الإسلام دين يدعو إلى مكارم الأخلاق وإلى مبادئ وقيم تعزز روح الأخوة والمودة بين الناس، وخاصة بين الإنسان وأقاربه، فالإسلام يدعو إلى صلة الرحم، وينهى عن قطيعتهم، قال تعالى:(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)، وقال تعالى:(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)، وقد قال الصابوني في تفسير الآية: أي فلعلَّكم إِن أعرضتم عن الإِسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية، من الإِفساد في الأرض بالمعاصي، وقطع الأرحام، قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، ويقطعوا الأرحام، ويعصوا الرحمن؟ ويقول الله تعالى في الآية التي تليها مبيناً عاقبة من يقطع رحمه:(أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
وقال النبي (صلى الله عليه وسلم):(من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه)، وقال (صلى الله عليه وسلم):(لا يدخل الجنة قاطع) ـ رواه البخاري ومسلم، وقال سفيان في روايته:(يعني: قاطع رحم).
ومما تقدم يتبين لنا أن صلة الرحم خصلة عظيمة من خصال الإسلام، وهي من أعظم أسباب دخول الجنة، وأنها سبب لبسط الرزق وسعته وللبركة في العمر.
وصلة الرحم تقره الفطرة السليمة، فالإنسان بفطرته يحب أن يصله أقاربه ويسألون عن حاله وأوضاعه، ولا يحب أن يقطعونه، وصلة الرحم دليل على التحلي بالخلق الحسن، وسعة الأفق، وحسن الوفاء.
وتكون حقيقة الصلة للأرحام بزيارتهم وتفقد أحوالهم، والسؤال عن أحوالهم وأوضاعهم، ومن المفضل تقديم الهدايا إليهم عند زيارتهم أو إرسالها لهم، وإن تبين أن من الأرحام من هم في حالة ضيق أو شدة قدم يد المساعدة إليهم بما يقدر عليه من مال أو جهد، ومساعدتهم في حل ما يتعرضون إليه من إشكال، والأهم من ذلك كله توجيههم وإرشادهم إلى عبادة الله وطاعته وتقديم النصح لهم فيما يقربهم إلى الله من أعمال الخير ونهيهم عن ما يبغض الله تعالى من أعمال الشر.
فصلة الرحم من قيم الإسلام الرفيعة والتي لابد من القيام بها امتثالا لأمر الله تعالى، ويعتبر شهر مضان المبارك فرصة طيبة من أجل صلة الأرحام، ومن المؤسف عندما نسمع عن الكثير ممن لا يبالون بأرحامهم شيئا بل من أشد التفريط في ذلك أن البعض لايعرف من هم أرحامه، ومن المؤسف كذلك أن تمر الشهور والأعوام ولا يقوم الإنسان بصلة رحمه لا بالمال ولا بالجاه ولا بالخلق فهو لايزورهم ولا يفكر بزيارتهم أو بالاتصال بهم أو بالسؤال عنهم.
فالمسلم عليه أن يخصص من وقته وقتا لزيارة الأرحام، ولا يجعل الدنيا هي شغله الشاغل في الحياة فيكون كل وقته من أجل اتباع شهواتها وملذاتها وجمع حطامها الزائل، وليعلم أن من كان حرصه على الربح والزيادة في المال بأن الله يبارك ويوسع في الرزق لمن يصل رحمه كما تبين من الأدلة السابقة.
ويعتبر شهر رمضان فرصة طيبة لصلة الرحم، فشهر رمضان تنفتح فيه الأنفس وتتشوق لعمل الخير، فعلى المسلم أن يبادر إلى ما يستطيع من أعمال تقربه إلى الله تعالى، وخاصة الأعمال الواجبة كصلة الرحم.
وليكن شهر مضان فاتحة خير لصلة الرحم، ويكون حافزاً وموقظاً للإنسان من غفلته، وبداية لسلوك الطريق الصحيح والاستقامة في عبادة الله وطاعته.

عبدالله بن يحيى الحارثي