شهدت أواخر سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي فكرة انشاء المناطق الصناعية في ولايات سلطنة عمان، ترجمة لتوجه الحكومة لتبني سياسة اقتصادية بعد انطلاق مسيرة النهضة المباركة عام 1970م، من خلال انشاء أول منطقة صناعية في الرسيل بمحافظة مسقط، ثم توالى بعد ذلك انشاء هذه المناطق في مراكز المحافظات تلى ذلك في كل ولاية من ولايات السلطنة، في خطوة يراد منها تنشيط الحركة الصناعية وتخصيص موقع واحد لمجموعة خدمات متخصصة في عدد من المجالات سواء تلك المرتبطة بوسائل النقل أو الصناعات الخفيفة أو الاحتياجات المنزلية او الإنشاءات، فضلا عن تأمين فرص عمل للمواطنين وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذه المناطق بتقديم التسهيلات والخدمات التي تتطلبها هذه المناطق، ولعل بعضها نجح نتيجة عدد من العوامل والمقومات المتوفرة في الولاية والبعض الاخر لم يرق الى الطموح المطلوب لغياب عناصر النجاح، وبالتالي فقد فقدت تلك المناطق حراك مرتاديها اليومي لوجود بدائل سمح لها أن تكون خارج حدود هذه المناطق.
ولعل من أسباب ذلك غياب التقسيم الخدمي للمنطقة على شكل مربعات في كل مربع مجال خدمة خاص به، تماما كما هو حاليا متبع في صناعية المعبيلة، حيث إن طالب الخدمة لديه معرفة مسبقة او عبر الخريطة التفاعلية عن المربع الشارع الذي يتواجد فيه النشاط، بدلا من ضياع كل وقته في الانتقال والبحث والتوقف للسؤال، بالإضافة الى السماح لبعض الأنشطة التي يفترض أن تتواجد في الصناعية، فتح محال لها في القرى والحارات، فهذا بطبيعة الحال يشتت ويضعف دور المناطق الصناعية، الذي يجب ان تكون انشطة مغاسل السيارات وورش اصلاح السيارات وبيع الأدوات الصحية والكهربائية وإصلاح إطارات السيارات وأجهزة التبريد والتكييف وغيرها من الأنشطة الأخرى في المنطقة الصناعية، على ان يسمح بتواجد بعض هذه الأنشطة في محطات تعبئة الوقود سواء على الطرق الرئيسية او اي موقع تتواجد فيه.
فالملاحظ حاليا بعض المناطق الصناعية في الولايات، تحتاج الى اعادة النظر في تقسيماتها وقبل ذلك تفعيل دورها نحو المزيد من الحراك الصناعي والخدمي، فالى اين هي تسير؟ سؤال يطرحه البعض ولا يجد عليه إيجابه، فليس من المعقول اولا ان تكون هناك نسبة كبيرة من الأنشطة خارج محيط هذه المناطق، ومحلاتها وبناياتها فارغة وان تتداخل مجالات الخدمة فيها في المربع الواحد، فهذا لا يحقق اهدافها سواء الاقتصادية من خلال تنويع مصادر الدخل والاجتماعية بتوفير فرص العمل للمواطنين والعمرانية والبيئية عبر تخطيط النمو الصناعي بطريقة منظمة بعيدا عن المناطق السكنية، واخيراً الاستراتيجية بتعزيز الولاية كموقع صناعي له قيمة مضافة على الحراك الاجتماعي اليومي لافراد المجتمع.
طالب بن سيف الضباري