نبش في وثائق المعرض ـ خلفان الزيدي:
من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ولا مستقبل
كما كتاب مفتوح على الحضارة الإنسانية من الحفر الأول على حجارة، حينما سطر الإنسان القديم شيئا من تاريخه على الصخر، وحتى اللمسة الإلكترونية التي تظهر مئات الوثائق والمخطوطات والصور والمقتنيات، كان المعرض الوثائقي الدائم للمحفوظات والوثائق الوطنية، الذي احتفلت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بافتتاحه يوم الأثنين 19 ديسمبر 2016م.
ومنذ الصفحة الأولى في المعرض، حيث حكاية التوثيق، ابتداء من النحت على الصخور في الحضارات القديمة، وحتى قاعة عرض الأفلام الوثائقية، كان المعرض شاملا ومتنوعا، يحكي عن شواهد الحضارة في فتراتها المتعاقبة.. بداية من استخدام الإنسان الكتابة عبر الرسومات والصور والدلالات في الصخور والفترات الزمنية لظهورها في عمان، واستخدام الخط المسند والخط العربي في التوثيق، قبل أن يرفع المرء رأسه مزهوا بتاريخه وحضارته العريقة، ويتعرف على فترات مهمة من التاريخ العماني، فيطالع تارة رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل عمان، ثم يقرأ في ركن آخر صفحة من مخطوط "كشف الغمة" عن هجوم اليعاربة على مطرح ومسقط (مسكد) واضطرار البرتغاليين إلى طلب الهدنة، قبل أن يتأمل رسالة الإمام ناصر بن مرشد إلى سعيد بن خلفان يوصيه فيها بوصايا دينية، ويقرأ خطبة عيد الأضحى المبارك للشيخ ناصر بن سليمان الكندي، ويطالع اتفاقيات الإمبراطورية العمانية مع بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، والرسائل المتبادلة بين سلاطين عمان، وبين علمائها وأعيانها، ثم المقتنيات الأثرية وقصاصات الصحف وتاريخ النقود والعملات والخرائط، في كل ذلك يطوف المعرض فترات وحقبا زمانية عديدة، حتى يصل إلى الحاضر المجيد لعمان في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم.

...

...


المعرض الوثائقي الدائم للمحفوظات والوثائق الوطنية.. حضارة "تُكتب" وتاريخ "ينطق"

عرض أقدم وثيقة بيع أرض تعود إلى حوالي 2600 قبل الميلاد منقوشة على قطعة حجر "الديورايت" الذي كانت تصدره مجان إلى العراق

شكلت عمان مركزاَ حضارياَ نشطاَ تفاعل منذ القدم مع مراكز الحضارة في العالم القديم، وكانت واحدة من المراكز الحيوية على طريق الحرير بين الشرق والغرب

نقش على الجبس لصيد الحوت في مدينة سمهرم الأثرية في ظفار يعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد يعبر عن الحالة المتقدمة للمدينة حيث المراكب الكبيرة والطرق المتقدمة

مجموعة كبيرة من الخرائط والبطاقات البريدية والقصاصات الصحفية، توضح امتداد الإمبرطورية العمانية
طاولة بسبع شاشات تعمل باللمس تستوعب أكثر من (3300) وثيقة الكترونية مختلفة منها ١٥٠ مخطوطة قابلة للزيادة

كان لا بد من عودة أخرى، ووقفة أطول حتى تتضح الصورة كاملة، ويستطيع المرء تقديم قراءة وافية و"مستحقة" للمعرض الوثائقي الدائم للمحفوظات والوثائق الوطنية، وجدت أن التجوال بين أقسام المعرض وجنباته، تستلزم عودة بعد أخرى، وأن كل وثيقة وكل صورة وخارطة وتحفة في المعرض بحاجة إلى استنطاق تاريخي وحضاري، ليتبين المرء قيمتها، ودلالتها، وقبل كل ذلك أهميتها، وما يمكن أن تمثله في تاريخ عمان ومكانتها في الذاكرة التاريخية.
استعنت بالأصدقاء خميس الجرادي وأحمد الرويشدي من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، لمدي بالمعلومات والصور التي احتاجها، فكانوا نعم العون، والسند.

