الاحد 19 مايو 2024 م - 11 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

فن الدبلوماسية.. بروتوكول وإتيكيت توقيع الاتفاقيات المحلية والدولية «2»

فن الدبلوماسية.. بروتوكول وإتيكيت توقيع الاتفاقيات المحلية والدولية «2»
الثلاثاء - 07 مايو 2024 05:13 م

د. سعدون بن حسين الحمداني

40

يؤسفني ويحزنني كثيرًا بأن نلاحظَ ونشاهدَ في وسائل الإعلام، سواء المرئية أو المقروءة وبقية الوسائل من نشرات ورقية أو غيرها، وخصوصًا من بعض قيادات الخطِّ الثاني أو الثالث بمختلف دوَل العالم الثالث بعد التوقيع أو أثناء التوقيع يلتقطون صورةً تذكارية وكأنَّهم في متنزَّه أو حديقة، وبعضهم يرفع الاتفاقية كأنَّها شهادة مدرسية وفرحان وسعيد كأنَّه ناجح في امتحان الثانوية العامَّة (دبلوم التعليم العام)، نسيَ أو تناسى أنَّ هذه الاتفاقية تُمثِّل هَيْبةً وسيادة وفخرًا للبلد أو للجهةِ التي يُمثِّلها، بعضهم يضعون غطاء أبيض على الطاولة وكأنَّها طاولة في حفلة عرس أو يقفون لالتقاطِ صوَرٍ وكأنَّهم فريق كرة قدم حاصل على كأس الدَّوري، في حين الجهات الأجنبية على مختلف مسمَّياتها، ومنها السفارات والشركات الكبرى، تشاهد وتُقيِّم هذه الأشياء التي تعكس كاريزما والإتيكيت العالي لدى الشخص والجهة إيجابيًّا أو سلبيًّا.

هناك عدَّة نقاط جوهرية من بروتوكول وإتيكيت توقيع الاتفاقيات نذكُر من أهمِّها: أماكن إعلام الدوَل، سواء على الطاولة أم خلْفَها، المسافات البينية الرَّسمية بالجلوس بين الطرفين أو عدَّة أطراف، قد يكُونُ التوقيع جانبيًّا أو متقابلًا بين الطرفين، باقة الزهور وألوانها، أسبقية ووقت حضور وكالات الإعلام لتغطيةِ الحدَث، إتيكيت الكلمة الترحيبية والتصريح الصحفي، مهارة إدارة الوقت في التوقيع، كيفية التهرب من وسائل الإعلام والأسئلة المُحرِجة والذين يصطادون في الماء العكِر، فريق مراجعة الاتفاقية بـ(جميع النسخ) قَبل التوقيع لغرَضِ التأكد من جميع النقاط المُتَّفق عليها خوفًا من سقوط أحَد البنود أو تمَّ إلغاؤها أو إخفاؤها بصورةٍ مقصودة أو غير مقصودة كما حصل في أحَد اجتماعات مجلس التعاون الخليجي عندما اختفت صفحتان من البيان (هذا ما صرَّح به الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق في برنامج أروقة السُّلطة) لذلك على الفريق المُرافِق التأكد من كُلِّ بنود الاتفاقية مستندين إلى مسوَّدة الاتفاقية الأولى أو ما تسمَّى (اتفاقية الأحرف الأولى).

بالإضافة إلى ذلك التأكيد على فريق العمل (العلاقات العامَّة أو المراسم أو التشريفات) أو مَن ينوب عنهم الاهتمام بما يلي: وضع سارية عَلَم البلديْنِ خلْفَ كُلِّ واحد منهم أو عَلَم الدولتيْنِ أن يكُونَ صغيرًا، يكُونُ العَلَم الوطني على سارية خلْفَ الطاولة إذا كانت مراسم التوقيع في مكتب، ويكُونُ مقاس العَلَم (1×2م)، وارتفاع السَّارية (2.5م) دُونَ عَلَمِ دولتَيْهما على طاولة التوقيع، الزِّي الرَّسمي، تهيئة طاولات، كراسي، أقلام التوقيع، سواء متقابلة أو طاولة كبيرة بعد إعلام وأخبار الجميع بآليَّة التوقيع، مع باقة وردٍ على ألَّا يزيدَ ارتفاعها عن (10 سم)، وتكُونَ طولية بـ(حدود متر) لِتغطيةِ شكل التوقيع وبنود الاتفاقية خوفًا وتجنبًا من قِبل بعض المصوِّرين (مدفوعي الثَّمَن) لغرضِ عمل (زووم) وسرقة بنود وشكل التوقيع لاستخدامه لأغراضٍ أخرى لأخذِ الحيطة والحذر وهو جانب أمني مطلوب في وقت توقيع الاتفاقيات، كما أنَّ من المستحسن أن تكُونَ ألوان الزهور محدودة وهي:(الأبيض وهو الأغلب، والأحمر والوردي) ونبتعد عن اللون الأصفر والألوان الأخرى؛ لأنَّ هذه الباقة ليست مصنعًا لإنتاج الأصباغ، وهو ما نلاحظه عند مكاتب المسؤولين عبارة عن باقات زهور مختلفة الألوان، وبالتَّالي فإنَّ البُعد الموجي للعَيْنِ البشرية لا تستطيع أن تعكسَ الانطباع الإيجابي، وإتيكيت الجلوس. فالدَّولة المستضيفة تكُونُ على يمين المشاهد، ويجلس الضَّيف على يمين الجهة الراعية والمستضيفة، وهناك شخصية اعتبارية وشرَفية تقف خلْفَ ممثِّلهم، وأقلام التوقيع يجِبُ أن تكُونَ من الأنواع الممتازة ذات الماركة الرَّصينة، وألوان ملابس الطرفين تختلف إن كانت (صباحًا أو ليلًا) ويُفضَّل لبسُ الألوان الفاتحة بجميع أنواعها، والبشت الأسود، والابتعاد عن الألوان الشعاعية الفسفورية الداكنة كالأحمر والأزرق والأصفر، المسافة بين الشخصين أو بين الأطراف التي توقِّع الاتفاقية تُقدَّر بين (50 سم إلى 75 سم)، ولا توضع العطور النفَّاثة والقوية؛ لأنَّنا لا نعرف ذوق الطرف الآخر، ولا يُفضَّل وقوف عدَّة أشخاص خلْفَ الطرفيْنِ الموقِّعَيْنِ، وبعد التوقيع يتمُّ المصافحة وكلمات التهاني وتبادل ملفَّات الاتفاقيات، ويكُونُ ملف اتفاقية المستضيف هي الأولى وإلى الأعلى، والتقاط الصورة التذكارية (أثناء المصافحة فقط) بدون رفع ملف الاتفاقية أمام الجمهور الإعلامي.

وفي الختام، علينا توفير كافَّة مستلزمات التوقيع، سواء على مستوى لُغة الجسد أو إتيكيت وبروتوكول استقبال الضَّيف، نوع الطاولة، نَوْع وعدد وشكل الزهور، نوعية الحضور من الوكالات الإعلامية، التوقيت المناسب لتوقيعِ الاتفاقية، الأشخاص والهندام الخارجي، إتيكيت تبادل ملفَّات الاتفاقية، كلمات المجاملة وإدارة الحديث، عدم الإفشاء ببنود الاتفاقية بصورة تفصيلية.

د. سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت