الخميس 09 مايو 2024 م - 1 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

سلسلة أماكن وبلدان ذكرت فـي القرآن الكريم «جبل الطور وجانبه»

السبت - 06 أبريل 2024 04:15 م
10

لقد ذكر الله تعالى جبل الطور في كتابه الكريم بعدة تراكيب، فقد ذكره على سبيل القسم، وذكره معرفا باللام ومنكرا ومضافا فيما يقرب من عشرة مواضع، فأما المرة التي أقسم الله تعالى به: (والطور) الطور: ١، ومن المواضع المعرفة وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة: ٦٣، ومما ذكر نكرة وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ المؤمنون: ٢٠،وأخصص الحديث هنا عن القسم ويليه إن شاء الله ما بعده، فأما عن القسم فجاء في مستهل سورة الطور، وقد اختلف المفسرون في أصل تلك الكلمة ومعناها وتحقيق الاسم وتحديد مكانه، فأما عن أصلها فقد ذكر غير واحد من المفسرين أنها لم تكن قبل عربية، ومنهم صاحب «الروايات التفسيرية في فتح الباري (3/‏ 1117) «عن مجاهد «وَالطُّورِ» الجبل بالسريانية». وفي «التحرير والتنوير (27/‏ 37)»وَأُدْخِلَ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُعَرَّبَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُرْآنِ». «قال ابن عطية:» فحقيقة العبارة أن هذه الألفاظ في الأصل أعجمية فاستعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه. وقد كان العرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة، فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة، واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها، حتى جرت مجرى العربي الصحيح، ووقع بها البيان، وبهذا نزل بها القرآن» تفسير القرطبي (1/‏ 68)».

وأما عن معنى كلمة «الطور» فقد اختلف أهل التفسير حول معناها، لسؤال يقول: هل معنى الطور جبل بعينه أم هو اسم شامل لأي جبل؟ وقد جاءت الإجابة تؤكد الأمرين، يقول ابن عطية «وَالطُّورِ قال بعض أهل اللغة: كل جبل: طور، فكأنه أقسم بالجبال، إذ هو اسم جنس وقال آخرون: «الطور» كل جبل أجرد لا ينبت شجرا. تفسير ابن عطية (5/‏ 185)». ويقول صاحب «النكت والعيون «الطور ما أنبت، وما لا ينبت فليس بطور» تفسير الماوردي (5/‏ 376)». وجاء في «البحر المحيط في التفسير (9/‏ 566)» الطور: الجبل، والظاهر أنه اسم جنس، لا جبل معين فكل جبل طور». ومنهم من حدد أن الذي أقسم الله تعالى به هو جبل الطور الذي كلم موسى عليه السلام ربه من فوقه، يقول صاحب الكشاف « الطور: الجبل الذي كلم الله عليه موسى وهو بمدين» تفسير الزمخشري (4/‏ 408)». وذكر ذلك الكثير سواه.

وأما عن التحقق من اسمه فمنهم من قال إن اسمه الطور ومنهم صاحب «البحر المحيط في التفسير (9/‏ 566) حيث قال «وفي الشام جبل يسمى الطور، وهو طور سيناء». وأكد ذلك الثعالبي في تفسيره (5/‏ 309) «قال نوف البكالي: المراد هنا جبل طور سيناء، وهو الذي أقسم الله به لفضله على الجبال». وقال الجوهري والقرطبي: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام. والمراد به طور سيناء». «وجمهور المفسرين على أنه طور سيناء» انظر «التفسير الحديث (5/‏ 359)». ومنهم قال إن له اسما آخر: يقول الثعلبي: «فقد عنى سبحانه بالطور هاهنا الجبل الذي كلّم عليه موسى بالأرض المقدّسة، وهي بمدين واسمه زبير» تفسير الثعلبي (9/‏ 123)». وفي «تفسير القرطبي (17/‏ 58) «وقيل: هو جبل بمدين ومدين بالأرض المقدسة وهي قرية شعيب عليه السلام واسمه زبير. قال الجوهري: والزبير الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام». ويجد بالذكر أن «العز بن عبد السلام « لم يحدد جبل الطور بذاته، بل قال «وهو هنا طور سيناء، أو الذي كلم عليه موسى عليه السلام، أو جبل مبهم» تفسير العز (3/‏ 236)».

والأعجب مما ذكر أن هناك من قال: «هما طوران يقال لأحدهما: طور تينا، وللآخر طور زيتونا لأنهما ينبتان التين والزيتون» تفسير الثعلبي (9/‏ 123)». وأكد ذلك القرطبي وغيره. وللحديث تتمة.

محمود عدلي الشريف

 [email protected]