من رسم على الصخر في إستراليا لطير يرجح أنه "الجينيورنس" الذي انقرض منذ 40 ألف سنة، إلى قاعة تعرض فيلما عن سيرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، ومسيرة النهضة المباركة، يطوف الزائر للمعرض الدائم حقبا تاريخية، ويجوب حضارات وامبراطوريات وعصور مختلفة، ويطالع شواهد من الذاكرة العمانية، يجد نفسه في العام 1792 قبل الميلاد، مع إله الشمس شمش أو شماش وهو الأسم الذي كان يطلق على إله الشمس عند البابليين والآشوريين جالسًا على عرشه يسلم بيده اليمنى الملك حمورابي ـ سادس ملوك مملكة بابل القديمة ـ الواقف أمامه بخشوع أدوات القياس، ليتسنى له بواسطة القياسات الدقيقة إعمار البلاد وتثبيت الملكية، ثم يعود إلى 30 ألف عام قبل الميلاد، ليطالع رسما لأسود ووحيد القرن في كهف شوفيه في فرنسا، ويشير الشرح إلى أن الأسود ووحيد القرن من النوع الموجد في الرسم انقرضت في أوروبا منذ حوالي 10 آلاف عام، ورسما آخر لحصاد الحبوب في مصر يعود إلى 1200 سنة قبل الميلاد.
وتعود أقدم وثيقة بيع أرض في التاريخ، إلى حوالي 2600 قبل الميلاد، وعثر عليها في أور، (العراق القديم) وهي منقوشة على قطعة حجر "الديورايت" الذي كانت تصدره مجان (عمان القديمة) إلى العراق القديم لصناعة تماثيل الآلهة والملوك.
أما أقدم معاهدة هدنة موثقة في التاريخ فتعود إلى العام 1258 قبل الميلاد، وهي مكتوبة بكتابة مسمارية بين هتّوسيلي الثالث إمبراطور الهتّيت وفرعون مصر رمسيس الثاني.
وإمبراطورية الهتّيت امتدت من شبه جزيرة الأناضول (تركيا الحديثة) إلى شمال بلاد الشام، وشمال العراق في الفترة من 1600 إلى 1180 قبل الميلاد.
لكن ما يستوقف الزائر في قسم فن الصخور هو نقش على الجبس لصيد الحوت في مدينة سمهرم الأثرية في ظفار، يعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد، وعبر هذا النقش يمكن قراءة الحالة المتقدمة التي كانت تعيشها سمهرم، حيث المراكب الكبيرة، والطرق المتقدمة ـ بحساب ذلك الزمن ـ في صيد الحيتان والأسماك، والصلات التاريخية والحضارية لهذه المدينة بالهند وبلاد ما بين النهرين وبلاد النيل.
وثمة نقش على الصخر لنعامات في وادي السحتن، يعود إلى 300 قبل الميلاد، وكتابة تعود إلى القرن الخامس للميلاد، استعملت في شمال عمان.. وكل هذه الشواهد تمثل مدخلا للوثيقة في مفهومها الشامل، حيث يمثل التوثيق أهمية تاريخية بالغة منذ حضارات ما قبل الميلاد، عبر كتابة تطورت عصرا بعد آخر، بدءا من الكتابة المسمارية وحتى عصر الأبجدية مرورا بالكتابة الهيروغليفية، والكتابة التصويرية، التي كانت جميعها تقدم توثيقا للسجلات الرسمية وأعمال وتاريخ الملوك والأمراء والشؤون الحياتية العامة كالمعاملات التجارية والأحوال الشخصية والمراسلات والآداب والأساطير والنصوص المسمارية القديمة والشؤون الدينية والعبادات.
وليست الوثائق والشواهد المكتوبة، وحدها من يبرز في قسم الصخور، فهناك التاريخ المصور الذي يقدم "تخيلا" للحدث، والتفاصيل المحيطة به، كما هو الحال بالنسبة لحصاد الحبوب في مصر، أو صيد الحوت في مدينة سمهرم، تسليم حمورابي السلطة والقوة، أو مكتبة الإسكندرية في العام 200 قبل الميلاد، أي بعد 40 عاما من إنهاء تشييدها.
وعلى الرغم من أن الصور التي تعود إلى عمان في هذا القسم قليلة نسبيا، بالمقارنة بالكم الكبير من المعروضات فيه، إلا أنها تبدو من الأهمية وجودها، ليطوف المرء على الوثائق والشواهد التاريخية الأولى، وليتتبع المعرض "تاريخيا" من الكتابة الأولى على الصخر، حيث نقش الإنسان القديم جزءا من تاريخه وحضارته وفنونه وأحداثه على الحجارة، وكأنه يوجه رسالة إلى من يأتي بعده، ويقدم له المعرفة ببعض تفاصيل وملامح حياته، فكانت الحجارة وألواح الطين والشمع والمعادن ومن ثم أكتاف وعظام الحيوانات وجذوع الشجر سجلا موسوعيا، ومرجعا للباحثين والدارسين والمهتمين.

عمان في التاريخ
بعد الطواف على الوثائق الأولى "تاريخيا"، يطالع الزائر للمعرض قسم "عمان عبر التاريخ"، وفي هذا القسم تسطع شمس الحضارة العمانية، وتبزغ كمحطة جذب لحضارات الشرق القديمة في الصين والهند وبلاد مابين النهرين، فضلا عن الصلات مع حضارات شرق البحر المتوسط، ووادي النيل وشمال أفريقيا، وشكلت على امتداد التاريخ مركزاَ حضارياَ نشطاَ تفاعل منذ القدم مع مراكز الحضارة في العالم القديم، وكما كانت عُمان أحد المراكز الحيوية على طريق الحرير بين الشرق والغرب، فإنها كانت كذلك مركزا تجاريًا وبحريًا مزدهرًا في المحيط الهندي حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومن ثم امتدت علاقاتها إلى مختلف القوى الدولية منذ وقت مبكر وساهمت بشكل لافت في أحداث محيطها الخليجي والعربي والدولي باعتبارها مركزًا للتواصل الحضاري مع الشعوب الأخرى.
ويقدم قسم "عمان في التاريخ"، لمحة عن بداية التوثيق في عمان، حيث جاء أول مؤشر لتوثيق أول موقع من العصر الحجري في عمان، في ولاية صور على جرف يطل على بحيرات قديمة عند مصب وادي الفليج، وقد عثر في هذا الموقع على مجموعة من الأدوات ومخلفات صناعة يمكن تأريخها إلى نحو ما قبل 780 ألف إلى 130 ألف عام.
وخلال عصر الهولسيين الأسفل ابتداء من 11700 قبل الميلاد حدثت تحولات مناخية كبيرة في شبه الجزيرة العربية أدت إلى زيادة هطول الأمطار وإثراء الغطاء النباتي بالمزيد من العشب والأشجار، وبالتالي المزيد من الحيونات، فشهدت عمان انتشارا واسعا لمواقع الصيد من محافظة ظفار جنوبا إلى مختلف المناطق شمالا.
وقد سُجل في هذه المواقع وفرة رؤوس السهام والحراب الحجرية التي ميزت الفترة بين الألف التاسع وبداية الألف الخامس قبل الميلاد.
ويأخذ المعرض الزائر إلى جولة مقتضبة عن كل فترة، بالصورة والكلمة، بدءا من السهام والحراب والكتابات الحجرية، وحتى المعثورات الأثرية كالأواني الفخارية، ورؤوس السهام، والرماح والأختام، وأوان من الحجر الصابوني الأملس، والخرز المستخدم في الزينة واللقى الأثرية.
كما يوضح هذا الركن إسلام أهل عمان ، ومن ثم قيام الإمامة الإباضية الأولى والثانية والثالثة، ويتناول كذلك الفترة التاريخية لحكم النباهنة لعمان، ثم قيام دولة اليعاربة بقيادة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي في العام 1624م، ومن ثم قيام دولة البوسعيد بقيادة مؤسسها الإمام أحمد بن سعيد.
وضمن معروضات هذا القسم، تبرز رسالة من الإمام ناصر بن مرشد إلى سعيد بن خلفان يوصيه فيها بوصايا دينية، ويطلب منه إطلاعه على أحوال منطقة الباطنة وأحوال صحار ونواحيها، ومما جاء فيها: "أوصيك بالرعية خيرا، وعليك العدل، فإنه قوام كل مايل، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف محروم، ولتكن يا أخي كالراعي الشفوق برعيته، والحازم الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المراعي، ويذودها عن مراتع الهلكة، وكن للرعية كالأب الرحيم بولده، يسعى لهم صغارا، ويعلمهم كبارا، يكسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته، وأعلم أيها الأخ إنك ركبت مركبا صعبا ولا تكن عضولا عنهم، ولا عجولا عليهم، ولا تكن فيما ملكك الله كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله فتبدد المال وشرد العيال".. إلى أخر الرسالة التي تتشابه في بعض فقراتها الوعظية مع رسالة حسن البصري إلى أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز بعد ما تولى إمارة المسلمين.

