ثمة ألفاظ شائعة بكثة في لغتنا وأحاديثنا اليومية غالبا ما يخطئ الناس في استخدامها أو نطقها على الأصل السليم الذي عرفته العربية ، معنى أنهم يقصدون بها معنى بعينه ، وغني عن القول إنَّ في اختلاف النطق اختلاف المعنى ، وتوجيها للذهن إلى أمر بعيد عن سياق الحديث ، وأيا كان الأمر فلا مسوغ لقبول نطق اللفظ على غير وجهه الدقيق وإن فهم المراد منه .
من أمثلة ذلك لفظة ( العَلاقة ) فأنت تسمعها من بعض الناس أحيانا بالكسر ، أي ( العِلاقة ).
و أحيانا بالضم ( العُلاقة ) والمقصود عند المتحدثين جميعا معنى واحد هو غالبا ( العَلاقة ) .
وأصل معناها مأخوذ من لزوم الشيء . تقول : عَلِقَ الشيء عَلاقة : لزمه . والعَلاقة : الهوى والحب اللام للقلب ، وكذلك العَلَق ، قال كثير عزة :
ولقد أردت الصبر عنك فعاقني عَلَق بقلبي من هواك قديم
ويقول أصحاب اللغة : عَلِقها عَلاقة وعلقا ، وتعلَّقها ، وتعلَّق بها ،إذا أحبها ، وللعَلاقة معان أخرى يرجع معظمها إلى هذا الأصل ، منها : العَلاقة ، لواحدة العلائق وهي المهور التي يتراضى عليها قبل الزواج ، زمنها عَلاقة الخصومة ، والنَّيل ، وغير خفي أن معظم هذا يدل على المعاني الذهنية المجردة ، أما ما يتصل بهذا المعنى من الناحية المادية فقد جاء منه قولهم :
العَلاقة : ما يتبلغ به من العيش ، أو ما كان من متاع أو مال .
لكنك إذا لفظتها بالكسر فقلت : العِلاقة اتجه المعنى إلى غرض مادي محسوس . وقد قالوا من ذلك : العِلاقة : المِعلاق الذي يعلق به الإناء . والعِلاقة : عِلاقة السيف والسوط .
وعِلاقة السوط : ما في مقبضه من السير ( أي الجلد ) ، وكذلك ، عِلاقة القدح والمصحف والقوس وما أشبه ذلك . وأعلق هذه الأشياء : جعل لها عِلاقة . والعِلاقة أيضا واحدة العلائق وهي الألقاب التي تعلق بالناس .
صفوة القول : أنك إذا أردت التصور المادي الحسي نطقت اللفظة بكسر العين فقلت : عِلاقة الثياب ، للمشجب أو المسمار الذي تعلق به ثوبا ، ولا تقل في ذلك : العلاّقة ( بالتشديد ) لأن معنى العلاّقة في المعجم : المنيّة ، أي الموت ، هذا هو المشهور في معنى اللفظة بتغير حركاتها كما نصّت كتب اللغة ، وإن كان بعضهم قد قال : علِق حب، وعلاقة حب ( بالفتح والكسر ) ، إنما اللغة العالية : عَلاقة حب ، وعليه قول ذي الرمة :
لقد علقت مي بقلبي عَلاقة بطيئا على مر الليالي انحلالها
أما العُلاقة ( بالضم ) فهي كمعظم ما اطرد من هذه الصيغة في الدلالة على البقية من كل شيء .
فلو هززت شجرة فتساقط ثمرها أو ورقها قلت على ما تبقى عالقا بفروعها من الثمر أو الورق : عُلاقة ، كالنُّحاتة ، والحثالة ، والنفاضة ، والكناسة وغيرها .

د.أحمد بنَ عبدالرحمن سالم بالخير أستاذ الدراسات اللغوية المشارك مساعد عميد كلية العلوم التطبيقية بصلالة للشؤون الأكاديمية المساندة [email protected]