الأحد 08 سبتمبر 2024 م - 4 ربيع الأول 1446 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : اتفاق بكين خطوة لتوحيد الصف الفلسطيني

الأربعاء - 24 يوليو 2024 07:12 م

رأي الوطن

120

يأتي إعلان بكين الَّذي وقَّعته الفصائل الفلسطينيَّة برعاية صينيَّة، واتِّفاقها حَوْلَ الخطوط العريضة لطريقِ المصالحة، في وقتٍ شديد الدقَّة، ووسط أزمةٍ وجوديَّة تواجِه القضيَّة الفلسطينيَّة، في ظلِّ حرب الإبادة الجماعيَّة الَّتي تشنُّها دَولة الاحتلال الصهيوني على كافَّة الأراضي الفلسطينيَّة، وسط تواطؤ البعض وصَمْتِ البعض الآخر في المُجتمع الدّولي، ما يستلزم توحيد الصَّف، والانطلاق نَحْوَ المواجهة مع الكيان الصهيوني من صفٍّ فلسطيني موَحَّد، يمتلك كافَّة الخيارات الممكنة للتَّعامل مع جميع الانتهاكات والجرائم الَّتي ترتكبها دَولة الاحتلال المارقة، الَّتي تسعى إلى القضاء على الحقوق الفلسطينيَّة المشروعة، وفرض الرؤية الأحاديَّة للصهاينة، واستيلاء دَولة الاحتلال على كامل الأراضي الفلسطينيَّة، الَّتي باتَتِ الآن في حاجةٍ ضروريَّة لقيادةٍ موَحَّدة تملك خياراتها وتضمُّ كافَّة ألوان الطَّيف الفلسطيني. ولعلَّ أهمَّ النّقاط الَّتي توصَّل إِلَيْها الاتِّفاق هو تشكيل حكومة توافُق وطني فلسطيني تُدير الشَّعب الفلسطيني على كامل أراضيه المُحتلَّة، سواء في غزَّة أو الضفَّة، ويكُونُ لها صلاحيَّة كاملة في الإشراف على إعادة الإعمار، وتهيِّء الظروف للانتخابات بشكلٍ يُعطي للشَّعب الفلسطيني حقَّ انتخاب قيادته، بِغَضِّ النَّظر عن الرِّضا الصهيوني أو الغربي، وهي خطوة ستجعل هذا الإعلان (إعلان بكين) يُشكِّل سدًّا منيعًا أمام كُلِّ التدخُّلات الخارجيَّة، خصوصًا الَّتي ترمي لاستجلابِ قوى دوليَّة لإدارة الأراضي الفلسطينيَّة، والَّتي تسعَى لفرضِ واقعٍ ضدَّ مصالح الشَّعب الفلسطيني في إدارة شؤونه بعد الحرب، والعمل على تحقيق أولويَّات دَولة الاحتلال الصهيوني، الَّتي استبقت أيَّ خطوة لتطبيق إعلان بكين، بالتَّأكيد على لسان وزير خارجيَّتها بأنَّ هذا (أمْرٌ لن يحدُثَ)، كما انتقدت ما أسمَتْه بانخراط الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ذلك الاتِّفاق.

إنَّ هذا الموقف الصهيوني يؤكِّد أهميَّة الاتِّفاق الَّذي وقَّعته الفصائل، والَّذي يحرص على إقامة وحدة وطنيَّة فلسطينيَّة شاملة تضمُّ كُلَّ القوى في إطار منظَّمة التَّحرير، وهو ما يجعل المنظَّمة هي الممثِّل الشَّرعي الوحيد للشَّعب الفلسطيني، بالإضافة إلى تأكيد الاتِّفاق على الالتزام بقيام الدَّولة الفلسطينيَّة المُستقلَّة وعاصمتها القدس، والتمسُّك بكافَّة الحقوق والثَّوابت الفلسطينيَّة طبقًا لقرارات الأُمم المُتَّحدة ذات الصِّلة. وتميَّز الاتِّفاق الجديد ـ بجانب هذه الأُسُس ـ بتعدُّد خيارات الشَّعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، فقد نصَّ الاتِّفاق على حقِّ الفلسطينيِّين في مقاومة الاحتلال وإنهائه وفق القوانين الدّوليَّة، وميثاق الأُمم المُتَّحدة، ما يُعطي مساحةً أوسع بجانب حقِّ المقاومة السِّلميَّة الَّتي تتبنَّاها حكومة الرئيس عباس، فحقُّ المقاومة وفق ما تقرُّه القوانين الدوليَّة، بما يشمل ضمنًا المقاومة المُسلَّحة الَّتي تتبنَّاها فصائل المقاومة. لقد عبَّر هذا الاتِّفاق ـ الَّذي سيكُونُ تاريخيًّا حالَ تنفيذِه ـ عن الإرادة الفلسطينيَّة الجامعة، حيث رفضت الفصائل كُلَّ أشكال الوصاية ومحاولات سلْبِ الشَّعب الفلسطيني حقَّه في تمثيل نَفْسِه أو مصادرة قراره الوطني المُستقلِّ، في إشارةٍ إلى خططٍ أميركيَّة و»إسرائيليَّة» لإدارة غزَّة بعد الحرب بقوَّات دوليَّة، ما يفرض على المُجتمع الدّولي احترام الإرادة الفلسطينيَّة، ودعم الجهود الرَّامية إلى تشكيلِ حكومةٍ فلسطينيَّة مؤقَّتة تبسط سيطرتها على غزَّة والضفَّة الغربيَّة، وكامل الأراضي الفلسطينيَّة المُحتلَّة، والانطلاق نَحْوَ إقامة سلامٍ عادلٍ وشامل يحترم الشَّرعيَّة الدوليَّة، ويضعُ جدولًا زمنيًّا محدَّدًا لتنفيذِ حلِّ الدولتَيْنِ.