أن يتعاصر تنفيذ الوفاء بمقابل مع الإتفاق عليه وإلا لما كنا بصدد وفاء بعوض.
د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد
كلية الزهراء للبنات
salim-alfuliti@hotmail.com