[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
وأنا استعيد في الذاكرة بعض المحطات في حياة العملاق محمد علي كلاي الذي غادر الدنيا، ولأنه أحد رموز القوة التي شُغف بها الكثيرون من أجيال عديدة، تذكرت ما كتبه مفكر أميركي منتصف تسعينيات القرن الماضي"العشرين"، واعتقد أن ما تضمنه كتاب المفكر الأميركي في ذلك الوقت يشبه إلى حد ما، صورة محمد علي كلاي في النصف الثاني من القرن العشرين،عندما كان في أوج قوته وعنفوانه، في تلك الفترة لم يتخيل جمهور كلاي أنه في يوم ما سيكون في حال من الضعف والوهن كما ظهر في الكثير من اللقطات الفيديوية.
طرح المفكر الأمريكي ( جورج فيدال في كتابه The Decline and Fall of the American Empire ) رؤية مثيرة للجدل، مفادها أن الامبراطورية الأميركية في طريقها للسقوط ، وعندما تجري مناقشة من هذا النوع لامبراطورية تربعت على العرش حديثا بعد أن أصاب عدوها الرئيسي الخوار والضعف والوهن (الإتحاد السوفيتي السابق) حتى إنهار بصورة كاملة مطلع تسعينيات القرن العشرين ليخلوا الميدان الدولي للامبراطورية الأميركية وحدها، إذ انزاح القطب الثاني في معادلة القوة في العالم، ولم تكن ثمة ملامح لبروز قوة جديدة في القريب المنظور وحتى القوى التي كانت مرشحة للبروز في أوروبا وآسيا لا تتجاوز قدراتها الجانب الاقتصادي مثل الصين والمانيا ، لذا فقد كان الطرح الذي يرسم مستقبلا مشوشا قبل أن يكون قاتما للامبراطورية الأميركية كالذي يغرد خارج السرب).
وعندما غزت أميركا افغانستان عام 2001 والعراق 2003 اختلف المحللون والمفكرون، ثمة من رأى في ذلك الفعل العسكري تكريسا واضحا وواسعا للقوة الأميركية، لكن الذي يفهم عوامل القوة الأميركية وفي مقدمتها الاقتصاد ذهب باتجاه اخر وتوقع ضعف ووهن قد يقود إلى نتائج سلبية على الولايات المتحدة.
آواخر العام 2008 وبعد أن نشبت الأزمة الاقتصادية العالمية وإنهارت مصارف أميركية كبرى في مقدمتها ( ليمان براذرز ) ولحق بركبه اربعمائة مصرف ، بدأ الكثيرون يربطون بين خسائر أميركا في العراق وأفغاستان وما يحصل في جوهر البنية الأميركية، وهو العامل الاقتصادي.
بالعودة إلى ما طرحه جورج فيدال منتصف التسعينيات في كتابه الذي صدر باللغة الإنجليزية ولم تتجاوز صفحاته التسعين صفحة، أنه يصف الامبراطوريات بحياة الإنسان الذي ينمو ويصبح قوة ثم يبدأ بالتراجع هبوطا من اعلى القمة إلى السفح حتى يغادر الدنيا – كما حصل في حياة الراحل محمد علي كلاي.
ذهب فيدال إلى العامل الاقتصادي وهو عصب وعنوان القوة في الولايات المتحدة ، ويقول إن هذا العامل لا يمكن أن يستمر كما هو عليه ، بل أن اغراءات القوة قد تتسبب بتهور عند اصحاب القرار فتتبدد الثروة ما ينعكس سلبا على مرتكزات هذه القوة بصورة عامة.
تبدو الامبراطورية الأميركية مازالت قوية لكن صور عديدة لمحمد علي كلاي في مراحل حياته المختلفة، والنظريات التي تناولت قضية صعود وتراجع أو انهيار الامبراطوريات قد تدفع المرء لمراجعات جوهرية في قضية استمرار وانحلال الامبراطوريات عبر التاريخ.