الاثنين 06 مايو 2024 م - 27 شوال 1445 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : إبادة جماعية عار على العالم فـي القرن الـ21

الأربعاء - 24 أبريل 2024 06:20 م

رأي الوطن

50


تؤكِّد المقابر الجماعية المكتشفة مؤخرًا في قِطاع غزَّة، والمجزرة النَّكراء التي ارتكبها جيش الاحتلال في مُخيَّم (نور شمس) بالضفَّة الغربية، حقيقة حربه الإبادية الشاملة على الشَّعب الفلسطيني، الذي لا يزال البعض يربطها بأحداث السابع من أكتوبر الماضي، ويحاول أنْ يتجاهلَ أنَّ تلك الجرائم الدموية تؤكِّد أنَّ الإرهاب المُنظَّم لمنظومةِ الاحتلال أداةٌ لِتَطبيقِ خططها الرامية إلى إلغاء الوجود الأزليِّ لأبناء فلسطين على أرضهم. فما يجري من اقتحام للمستشفيات والاعتداء على الطواقم الطبية والصحفية كما جرى في (نور شمس) ويجري في قِطاع غزَّة بشكلٍ يومي يكشف النَّزعة الفاشيَّة لدى منظومة الاحتلال وجيشها باعتباره الأداة العدوانيَّة، التي تعمل على تحقيق الأهداف الخبيثة لهذا الكيان الإرهابي، في ظلِّ مُجتمع دولي منقسِم بين الدَّعم والمسانَدة له ومشاركة جرائمه، وبين آخر صامت على تلك الجرائم.

إنَّ المُجتمع الدولي مطالَب الآن، بعد جلاء الحقائق واكتشاف المقابر الجماعية في القِطاع، بالتدخُّل الفوري والحاسم ومحاسبة منظومة الاحتلال الاستعمارية على جرائمها التي ترتكبها على رؤوس الأشهاد، فالصَّمت الدولي المُطْبق، والانحياز الأميركي المطلق لمنظومة الاحتلال (الذي اكتفى بالتعبير عن القلق ممَّا اكتشف من مجازر)، سيؤدِّيان إلى ما لا يحمد عقباه في المنطقة ككُلٍّ. فالعالم يحتاج أوَّلًا إلى تحميل منظومة الاحتلال الاستعمارية المسؤولية الكاملة عمَّا آلَتْ إليه الأوضاع وما ستؤول إليه جرَّاء مجازرها وإرهابها المستمر لأكثر من (200) يوم متواصلة، خصوصًا وأنَّ العدد الأكبر من الشهداء من ضحايا المقابر الجماعية واقتحام المستشفيات، من النساء والأطفال، إذ تتعمَّد قوَّات الاحتلال جرف عشرات الجُثث ودفنها قَبل انسحابها من أيِّ منطقة في القِطاع.

ولعلَّ إجراء تحقيق دولي ـ بعد الكشف عن تلك المجازر والمقابر الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في باحات المُجمَّعات الطبية في قِطاع غزَّة ـ هو أبسط ردٍّ على ما يرتكب من جرائم أعادت للإنسانية ذكريات سيئة كاد العقل الجمعي ينساها في عصرنا الحديث. إلَّا أنَّ الجرائم الصهيونية أبَتْ إلَّا أنْ تذكِّرَنا بتلك الحقب التي أُبيدت فيها شعوب كاملة من أجْلِ أن يسرقَ المحتل الغربي أرضهم ومقدراتهم، وظننَّا أنَّ بناء منظومة أُمميَّة فاعلة قد يُجنبنا تلك المجازر التي تقُودُ المنطقة نحو خطرٍ محدق. فمن المؤسِف والمُشِين أنْ يستمرَّ انتهاك القانون الدولي والقِيَم الإنسانية بهذه الفجاجة في القرن الحادي والعشرين، على مرأى ومسمع من جميع دوَل العالم والمنظَّمات الدولية المعنية ومجلس الأمن الدولي.

إنَّ أبسط ما يُمكِن فعله في الوضع الحالي هو تشكيل لجنة تحقيق مستقلَّة فيما يُرتكَب من جرائم ضدَّ الإنسانية في كافَّة الأراضي الفلسطينية، خصوصًا في قِطاع غزَّة، تجري تحقيقًا دوليًّا، وتعمل على اتِّخاذ إجراءات مستقلَّة لِمُواجهةِ مناخ الإفلات من العقاب الذي يعيش كيان الاحتلال الصهيوني في ظلِّه الآن. فما حدَث ويحدُث من إبادة وتطهير عِرقي للمَدَنيين والمعتقلين وطواقم الإنقاذ في مُجمَّعي النَّصر والشِّفاء في قِطاع غزَّة يؤكِّد أنَّ ما يحدُث لا يُمكِن وصفه إلَّا بجريمة حرب، خصوصًا وأنَّ مُعْظم الضحايا من فئة الأطفال والنِّساء. فجُثث الضحايا بشهادة المنظَّمات الأُمميَّة طمرت عميقًا في الأرض وغطِّيت بالمُخلَّفات، وكان بعض الضحايا مكبَّلي الأيدي وبلا ملابس، ما يؤكِّد أنَّ المُجتمع الدولي هو ما يحتاج التحرُّك والمحاسبة على الصَّمْت على تلك الجرائم النَّكراء.