بين عمان وزنجبار
تتوزع في المعرض الدائم أقسام أخرى تقدم ملامح الامبراطورية العمانية في أوج ازدهارها، ففي ركن أئمة وسلاطين عمان، تتوزع حوالي (54) وثيقة معروضة، مقسمة على فترات زمنية لحكم الأئمة والسلاطين وتتناول مواضيع مختلفة منها ما يتعلق بتنظيم الحياة العامة داخل البلد كتعيين الولاة والقضاة، والاهتمام بالجانب الصحي، والجانب التعليمي وغيرها من الجوانب.
ويقابل هذا القسم ركن سلاطين زنجبار، وهو امتداد للإمبراطورية العمانية والتي أسسها في شرق إفريقيا السلطان سعيد بن سلطان، عندما اتخذ من زنجبار عاصمة ثانية له.
يحتوي هذا الركن على حوالي (35) وثيقة لمختلف سلاطين زنجبار كالسلطان ماجد بن سعيد والسلطان برغش بن سعيد والسلطان على بن سعيد والسلطان حمد بن ثويني وغيرهم، تتناول مواضيع مختلفة كتعيين القناصل، ومنح الأوسمة لبعض الشخصيات البارزة.
ومن الرسائل التي تستوقف الزائر، تلك التي ارسلت إلى السلطان فيصل بن تركي بن سعيد، الذي تولى حكم عمان في فترة شهد فيها العالم العربي موجه ‏من ازدياد النفوذ الاستعماري الأوروبي وخاصة البريطاني والفرنسي، حيث احتلت ‏بريطانيا وفرنسا العديد من أجزاء الوطن العربي أو أصبح تحت نفوذهما، والقليل من ‏الدول افلتت من هذا الغزو الاستعماري ومن بينها عمان، حيث تمكن السيد فيصل بن ‏تركي من أن يسوس دفة الحكم وسط هذه الأنواء.
وقد حملت احدى الرسائل الموجهة إلى السلطان فيصل بن تركي، خطابا تفخيميا، كما هو دأب الرسائل في تلك الفترة، حيث يخاطب المرُسل السلطان بـ "جناب سيدنا الملك المعظم السلطان الأفخم المطاع المجيد سمو جلالة مولانا السيد فيصل بن السيد تركي بن سعيد أدام الله دولته وأقام بالعز صولته".
وتذكر الرسالة وصول عدد "أربعة تلفونات من النوع السودات في المركب الفالتوه مع بترياتها عدد 8، وجواتج كارخانة"، وتشير إلى أن الجرائد التي طلبها السلطان "مشحونة من الغث والسمين".
ومع هذه الرسائل التي تقدم ملمحا لبعض تفاصيل الحياة، وما تموج به المنطقة من استقرار، أو عدم استقرار، تتوزع بين جنبات المعرض بعض الصور القديمة التي تقدم معالم الحياة سواء في عمان وفي شرق أفريقيا.
كما يوجد عدد (44) رسمة ومقالا صحفيا وصورة، تعود لفترات زمنية قديمة والتي يعود بعضها إلى العام 1878م، ومن أبرز هذه الرسومات (رسمة توضح زيارة السلطان برغش بن سعيد إلى مدينة مانشستر ببريطانيا، ورسمة أخرى عبارة هدية مقدمة من سلطان مسقط إلى ملكة بريطانيا وهي عبارة عن خمسة خيول عربية بالإضافة إلى بعض المقالات الصحفية، ومن أبرزها مقال عن أهمية شجرة القرنفل والفوائد الصحية لها، كما أنه توجد صور لبعض الشخصيات البارزة، وبعض الولاة الذين كان لهم دور كبير في مناطق شرق أفريقيا.
ومما يشد الزائر للمعرض مقال نشرته "جورنال اتلنتا" الإيطالية في عام 1960م، عن السلطان العربي في زنجبار، وتغطية خاصة قدمتها مجلة ناشيونال جيوجرافيك في فبراير 1952م، تناولت تاريخ زنجبار، والتواجد العماني في الجزيرة وتجارة القرنفل، وقامت المجلة في هذه التغطية بإجراء مقابلة مع السلطان خليفة بن حارب الذي تميز بحكمة سياسية، وقد أرفقت المجلة تغطيتها بصورة ملونة للسلطان خليفة بن حارب، وخارطة جغرافية لجزيرة زنجبار، وموقعها في القارة الإفريقية، ومقال عن الصحاري العمانية نشرته المجلة الجغرافية للجمعية الملكية الجغرافية في لندن في أكتوبر ديسمبر 1950م.
هذا بجانب عرض مجموعة كبيرة من الخرائط والبطاقات البريدية والقصاصات الصحفية، توضح امتداد الإمبرطورية العمانية، حيث يوجد في القسم عدد (17) خارطة تتنوع ما بين طرق الملاحة البحرية، ومسارات السفن، وخرائط تفصيلية لبعض المدن في زنجبار، بالإضافة إلى بعض الخرائط الأجنبية لبعض الموانئ البحرية سواء في مسقط وصحار وبعض موانئ زنجبار وتنزيل الشحنات في موانيها.
ويحتوي هذا الركن أيضا على حوالي (64) بطاقة بريدية لبعض معالم الحياة، والطبيعة الجغرافية، وبعض المهن والصناعات الحرفية.

