الاثنين 06 مايو 2024 م - 27 شوال 1445 هـ
أخبار عاجلة

مستحقات الأداء الأمثل

مستحقات الأداء الأمثل
الأربعاء - 24 أبريل 2024 05:01 م

عادل سعد

30


تتكرر في الوقت الحاضر بالمزيد من التأكيد الدَّعوة إلى الأداء الأمثل، وأحيانًا (الأداء الأجود) في متواليات تبليغية خاصَّة بالتنمية المستدامة، وكأنَّ هناك نقصًا في الاهتمام بذلك، بينما تذهب حقيقة هذه المتواليات إلى أنَّ حجم التحدِّيات التي تواجه التنمية المستدامة في العالم قد تعاظم نظرًا لضخامتها، حيث أخذت تضربه وتقيم حضورها المؤثِّر في الحياة الاقتصادية العامَّة، وقد تحوَّلت تدريجيًّا إلى إعاقات مكلفة حقًّا.

لقد تبيَّن ذلك من خلال الآليَّات التي تعتمدها الأُمم المُتَّحدة لِتَنفيذِ الأهداف المعروفة السبعة عشر للتنمية المستدامة، وكذلك من خلال مشاريع وخطط تنموية في بعض بلدان العالم.

إنَّ تلك العبارة (الأداء الأمثل) باتت لازمة لا يُمكِن الاستغناء عنها في ربطٍ جدليٍ واضحٍ بينها وبين الأداء الأفقي لِصَالحِ قرانهما.

لا أنكرُ العُمق التاريخي الذي جعل منها لازمةً من لوازم الجودة وفق مقاييس الأيزو المعروفة دوليًّا، بل إنَّ ما استوقفني التشديد اللافت عليها والتدوير المعرفي المتكرر ممَّا يشي بوجود تهديداتٍ للإنجازات النوعية إذا لم تؤخذ بعَيْنِ التطبيق الحازم لها، وإذا كان لا بُدَّ من تفصيل وقائعي لِتَأكيدِ ذلك فلي أن أتوقفَ عند ثلاث نقاط:

• النتائج الكارثية لأعاصير ممطرة وارتفاعات في معدَّلات الحرارة وتبعاتها، من جفاف وتصحُّر ضِمن تصعيد مناخي غير مسبوق لم يتوقعه خبراء الأرصاد الجوِّي.

لقد تسببت هذه الظواهر المناخية بخسائر جسيمة طالت سياقات تنموية ودفعت أصحاب العلاقة في التنمية المستدامة إلى إعادة جدولة أعمالهم بما يعالج ويعوض تلك الخسائر، ومن قراءة لِتَقريرٍ صدر قبل يومين، يتبين لنا حجم التوقُّعات المحسومة عن متغيِّرات مناخية قاسية إضافية تنتظر العالم.

الحال، هناك افتقار واضح على صعيد الأشخاص والمؤسَّسات لِمَا يسمَّى بثقافة الطوارئ، مع أنَّ الذين يملكون رصيدًا معينًا من هذه الثقافة قادرون على احتواء الخطر أكثر من غيرهم.

• التعقيدات المتعلقة بالاستخدام التقني الحديث، وما يتطلب من استيعاب وتوظيف للتقانة ضِمْن سياقات تتكيف مع مبتكرات الذَّكاء الاصطناعي، أحَد أبرز محركات الأداء الأمثل للتنمية الآن.

• التبشير المتواصل بأنَّ ما يحكم فرص النُّمو والتجارة وإيجاد أسواقٍ هو المنافسة في أوسع نسخها، وبعضها منافسة متوحشة تقوم على كسر سلع الآخرين، فكيف لا تكون هناك مبرِّرات للأداء الأمثل لإنتاج سلع قادرة على الصمود وتعزيز الحضور، مع حقيقة أنَّ من مستلزمات التسويق الناجح عرض سلعٍ هي حصيلة الأداء الإنتاجي الأجود.

السؤال هنا: ما هي مستلزمات الأداء الأمثل؟ لا أزعم لِنَفْسي أنَّني قادر على رسم مخطَّطٍ هندسيٍ متكاملٍ لهذه المستلزمات، ولكن من معاينة، ومتابعة، ومقارنة، ومن تفكيك، أنَّ الأداء الأمثل يكمن بالدرجة الأساس في المواظبة على العمل بروح المثابرة مع الفحص الدَّوري، ووجود رصيد وازن من الاحتياطي العملي لِسَدِّ الفجوات التي تحصل، وإدامة زخم الإنتاج وتكوين فائضٍ معرفيٍ قادر على احتواء كُلِّ المفاجآت. وتحضرني هنا توصية للخبيرِ الاقتصادي المصري حازم الببلاوي (رئيس وزراء أسبق) حين أشار إلى أنَّ إحدى أخطر مقاربات الانكشاف الاقتصادي تكمن في الأداء التنموي التقليدي الذي لا يضع المبادرة والفطنة والفحص الدَّوري على سلَّم الأولويات.

للمعلومات ليس إلَّا، يحسب للأميركيين التوصية التي تدعو إلى العصف الذهني من أجْلِ تجديد مفردات الذاكرة والتداول الحيوي، والانتباه إلى ما يجرى حولك. ولي أيضًا أن أستعينَ مجددًا بالتوصية الصينية التي تقول لا تصعد السلالم ويدك في جيبك. أي، عليك الإمساك بفرصة الصعود!

عادل سعد

كاتب عراقي