ركز عليه كنموذج فريد للكاتب المسلم في عطائه وصبره وتضحيته

المؤلف: الجندي كشف كثيرا من المناطق المجهولة في التاريخ والأدب والفكر، وأضاء للأمة معالم الطريق المستقيم الذي حاول خصوم الإسلام طمسه أو تحويل الناس عنه
القاهرة ـ العمانية
كرّس المفكر الإسلامي الراحل أنور الجندي حياته لمقاومة التغريب، وتصدّى لمحاولات طمس الثقافة العربية الإسلامية، لا سيما مع سيل الاستشراق الذي كاد يجرف الكثير مما استقر عليه الفكر العربي الإسلامي، خاصة في القرن العشرين.
وبعد مرور خمسة عشر عاما على رحيل الجندي، صدر للناقد المصري الدكتور حلمي القاعود كتاب جديد عن دار البشير للطبع والنشر بالقاهرة، بعنوان" الزاهد أنور الجندي: حياته، أدبه، فكره"، يعرض فيه لرحلة حياة الجندي ومسيرة عطائه الأدبي والفكري، وجولاته وصولاته في الذود عن الإسلام.
ويركز الكتاب على الجندي كنموذج فريد للكاتب المسلم في جهاده وعطائه، وصبره وتضحيته، إذ قدم للمكتبة العربية المعاصرة مئات الكتب والدراسات، دفاعا عن الإسلام وشرحا لمقاصده، وبيانا لجوهره وغاياته.
ويبين المؤلف أن الإسلام ظلّ القضية الأولى للجندي، إذ شكل محور حياته الأدبية والفكرية طيلة ستين عاما، في ظل مناخ مسموم يكره من يكتب عن الإسلام بوعي وإصرار، ويحاصره ويحاربه، ولكن الرجل "كان يتقرب بكتابته إلى الله، وينتظر جائزته من رب الناس بالرحمة والغفران".
ويضيف أن الجندي رضي أن يعيش حياة متقشفة بسيطة يبحث وينقّب، فكشف كثيرا من المناطق المجهولة في التاريخ والأدب والفكر، وأضاء للأمة معالم الطريق المستقيم الذي حاول خصوم الإسلام طمسه أو تحويل الناس عنه.
ويتابع القاعود حديثه عن الجندي بقوله: "إنه رجل أمة ! كان ينشر كتبه على حسابه وينفق عليها راتبه البسيط لترى النور في صورة متواضعة، ولم يطلب من الموزعين شيئا، وكنت شاهدا على ذلك، وأظنه لم يتلق مقابلا من معظم الناشرين".
وكان الجندي وُلد عام 1917 بقرية ديروط في صعيد مصر، ويمتد نسبه لعائلة عريقة عُرفت بالعلم، فجده لوالدته كان قاضيا شرعيا يشتغل بتحقيق التراث، وكان والده مثقفا يهتم بالثقافة الإسلامية.
حفظ الجندي القرآن الكريم كاملا في كتَّاب القرية في سن مبكرة، ودرس الاقتصاد وإدارة الأعمال، إلى أن تخرج في الجامعة الأمريكية بعد أن أجاد اللغة الإنجليزية التي سعى لدراستها حتى يطلع على شبهات الغربيين التي تطعن في الإسلام.
بدأ الجندي الكتابة في مرحلة مبكرة، حيث نشر في مجلة "أبولو" الأدبية التي كان يحررها أحمد زكي أبو شادي عام 1933، وعندما قرأ عام 1940 ملخصا عن كتاب "وجهة الإسلام" لمجموعة من المستشرقين، ولاحظ التحدي للإسلام ومؤامرة التغريب، وجّه قلمه لمقاومة النفوذ الفكري الأجنبي والغزو الثقافي.
ومن أشهر مؤلفات الجندي الذي نال جائزة الدولة التقديرية (مصر) عام 1960: "طه حسين.. حياته وفكره في ميزان الإسلام"، "الإسلام والغرب"، "الخروج من التبعية"، "ألف مليون مسلم في مواجهة الأخطار والتحديات"، "الإسلام والثقافة العربية في مواجهة التغريب"، "الإسلام والحضارة"، "الإسلام والدعوات الصادقة"، "الإسلام والدعوات الهدامة"، "الموسوعة الإسلامية العربية"، "الإسلام والعالم المعاصر"، "الإسلامية العربية"، "الإسلام والغرب" و"معالم التاريخ الإسلامي المعاصر".
كما صدرت له كتب في مجال الأدب والنقد منها: "أضواء على الأدب العربي المعاصر"، "أضواء على الحياء والأدب"، "أضواء على حياة الأدباء المعاصرين" و"أكذوبتان في تاريخ الأدب الحديث".