الْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَسْدَى وَأَنْعَمَ، وَأَعْطَى وَأَكْرَمَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ مَنَّ عَلَيْـنَا بِنِعْمَةِ الإِيْمَانِ، وَهَدَانَا بِفَضْـلِهِ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ عَصَمَهُ وَآوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّـنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَجَدَهُ يَتِيمًا فَرَعَاهُ، وَحَائِرًا فَهَدَاهُ، وَفَقِيرًا فَأَغْنَاهُ، صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الهُدَاةِ، وَرَضِيَ اللهُ عَنِ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَاهتَدُوا بِهَدْيِ كِتَابِهِ، وَاعْلَمُوا أنَّ تَدَبُّرَ سُوَرِ القُرآنِ وَالتَّفَكُّرَ فِي آيَاتِهِ، وَالغَوْصَ فِي مَعَانِيهِ، يـُحَقِّقُ رِسَالتَهُ مِنَ الهِدَايَةِ وَالرَّحْمَةِ، ولَقَدْ بَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ كَيْـفِيَّةَ التَّعَامُلِ مَعَ هَذَا الكِتَابِ العَظِيمِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ مُخَاطِبًا نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " ( )، هَذا وإنَّ مِنْ سُوَرِ القُرآنِ الَّتِي يَنْبَغي أَنْ نَتَأَمَّلَ فيها سُورَةَ الضُّحَى، وَهِيَ سُورَةٌ تَمْـتَازُ فِي أَصْـلِهَا وَسَبَبِ نُزُولِهَا بِأَنَّهَا خَالِصَةٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَدْ نَزَلَتْ بَعْدَ أَنِ انْقَطَعَ الوَحْيُ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مُدَّةً؛ مِمَّا جَعَلَهُ يُقَلِّبُ وَجْهَهُ مُنْتَطِرًا وَحْيَ رَبِّهِ، وَجَعَلَ أَعْدَاءَهُ يَتَكَلَّمُونَ أَنَّ رَبَّهُ قَد تَرَكَهُ وَقَلاهُ، لِهَذَا نَزَلَتْ سُورَةُ الضُّحَى تُطَمْـئِنُ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَبَّهُ مَا هَجَرَهُ وَلا تَرَكَهُ، قالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ فِي مَطْلَعِهَا مُقْسِمًا بِالنَّهَارِ إِذَا انْتَشَرَ ضِيَاؤُهُ، وَبِاللَّيْـلِ إِذَا ادْلَهَمَّتْ ظُلْمَتُهُ " وَالضُّحَى ، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى " ( )، لِيَرْبِطَ بِذَلِكَ بَيْنَ ظَاهِرِ الكَوْنِ وَمَشَاعِرِ نَفْسِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ، فَالوَحْيُ بِمَنْزِلَةِ النَّهَارِ تَقْوَى فِيهِ الحَيَاةُ الرُّوحِيَّةُ، وَقَد تَعْـقُبُهُ الفَتْرَةُ وَهِيَ انْقِطَاعُ الوَحْيِ كَمَا يَعْـقُبُ النَّهَارَ اللَّيْـلُ، تَسْـتَرِيحُ فِيهِ النَّفْسُ وَتَسْـتَعِدُّ لِمَا يَسْـتَقْبِلُهَا مِنَ العَمَلِ وَتَتُوقُ إِلَيْهِ، وَفِي انْقِطَاعِ الوَحْيِ وَاشْتِيَاقِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ تَدْرِيبٌ لَنَا وَتَعْـلِيمٌ -عِبَادَ اللهِ- أَنَّ العِلْمَ لا يُتَلَقَّى جُرْعَةً وَاحِدَةً، بَلْ لا بُدَّ مِنَ التَّدَرُّجِ فِيهِ وَالإِعْدَادِ لَهُ، وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ المُنْضَبِطَةِ نَزَلَ القُرآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنَجَّـمًا عَلَى مَدَى ثَلاثَةٍ وَعِشْرِينَ عَامًا، وَقَدْ أَدْرَكَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ؛ فَكَانَ يَتَعَهَّدُ أَصْحَابَهُ بِالمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْهِمْ. عِبَادَ اللهِ:تَتَنَزَّلُ آيَاتُ سُورَةِ الضُّحَى طَمْأَنَةً مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ الوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَيْـكَ كَرَّةً أُخْرَى حَتَّى يَصِلَ الدِّينُ إِلَى كَمَالِهِ وَتَمَامِهِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى جَوَابًا لِلقَسَمِ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ( )، فَاللهُ رَاعِيكَ وَحَامِيكَ، كَيْفَ يَنْسَاكَ وَهُوَ رَبُّـكَ، وَكَيْفَ يَهْجُرُكَ وَأَنْتَ عَبْدُهُ المَنْسُوبُ إِلَيْهِ؟ وَفَيْضُهُ سُبْحَانَهُ وَعَطَاؤُهُ لا يَنْقَطِعُ وَلا يَغِيضُ، وَلا عَلَيْـكَ مِنْ كَلامِ مَنْ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ( )، اللهُ أَكْبَرُ، مَا أَعْـظَمَهَا مِنْ بِشَارَةٍ! فَاطْمَئِنَّ يَا مُحَمَّدُ فَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّـكَ، وَيَمْنَحُكَ وَيُؤْتِيكَ حَتَّى تَرْضَى؛ وَلَقَدْ أَجْـزَلَ اللهُ العَطَاءَ لرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَضِيَ؛ حَيْثُ أَكْمَلَ لَهُ الدِّينَ، وَخَتَمَ بِهِ النَّبِيِّينَ، وَجَعَلَ لَهُ لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ؛ فَمَاذَا كَانَ مَوقِفُ نَبِيِّـنِا صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ؟ شَكَر َرَبَّهُ عَلَى عَطَائِهِ، وَفَضْـلِهِ وَنَعْمَائِهِ، فََقَامَ مِنَ اللَّيْـلِ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَلَمَّا أَشْفَقَ عَلَيْهِ مَنْ رَآهُ قَالَ لَهُ: أَلَمْ يَغْفِرِ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : ((أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟)). إِنَّهُ قُدْوَةٌ لَنَا فِي شُكْرِ عَطَاءِ رَبِّنَا.أَيُّهَا المُسلِمُونَ:لَقَدْ ذَكَّرَ اللهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِجَمِيلِ صُنْعِهِ، وَمَوَدَّتِهِ لَهُ وَفَيْضِهِ عَلَيْهِ، فَذَكَّرَهُ بِالمُدَّةِ الَّتي قَضَاهَا يَتِيمًا، حَيْثُ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَمَاتَتْ أُمُّهُ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ عُمُرِهِ، وَمَاتَ جَدُّهُ الكَافِلُ لَهُ وَهُوَ فِي سِنِّ الثَّامِنَةِ مِنْ عُمُرِهِ فَكَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ تَعَالَى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى ( )، نَعَمْ آوَاهُ اللهُ، فَلَمْ يَجِدِ البُؤْسَ وَالشَّقَاءَ، وَالظُّلْمَ وَالجَفَاءَ، ثُمَّ ذَكَّرَهُ سُبْحَانَهُ بِنِعْمَةٍ أُخْرَى؛ فَقَالَ لَهُ: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ( )، فَقَدْ أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلاَّ تَطْمَئِنَّ رُوحُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى التَّصَرُّفَاتِ المُضْطَرِبَةِ، وَالعَقَائِدِ المُنْحَرِفَةِ الَّتِي كَانَتْ سَائِدَةً فِي المُجتَمَعِ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ، الأَمْرُ الَّذِي جَعَلَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم يَتَّخِذُ مِنْ غَارِ حِرَاءٍ مُتَعَبَّدًا، لِيَسْتَجْمِعَ قُوَاهُ الفِكْرِيَّةَ وَمَشَاعِرَهُ الرُّوحِيَّةَ وَمَدَارِكَهُ العَقْلِيَّةَ، تَفَرُّغًا لِمُنَاجَاةِ مُبْدِعِ الكَوْنِ وَخَالِقِ الوُجُودِ، وَاستَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جَاءَهُ الوَحْيُ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ؛ فَاهْـتَدَى مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَطُولَ المَدَى. إِنَّها نِعَمٌ يَمُنُّ بِها سُبْحَانَهُ على نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم الوَاحِدةَ تِلْوَ الأُخْرَى؛ وَقَدْ خَتَمَهَا بِنِعْمَةِ الغِنَى فَقَالَ: وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ( ) نَعَمْ أَعْطَاهُ وَأَغْنَاهُ، فَقَدْ كَانَ فَقِيرًا لَمْ يَتْرُكْ لَهُ وَالِدُهُ إِلاَّ القَلِيلَ، فَفَتَحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أَسْبابَ الغِنَى فَرَعَى الغَنَمَ بِأُجْرَةٍ، وأجَادَ فَنَّ التِّجَارَةِ، حَتَّى تَسَابَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رُؤُوسِ الأَمْوَالِ؛ فَوَصَلَ خَبَرُهُ إِلَى السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- فَاتَّفَقَتْ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ تَاجِرًا فِي مَالِهَا إِلَى الشَّامِ، فَتُعْطِيَهُ أَفْضَلَ مَا تُعْطِي غَيْرَهُ مِنَ التُّجَّارِ، وَلا يَخْفَى عَلِيكُم مَا عَوَّضَه اللهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رِجَالٍ وَأَصْحَابٍ كَانُوا يَفْدُونَهُ بِالغَالِي وَالنَّفِيسِ، وَمِنْ هَؤُلاءِ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ))، وَلَقَدْ َكَانَ صلى الله عليه وسلم أَغْنَى العَالَمِينَ قَلْبًا، وَهُوَ القَائِلُ: ((لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ))، إِنَّ رَبَّهُ هُوَ الَّذِي أَغْنَاهُ، وَآوَاهُ وَهَدَاهُ، فَكَيْفَ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْسَاهُ؟ فَليُوقِنِ المَرْءُ بِمَعُونَةِ مَولاهُ.فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَتَدَبَّرُوا سُورَةَ الضُّحَى، وَاذْكُرُوا مِنَّةَ اللهِ عَلَيْكُمْ بِبِعْـثَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَآمِنُوا بِهِ؛ يُؤْتِكُمْ كِفْـلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْـشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.