صحار ـ «الوطن» :
تم الكشف عن أول جهاز مؤكسد حراري يتم تصميمه وهندسته وتصنيعه واختباره بالكامل داخل سلطنة عُمان، في خطوة تُعد إنجازًا صناعيًا نوعيًا يعكس قدرات سلطنة عمان المتنامية في تطوير التقنيات المتقدمة والمعدات الثقيلة للمشاريع الإقليمية.
ويأتي تصنيع الجهاز لصالح مشروع محطة معالجة غاز مليحة التابع لشركة عجيبة للبترول في مصر، وذلك بالتعاون مع شركة SLB كمقاول رئيسي. وتتولى شركة مجيس للخدمات الفنية – عبر علامتها التجارية FLAROMAN – عمليات التصميم والتصنيع والإنتاج.
ويُبرز هذا الإنجاز الكفاءة المتقدمة للمهندسين والفنيين العُمانيين، ويسهم في دعم توطين التقنيات الحديثة، وإيجاد فرص عمل نوعية، وتعزيز تنافسية الصناعات العُمانية، بما يرسخ مكانة سلطنة عمان كمورّد إقليمي للحلول الصناعية عالية التقنية داخل دول الخليج وخارجها. كما يتيح تصنيع مثل هذه الأجهزة محليًا تقليل تكاليف المشاريع، وتسريع مدد التنفيذ، وتوفير حلول مصممة خصيصًا لظروف التشغيل في المنطقة.
وقال المهندس خالد بن سليم القصابي، مدير عام الصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، إن الكشف عن جهاز المؤكسد الحراري الذي قامت شركة مجيس بتصميمه وتصنيعه في صحار "يمثل إنجازًا بارزًا يعكس التطور المتسارع في القطاع الصناعي الوطني، وقدرته على تقديم حلول صناعية متقدمة قابلة للتصدير والمنافسة إقليميًا". مشيرا إلى أن هذا التطور ينسجم مع توجهات الاستراتيجية الصناعية 2040 القائمة على الابتكار وتوطين التقنيات وتعزيز سلاسل القيمة المضافة، مؤكدا أن بيئة التصنيع المحلية تُثبت اليوم قدرتها على تطوير منتجات عالية التقنية تدعم التنويع الاقتصادي وتُعزّز مكانة سلطنة عُمان كمركز صناعي واعد.
من جانبه، أوضح سلطان بن سعيد الخضوري، رئيس مكتب القيمة المحلية المضافة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أن المشروع يُعد نموذجًا عمليًا لتمكين البحث والابتكار في القطاع الصناعي، حيث يجمع بين تطوير منتج يحد من الانبعاثات الضارة بما يتوافق مع مسار التنمية المستدامة، وفي الوقت نفسه يعزز المحتوى المحلي من خلال التصنيع والهندسة الوطنية ونقل المعرفة. وأضاف أن تصنيع المؤكسد الحراري محليًا "يشكل نقلة نوعية ليس فقط كجهاز صناعي متقدم، بل كمنصة تعزز قدرات الشركات العُمانية في دخول أسواق جديدة.
وتم تصميم النظام لمعالجة المركبات العضوية المتطايرة ومركبات BTEX ومركبات الكبريت من تيار غاز CO₂ الناتج عن نظام الأمين، محققًا كفاءة تدمير تبلغ 99.9% بزمن مكوث يصل إلى ثانية واحدة عند درجة حرارة 871°C.
ويتميّز المؤكسد الحراري بعدة خصائص تقنية متقدمة، منها نظام إدارة الحارق SIL3، وإمكانية التشغيل بالسحب الطبيعي أو القسري، إضافة إلى قدرة معالجة تتجاوز 9,000 كجم/ساعة بنطاق تخفيض واسع، مع حارق قوي يتيح تدفق هواء يقارب 55,000 م³/ساعة. كما يتميز الجهاز بارتفاع يفوق 22 مترًا، وتصميم يضمن عمرًا تشغيليًا يصل إلى 20 عامًا.
وأكد فريق العمل أن الجهاز يمثّل شهادة على قدرة سلطنة عُمان على الابتكار وتقديم أنظمة هندسية متقدمة للأسواق الإقليمية والدولية. وفي هذا الإطار، أشارت شيخة اليعقوبية، مديرة برنامج القيمة المحلية المضافة في شركة مجيس، إلى الدور الذي أسهمت به الكوادر الوطنية في إنجاز المشروع، مؤكدةً أن تصنيع الجهاز محليًا يعزز المحتوى المحلي ويرسّخ نقل المعرفة الصناعية.
فيما بيّن المهندس أفلح الرحبي، مهندس المشروع، القدرات التقنية للجهاز ورحلة تطويره داخل المنظومة الصناعية العُمانية، قائلًا: يمثل المؤكسد الحراري نقلة نوعية في الصناعة العُمانية، حيث جمعنا بين الابتكار الهندسي والتقنيات البيئية المتقدمة لتحقيق كفاءة عالية وسلامة تشغيلية ممتازة. وأضاف: أثبت المشروع قدرة المهندسين والفنيين العُمانيين على تقديم حلول صناعية متقدمة تنافس الإقليمية والدولية.
ويُعد نجاح تصنيع أجهزة المؤكسد الحراري داخل سلطنة عمان خطوة تؤكد التزام عُمان بالابتكار الصناعي والمسؤولية البيئية وتعزيز الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل، وترسيخ قدراتها كمحور للصناعات المتقدمة في المنطقة.