علاقات دولية
ولأن العلاقات العمانية مع دول وشعوب العالم تشكل أهمية كبيرة، في قراءة تاريخ عمان، ووثائقها، وكان لعمان على امتداد تاريخها، حضور بارز على المستوى الدولي، فقد أبرز المعرض الدائم الدور الذي قامت به عمان على هذا الصعيد، من خلال ركن العلاقات الدولية، حيث يستعرض هذا الركن التاريخ الذي لعبته عمان، مع غيرها من القوى التي كانت متواجدة في المنطقة آنذاك، حيث يقدم هذا الركن مجموعة كبيرة من الوثائق تتناول جانب العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول كبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وغيرها، من خلال ابرام الاتفاقيات وتعيين القناصل، ومن أبرز هذه الوثائق الاتفاقية التجارية الموقعة بين السلطان سعيد بن سلطان والولايات المتحدة الأميركية في عام 1835م.
كذلك هناك مراسلات متبادلة بين بعض السلاطين وبعض القناصل المتواجدين سواء في مسقط أو زنجبار، ويبلغ عدد الوثائق في هذا الركن حوالي 42 وثيقة.

الوثائق الخاصة
تأتي الوثائق الخاصة، كأحد الأقسام المهمة في المعرض الدائم، وفي هذا القسم نجد المراسلات الشخصية بين المواطنين، أو بين بعض المسؤولين في جوانب مختلفة كالجوانب الصحية والطبية والجوانب الدينية من خلال الخطب الدينية والفتاوى والجوانب الثقافية كالقصائد الشعرية وغيرها، حيث يبلغ عدد الوثائق في هذا الركن (43) وثيقة مقسمة وموزعة حسب مواضيع مختلفة.
ومن الوثائق التي يحويها القسم بيان إداري من رئاسة الولاة، حرر في 1 رجب 1364هـ، الموافق 13 جون (يونيو) 1945م، جاء فيها: "أحيطكم علما أن الحكومة ترغب في فتح مدرسة داخلية في مسقط، للطلاب الذين لا يسكنون مسقط".
وتشير الرسالة إلى أن الحكومة ستقدم "لهم مكانا لنومهم مع الأكل واللوازم الأخرى مجانا بدون مقابل ليتمكنوا من المداومة على المدرسة للتعلم"، وتطلب الرسالة موافاة رئيس الولاة "ببيان أسماء الوجهاء الذين لهم أولاد يصلحون للتعليم مع بيان أسماء أولادهم وتقدير أعمارهم".
هذا بجانب الوصايا والقصائد مختلفة الأغراض الشعرية، كحال "القصيدة المباركة الطيبة في ذم التنباك وشربه"، والتي تشير أن ناظمها هو "شيخنا وقدوتنا الشيخ محمد المغربي الغيلاني الأزهري نفعنا الله تعالى ببركته في الدارين" وتعود وثيقة هذه القصيدة إلى 28/1/1332هـ، الموافق 26/12/1913م، وتهنئة "لجلالة مولانا السلطان المعظم سعيد بن تيمور بالمولود المبارك قابوس، عقب رجوع جلالته من اليابان"، وتشير الوثيقة إلى "تمام نظمها في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة الحرام من سنة 1359هـ، الموافق 10/1/1941م في بلد كراتشي.
