السبت 27 يوليو 2024 م - 21 محرم 1446 هـ

أوراق الخريف : طريق الإصلاح يبدأ غدا.. يا كويت

أوراق الخريف : طريق الإصلاح يبدأ غدا.. يا كويت
الثلاثاء - 02 أبريل 2024 04:14 م

د. أحمد بن سالم باتميرا

40

شهدت الكويت في ستينيَّات القرن الماضي نهضة شاملة في العديد من المجالات السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والرياضيَّة والفنيَّة، وكانت قِبلةً للزوَّار والباحثين عن عمل، وظلَّت تتطوَّر وتنمو حتَّى بدأت تتراجع في نهاية الثمانينيَّات؛ بسبب الحراك الانتخابي الَّذي أثَّر على التَّنمية في هذا البلد الخليجي.

واليوم ومن خلال متابعتنا لانتخابات مجلس الأُمَّة 2024 والنَّشاط والحراك والاستعداد لهذا اليوم الَّذي يتَّجه فيه النَّاخبون لِصَناديقِ الاقتراع لاختيارِ (50) مرشحًا من بَيْنِ (219) ترشَّحوا مقارنةً بـ(207) في الدَّوْرة السَّابقة فإنَّنا أمام مخاض يتطلَّع فيه أبناء الكويت لِمَجلسٍ يُعِيد للكويت نموَّها وإنجازاتها وتفوُّقها كما كانت في السَّابق وأكثر.

ورغم ذلك ستبقى الكويت ـ بإذن الله تعالى ـ محطَّ الأنظار وقمَّة الاهتمام، وغدًا العالَم كُلُّه تتَّجه أنظاره لهَا لِمُتابعةِ هذا المحفل الانتخابي الفريد من نَوْعه بكُلِّ أمانة على مستوى المنطقة والعالَم، ويبقَى النَّجاح الحقيقي هو الانسجام التَّام بَيْنَ السُّلطتَيْنِ التَّشريعيَّة والتَّنفيذيَّة بعد الانتخابات وتشكيل مجلس الوزراء الجديد.

لذا فإنَّ اختيار أعضاء مجلس الأُمَّة الجديد هو واجب وطني وحاجة ماسَّة لِذَوي الكفاءة والمُخلِصين، وخطوة أساسيَّة لإعادةِ الكويت لؤلؤة ساطعة لِمَا تملكه من مُقوِّمات لِلنَّجاح، ومن دُونِ ذلك التَّوافق بَيْنَ المجلس والحكومة لَنْ تتحقَّقَ التَّنمية الَّتي نتطلَّع إِلَيْها لهذا البلد الخيّر الكريم.

فتصحيح المسار، بدأ في العهد الجديد، وهَيْبته ظهرت جليًّا في النُّطق السَّامي في الـ(20) من ديسمبر 2023، فالكويت ليس نفطًا أو تبرُّعات إنسانيَّة، الكويت بلد الانفتاح والتَّنمية والعِلم والثَّقافة والفنون والسِّياسة، ولَمْ يكُنْ أحَد يُجاريها آنذاك ولهَا أفضال على الجميع، وقاعة عبدالله السَّالم ستعُودُ كما كانت منارةً للديمقراطيَّة بَيْنَ السُّلطتَيْنِ وليس للإضرار بمصالح البلاد والعباد، وليس بعد النُّطق السَّامي لِلأميرِ بهذا الوصف «أي اجتهاد».!

اليوم نقول لأبناء الكويت، غدًا يومكم، فأنتُم أصحاب القرار، إمَّا تغيير المسار وقلْب الصَّفحة وفتْح علاقات وانسجام بَيْنَ البرلمان والحكومة، كما كانت في فترة من الفترات الذَّهبيَّة والَّتي سجَّلت وتركَتْ بصمات خالدة جعلت من الكويت النّموذج النَّادر والمميَّز في ممارسته للديمقراطيَّة، وإنجازاته الَّتي عادَتْ بالخير على الجميع. وإمَّا البَقاء في دوَّامة الخلافات والشِّقاقات الَّتي تَهدم ولا تَبني.

إنَّ تجاوز الماضي في أيدينا، وعدم ترك الأمور للتَّجاذبات والشَّد، هو مطلب كُلِّ كويتي، فالحاجة اليوم لكُلِّ عضوٍ متَّزن لإدارة دفَّة المجلس وتعزيز التَّعاون والتَّوافق وإبعاد والغاء التَّأزيم والخلافات، وخدمة الكويت وأهْلِها، والإبقاء على حيويَّة العمليَّة الانتخابيَّة، والكُرَة في ملعب النَّاخِبِين غدًا الخميس، وكُلُّ شيء أصبح جاهزًا للاقتراع، والحدَث الديمقراطي الكويتي لا يُمكِن مشاهدة مَثيله إلَّا في هذه الدِّيرة الطيِّبة والمُثمِرة والصَّامدة رغم كُلِّ المخاضات السَّابقة.

تحتاج الكويت إلى نهجٍ جديدٍ لِلوُصولِ إلى تَوافُق حكومي مع البرلمان لِتَحقيقِ أهدافها، ومن دُونِ ذلك لا يُمكِن أن تعبُرَ الكويت إلى فصل التقدُّم والتطوُّر والتَّجديد، وأمُلُنا كبير في الشَّيخ الدكتور محمد الصباح أن يَسيرَ بسفينة التطوُّر والتَّنمية في الكـــويت إلى بَرِّ الأمان وتحقيق رؤية الأمير مشعل في التَّنمية والازدهار وبناء نهضة شاملة في كافَّة القِطاعات.

فالمشاركة القويَّة مطلب لِدَعم مَن يستحقُّ الوصول لِقَاعةِ عبدالله السَّالم. وعمومًا ما حدَث في الماضي «رُبَّ ضارَّةٍ نافعة»، فالكويت تَسير عكس تيَّار التَّطوير الحاصل في دوَل الجوار على الأقلِّ، ويبقى الأهمُّ هو التَّوافُق القادم بَيْنَ مجلس الأُمَّة والحكومة، فهل تعُودُ الكويت إلى حيَويَّتها جوهرة للخليج، فكفانا محسوبيَّات ونزاعات شخصيَّة، فكِّروا ببناء بلدكم وحمايته داخليًّا وخارجيًّا. ونسألُ الله المولى القدير، أن يوفِّقَ الكويت الحبيبة لِلْخيرِ والصَّلاح في ظلِّ العهد الجديد والرؤية الحكيمة لصاحب السُّموِّ الشَّيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دَولة الكويت ـ حفظه الله ورعاه ـ.

د. أحمد بن سالم باتميرا