*** *** ***الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَكْمَلَ لِنَبِيِّهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ النِّعْمَةَ بِهِ عَلَى العَالَمِينَ، وَنَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، آمَنَ بِاللهِ وَوَحَّدَهُ، فَأَنْجَزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ، صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:إِنَّ الَّذِي يَذُوقُ مَرَارَةَ اليُتْمِ بِنَفْسِهِ، يَسْـتَشْعِرُ هَذِهِ المَرَارَةَ فِي غَيْرِهِ، فَاليَتِيمُ أَعْرَفُ خَلْقِ اللهِ بِحَالِ اليَتِيمِ، وَلِذَلِكَ أَرَادَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَلاَّ يَنْسَى يُتْمَهُ مَهْمَا طَالَ عَهْدُهُ، وَامْـتَدَّ أَمَدُهُ، وَأَنْ يَسْـتَحْضِرَ ذَلِكَ عِنْدَ رُؤْيَةِ اليَتِيمِ، فَقَالَ لَهُ فِي سُورَةِ الضُّحَى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ( )، فَكَانَ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – لِلأَيْـتَامِ أَبًا شَفِيقًا، وَوَالِدًا بَرًّا رَفِيقًا، وَقَد تَجَلَّى ذَلِكَ فِي حُبِّهِ لِلْيَتِيمِ وَكَافِلِ اليَتِيمِ، إِذْ جَعَلَ كَافِلَ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ مِنْهُ قَرِيبًا، مُؤْنِسًا حَبِيبًا، يَقُولُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم : ((أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّـبَّابَةِ وَالوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا)). وَلَمَّا كَانَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم سَائِلاً رَبَّهُ وَلَمْ يَنْهَرْهُ؛ نَهَاهُ سُبْحَانَهُ عَنْ نَهْرِ السَّائِلِ فَقَالَ لَهُ: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ( )، فَأَعْطِ السَّائِلَ وَلَوْ قَلِيلاً، أَوْ رُدَّهُ رَدًّا جَمِيلاً، فَذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ جَلْبِ النِّعَمِ وَبَقَائِهَا، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ( )، أَيْ إِنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ بِنِعْمَةٍ فَحَدِّثْ بِهَا وَلا تُنْكِرْهَا، وَالنِّعْمَةُ الَّتِي أَسْدَاهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم نِعْمَةٌ لا تُجْحَدُ، وَلا تُنْكَرُ وَلا تُرَدُّ، وَهَلْ بَعْدَ الهُدَى وَالإِيْمَانِ مِنْ نِعْمَةٍ؟ فَحَدِّثْ بِنِعْمَةِ اللهِ وَلا تَكْفُرْهَا، وَأَعْـلِنْهَا وَلا تُنْكِرْهَا، فَالتَّحَدُّثُ بِنِعَمِ اللهِ مِنْ أَرفَعِ آيَاتِ الحَمْدِ، وَأَجَلِّ عِبَارَاتِ الشُّكْرِ، لِذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي رَأَى عَلَيْهِ ثِيَابًا رَثَّةً وَقَدْ عَلِمَ غِنَاهُ: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ)).فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَاعْـلَمُوا أَنَّ مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الضُّحَى مِنْ تَوْجِيهَاتٍ، يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مَدَاهُ فِي التَّطْبِيقِ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ، فَارْحَمُوا اليَتِيمَ وَلا تَقْهَرُوهُ، وَرُدُّوا السَّائِلَ رَدًّا جَمِيلاً وَلا تَنْهَرُوهُ، وَتَحَدَّثُوا بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْـكُمْ وَاشْكُرُوهُ، وَاقْتَدُوا بِرَسُولِكُمْ صلى الله عليه وسلم وَتَابِعُوهُ.هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " 2اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْمًا.اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ، اللَّهُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِ نِعمَتَكَ، وَأَيِّدْهُ بِنُورِ حِكْمَتِكَ، وَسَدِّدْهُ بِتَوفِيقِكَ، وَاحفَظْهُ بِعَينِ رِعَايَتِكَ.اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ بِكَ نَستَجِيرُ، وَبِرَحْمَتِكَ نَستَغِيثُ أَلاَّ تَكِلَنَا إِلَى أَنفُسِنَا طَرفَةَ عِينٍ، وَلاَ أَدنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ، وَأَصلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ يَا مُصلِحَ شَأْنِ الصَّالِحِينَ.اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، َالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.عِبَادَ اللهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