منذُ القِدَم تؤدِّي الموانئ دَوْرًا محوريًّا في التَّنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة للبُلدانِ، خصوصًا البُلدان ذات الموقع الجغرافي المتميِّز، ولا تزال الموانئ تؤدِّي هذا الدَّوْر المحوري، حيث يتمُّ نقْلُ أكثر من (80%) من تجارة السِّلع العالَميَّة عَبْرَ الطُّرق البحريَّة، لذا تُشكِّل الموانئ أهمَّ نقاط الارتكاز في سلاسل الإمداد العالَميَّة، ما يجعلها ذات أهميَّة كبرى في استراتيجيَّات النُّمو في العديد من الاقتصادات، خصوصًا الاقتصادات الصَّاعدة، وبالمقابل جعل التنافس يحتدم بَيْنَ الدوَل والعمل على زيادة الاستثمار فيها؛ لِتكُونَ صالحة للملاحة، ويُمكِن ربطها بخطوطٍ بحريَّة كبرى، ما يستلزم تطوير البنية الأساسيَّة عالية الجودة؛ لكَيْ تعملَ الموانئ بكفاءة عالية، ويُعزِّز الثِّقة اللازمة لجذبِ الاستثمار في أنظمة الإنتاج والتوزيع، ومسانَدة نُموِّ الصِّناعات التحويليَّة والخدمات اللوجستيَّة، وإيجاد فرص العمل، وزيادة مستويات الدَّخل.
ومن هذا المنطلق، تعمل سلطنة عُمان منذُ عقود طويلة على تطوير موانئها ذات الموقع الاستراتيجي المتفرِّد، حيث تمتلك منظومة الموانئ البحريَّة العُمانيَّة مُقوِّمات كبيرة، ما يؤهِّلها لكَيْ تكُونَ أحَد أكثر القِطاعات مساهمةً في تطوُّر أنشطة الشَّحن والخدمات اللوجستيَّة وغيرها من الأنشطة الاقتصاديَّة، ويُمكِّنَها من أداء دَوْر حيَويٍّ في تعزيز تنافسيَّة الصَّادرات العُمانيَّة ومكانة السَّلطنة على خريطة التجارة واللوجستيَّات العالَميَّة، وتسعَى السَّلطنة إلى تعظيم النُّمو في قِطاع الموانئ، وإعطائه الزَّخَم المطلوب من التوسُّع في حجمِ الأنشطة وعمليَّات المناولة، خصوصًا مع تزايد تشغيل الأنواع الحديثة من الرافعات الَّتي تسرِّع وتزيد من حجمِ المناولة، وتُمكِّن من التَّعامل مع أكبر سُفنِ الحاويات العالَميَّة، الَّتي تعمل على زيادة القدرة الاستيعابيَّة وتحسين الكفاءة لتلبيةِ متطلبات النُّموِّ في السُّوق، ورفعِ حجمِ عمليَّات مناولة البضائع في الميناء.
وتعمل تلك الجهود على ربطِ شبكة الموانئ في سلطنة عُمان مع أهمِّ الموانئ والأسواق العالَميَّة، وهو ما سيُسهم في استحداث خطوطٍ ملاحيَّة جديدة تُسهم في دعمِ دَوْرها كمراكز لوجستيَّة وبوَّابات تجاريَّة. وتحقيقًا لتلك الأهداف، استحوذت مجموعة «أسياد» على شركة «سكاي بريدج لحلول الشَّحن» لتتوسَّعَ بعمليَّاتها التشغيليَّة في أكبر اقتصادات العالَم مِثل دوَل مجلس التعاون لدوَل الخليج العربيَّة والصين والهند والولايات المُتَّحدة، وستستفيد المجموعة من شبكة حلول الشَّحن العالَميَّة لشركةِ «سكاي بريدج» الَّتي تغطِّي (90) موقعًا جغرافيًّا، وهو ما سيُمكِّن (أسياد) من توسيع قاعدة عملائها وربطِ سلطنة عُمان وموانئها بطُرقِ التجارة العالَميَّة، وتسهيل حركة البضائع، وتمكين القِطاع الخاصِّ والمؤسَّسات الصَّغيرة والمتوسِّطة عَبْرَ ربطِها بالأسواق الدوليَّة؛ وبالتَّالي تعزيز الاقتصاد الوطني وتحريك عجلة التَّنمية المستدامة.
وأهمُّ ما يُميِّز تلك الخطوة الَّتي قامت بها «أسياد» أنَّها تُعَدُّ الاستحواذ الأوَّل من نَوْعه في قِطاع الأنشطة اللوجستيَّة الرئيسة للمجموعة على الصَّعيد الدّولي، والَّذي من شأنه أنْ يُعزِّزَ تنوُّع محفظة أصول المجموعة ونموذج الحلول اللوجستيَّة المتكاملة لأسياد الرائد على مستوى المنطقة، كما سيؤدي هذا الاستحواذ إلى ترسيخ حضور المجموعة في أسواق تجاريَّة جديدة في الشَّرق الأوسط وإفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الشماليَّة، وستعمل المجموعة على تعظيم تنافسيَّتها ورفع حصَّتها في السُّوق العالَمي من خلال تعزيز قدراتها المتكاملة في توفير خدمات لوجستيَّة شاملة ومتنوِّعة تُلبِّي متطلبات العملاء في قِطاعات التَّخزين، وحلول سلاسل الإمداد، وخطوط الشَّحن البحري، وأنشطة الموانئ، وستفتح «أسياد» عَبْرَ شبكة مكاتب مندوبي سكاي بريدج حَوْلَ العالَم، أمام الشركات في سلطنة عُمان ودوَل مجلس التعاون طُرقًا تجاريَّة عالَميَّة جديدة، وتُعزِّز الرَّبط التجاري بَيْنَ المنطقة وأبرز الوجهات التجاريَّة وبُلدان المنشأ كالهند والصين شرقًا وأوروبا والولايات المُتَّحدة غربًا، ما يُعزِّز الحضور في الأسواق العالَميَّة في إطار متابعة المجموعة لنهجِها التوسُّعي الاستباقي الَّذي يُركِّز على تعزيز الاستدامة الماليَّة وزيادة التنافسيَّة العالَميَّة.