ويمكن من خلال هذه القصائد، وحتى المراسلات الشخصية استقراء الأوضاع في عمان، من الغلاء وارتفاع الأسعار وجوائح الأمطار والعواصف وغيرها، إضافة إلى الخصب والنماء، وزيارة الغلة، ومما يلمسه المتتبع للوثائق المعروضة، الحميمية التي تسود المجتمع العماني، والحرص على التقيد بالفضائل والأخلاق، ونبذ الخلافات والشقاق، دون أن ننسى الحرص في كتابة الوصية، والإكثار فيها من أعمال البر والاحسان.

أفلام وثائقية
وبالإضافة إلى هذه القاعات والأقسام، تبرز قاعة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، حيث يتم فيها عرض فيلم وثائقي عن سيرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ابتداءً من مولده ، ومن ثم تعليمه الابتدائي والثانوي، والتحاقه بكلية سانت هيرست العسكرية، حتى توليه الحكم وأبرز منجزات النهضة التي تحققت حتى الآن من خلال صور ووثائق ومشاهد حية.
أما قاعة هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، فتشمل عرض فيلم وثائقي عن دور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وأبرز الأنشطة والأدوار التي تمارسها من خلال إرساء نظام عصري لإدارة الوثائق في الجهات الحكومية، وعمليات التعقيم والترميم للوثائق، ونشر البحوث العلمية.

الطاولة الإلكترونية
مع التطور التكنولوجي السريع كان لابد من مواكبة هذا التطور بما يتناسب مع اهتمامات ورغبات الباحثين والمستفيدين، لذلك سعت الهيئة إلى إيجاد نظام آلي جديد لتصفح الوثائق وكل ما هو متاح من محفوظات في هذا المعرض من خلال الطاولة الإلكترونية.
وتحتوي الطاولة على كم هائل من الوثائق والمخطوطات والصور والخرائط والقصاصات الصحفية، يستطيع الزائر للمعرض تصفح ما يريد بكل سهولة ويسر.
وتحتوي الطاولة على سبع شاشات تعمل باللمس يستطيع الزائر اختيار ما يريد الاطلاع عليه من خلال مواضيع مقسمة ومرتبة حسب فترات زمنية لحكم الأئمة والسلاطين بداية من بعض المراسلات والوثائق في عهد دولة اليعاربة ودولة البوسعيد وإمامة عمان.
كما أن الطاولة مقسمة حسب المواضيع وحسب الأنواع، سواء فيما يختص بجوانب العلاقات الخارجية من الدول، أو الجوانب السياسية والاقتصادية والدينية وغيرها، ويمكن للزائر عند اختيار أي موضوع يود الاطلاع عليه في الطاولة الإلكترونية تكبير حجم الصورة وقراءة أدق التفاصيل الموجودة في الوثيقة، ويصاحب كل وثيقة التوصيف الخاص بها باللغتين العربية والإنجليزية.
تستوعب الطاولة الإلكترونية أكثر من (3300) وثيقة الكترونية مختلفة منها حوالي ١٥٠ مخطوطة، وهذه المخطوطات قابلة للزيادة.