التنظيم القانوني لعقد بيع المتجر
تناول المشرع العماني ـ في قانون التجارة العماني ـ بالتنظيم ثلاثة تصرفات ترد على المحل التجاري وهي بيع المتجر ـ موضوع مقالتنا ـ وإيجاره، ورهنه... وبطبيعة الحال لا يعني أن هذه التصرفات الثلاثة هي التي ترد فقط على المحل التجاري، فالتصرفات الأخرى التي لم يعالجها المشرع في قانون التجارة أي في نصوص خاصة تخضع لأحكام القواعد العامة طالما لم تتضمن ما يخالف أحكام هذا القانون...
وسنحاول في هذه المقالة قراءة بعض أحكام عقد بيع المتجر من خلال مفهوم المتجر وبيان كيفية إبرام عقد المتجر وإثباته وانتهائه ومن ثم الضمانات التي منحها المشرع لبائع المتجر. لا يقصد بالمتجر المكان الذي يباشر فيه التاجر تجارته أو العقار الذي يملكه أو يستعمله أو يستأجره لمزاولة تجارته... فالمحل التجاري أو المتجر هو عبارة عن منقول معنوي يتكون من مجموعة من الأموال أو العناصر المادية والمعنوية المخصصة من قبل التاجر وتهدف إلى جذب الزبائن إلى تجارة معينة وعندها يتحقق ويتكون المشروع التجاري...
وقد تناول المشرع العماني في المواد (52-59) بعض الأحكام الخاصة ببيع المحل التجاري (المتجر) وبالتالي ما لم يرد به نص خاص عندها تطبق بشأنه أحكام القواعد العامة... بداية يجب الإشارة إلى أن إبرام عقد بيع المتجر- باعتباره عقدا شكليا يتطلب لانعقاده توافر الأركان الموضوعية تتمثل في التراضي والمحل والسبب وهذه بطبيعة الحال يجب توافرها لانعقاد أي عقد ـ والأصل أن عقد بيع المتجر يتم وينعقد وينتج آثاره القانونية بمجرد إبرامه ـ طالما أنه عقد رضائي ودون حاجة إلى اتباع أو استيفاء إجراءات شكلية معينة.
إلا أن المشرع العماني قد خرج عن هذا الأصل واشترط أن يكون عقد بيع المتجر (المحل التجاري) مكتوبا وموثقا وبالتالي رتب جزاء على عدم القيام بذلك وهو بطلان التصرف بمعنى آخر أن تصرف بيع المتجر يجب أن يكون مكتوبا كتابة رسمية وهذه الكتابة ركن في العقد وليست مجرد وسيلة لإثباته... وهذا ما أكدته المادة (52) من قانون التجارة العماني حيث جرى نصها بالآتي: "لاى يتم بيع المتجر إلا بعقد رسمي ويحدد في عقد البيع ثمن البضائع والمهمات المادية والعناصر غير المادية، كل منها على حدة..."
كما أن المشرع لم يكتف بذلك وإنما ـ فوق ذلك ـ إشترط ـ عند عقد بيع المتجر أن يقوم المشتري والبائع بإشهار عقد البيع يقيده في السجل التجاري ويجب أن يكون إتمام هذا العقد خلال شهر من تاريخ بيع المتجر لماذا؟ أو من الفائدة من القيد؟ لأن هذا القيد يكفل للبائع امتيازا عليه لمدة خمس سنوات من تاريخ إتمام القيد في حالة تم بيع المتجر بأقساط...
كما أن للقيد آثارا هامة، حيث أن إجراء القيد يكون للقيد أولوية عن القيود التي تجرى على ذات المتجر... وهذا ما صرحت به المادة (53) من قانون التجارة بقولها "يشهر عقد بيع المتجر بقيده في السجل التجاري، ويجب إجراء القيد خلال شهر من تاريخ البيع، ويكون للقيد الأولوية على القيود التي تجري على ذات المتجر المشتري في نفس الميعاد، ويكفل القيد حفظ امتياز البائع لمدة خمس سنوات من تاريخه، ويعتبر القيد ملغيا إذا لم يحدد خلال المدة السابقة ويشطب القيد بتراضي أصحاب الشأن أو بموجب حكم نهائي."
وكما أن المشرع العماني أوجد العديد من الضمانات ـ عند بيع المتجر ـ لبائع المتجر ففي المقابل أوجد العديد من الضمانات لدائني بائع المتجر، باعتبار أن المتجر يشكل قسما من الذمة المالية للتاجر، وهذه الذمة يجب أن تكون ضامنة للوفاء بديونه وهذا ما أكدته المادة (55) من ذات القانون بقولها: "على المشتري أن يحتفظ بالثمن تحت يده لمدة عشرة أيام بعد إتمام إجراءات الإنتهاء ولكل دائن خلال المدة المذكورة المعارضة تحت يد المشتري في الوفاء بالثمن للبائع، ويكون للدائن إجراء هذه المعارضة ولو لم يكن دينه قد حل أو لم يكن تحت يده سند...".
مقالتنا القادمة ـ إن شاء الله ـ في موضوع قانوني آخر...

د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد ـ كلية الزهراء للبنات
[email protected]