الخميس 09 مايو 2024 م - 1 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

عن الاستقالات فـي الجيش «الإسرائيلي»

عن الاستقالات فـي الجيش «الإسرائيلي»
السبت - 27 أبريل 2024 04:41 م

علي بدوان

30

تَرَكت مأثرة الصمود الفلسطيني، وثباته فوق أرض قِطاع غزَّة، آثارًا كبيرة على جيش الاحتلال الصهيوني، وعلى نتنياهو شخصيًّا، الذي كان قد أطلق في بدايات الحرب الهمجية على القِطاع، وعلى لسان مساعديه سلسلة من التصريحات العنصرية الفاشية التي تحدَّثت عن نيات إخراج كُلِّ فلسطينيي القِطاع نحو سيناء المصرية، وإفراغ القِطاع من مواطنيه بعد تدمير كُلِّ البنى التحتية وجعله غير قابل لحياة البَشَر، وإعادة الاستيطان التهويدي في المرحلة التالية على الأرض بعد أن كانت حكومة الجنرال أرئيل شارون عام 2005 قد قرَّرت الانسحاب الكامل من القِطاع، وتمَّ في حينها تفكيك المستعمرات من على أرض القِطاع، بدءًا من المستعمرة الكبيرة (غوش قطيف).

تقديرات نتنياهو ومشاريعه بشأن القِطاع، تبيَّن الآن وبعد الصمود الفلسطيني في قِطاع غزَّة والضفة الغربية والقدس وعموم فلسطين التاريخية، أنَّها ليست سوى أضغاث أحلام، فالشَّعب الفلسطيني ما زال رغم المحنة، وأكوام الجثث والجثامين، وكُلِّ الفظائع التي ارتكبت بحقِّه مُصرًّا على البقاء على أرض وطنه، ولن يُكررَ نكبة العام 1948.

فشل العدوان في تحقيق المبتغى البعيد لِما أراده نتنياهو ومجموعة غلاة المتطرفين في «إسرائيل»، والخسائر الكبرى التي تعرَّض لها جيش الاحتلال في الطاقة البشرية والعتاد العسكري، وفشل الاستخبارات، دفع نحو توليد حالة من التساؤلات داخل قِطاعات ومرافق «الجيش الإسرائيلي» وأذرع الأمن والاستخبارات، فأعلن مؤخرًا وتحديدًا يوم الـ(22) من إبريل ـ نيسان 2024 رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (آمان) الجنرال (أهارون حاليفا) عن استقالته، التي تمَّ قَبولها، وتلاه قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، المسؤول عن منطقة الضفة الغربية المحتلَّة الجنرال (يهودا فوكس)، ويتوقع أن تتتالى قائمة الاستقالات من قائد فرقة غزَّة وضباط آخرين، الذين اعتبرهم رئيس أركان الجيش الجنرال (هيرتسي هليفي)، «يتحمَّلون مسؤولية (الإخفاق)» ويحلل نَفْسه من المسؤولية ومعه نتنياهو، حيث يتصرف نتنياهو، كأنَّ مسألة الإخفاق لا تتعلق به أبدًا. ويتوقع للأزمة التي تَعصِفُ بـ»الجيش الإسرائيلي» وتُهدد كبار الضباط بالاستبعاد من المؤسسة العسكرية، سواء بالإقالة أو الاستقالة، يتوقع لها أن تستمرَّ مع استقالة رئيس المخابرات العسكرية، وأن تؤديَ إلى موجات أوسع في المخابرات العسكرية «أمان» وغيرها، وهذا قد يحدُث على الأرجح بعد انتهاء التحقيقات الداخلية، في بداية حزيران/يونيو على ما يبدو بشأن الحرب على غزَّة وتقييمها، وربَّما قَبل ذلك كما سربت بعض المصادر «الإسرائيلية». إنَّ حجم الاستقالات في البنية البشرية لـ»الجيش الإسرائيلي» تزايدت خلال الشهرين الأخيرين، لذلك تمَّت المطالبة بتجنيد المعفيين من الخدمة العسكرية (الحريديين) من طلاب المدارس الدينية، وهو ما فاقم من الأزمة الداخلية لحكومة نتنياهو، حيث تمَّ رفض الأمور من قِبل الأحزاب الحريدية المؤتلفة معه (شاس + يهوديت هتوراه). وفي ظلِّ هذا الوضع، باتَ نتنياهو وأركان حربه ومجلس «الكابينيت» في حالة حيرة، مع ظهور الانقسام داخل مجلس الكابينيت بشأن مجريات الحرب، وقد دعا عضو «الكابينيت» من المعارضة (يائير لبيد) نتنياهو للاستقالة مثل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. كما باتَ «مجلس الكابينيت يهتز» على وقْع المرحلة التالية حال توقفت الحرب التي أنزلت كيان «إسرائيل» إلى الحضيض في المُجتمع الدولي، فضلًا عن المناخ الداخلي في المُجتمع «الإسرائيلي» الذي ضاقت به الأمور ذرعًا نتيجة ما وصلت إليه الأمور، لذلك علينا أن نلحظَ نتائج استطلاعات قناة «13» العبرية يوم الـ(23) من إبريل ـ نيسان 2024، حيث أشارت إلى أنَّ (68%) من المُستوطنين المُستعمرين، لا يصدقون بأنَّ نتنياهو على بُعد «خطوات قليلة من النَّصر» كما زعم مؤخرًا.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك