تحت شعار «مسار الهيدروجين: بناء الجسور وتعزيز الإنجاز»
كتب ـ عبدالله الشريقي:
تناقش قمة عُمان للهيدروجين الأخضر 2025، السياسات والتشريعات والفرص الاستثمارية المرتبطة بالهيدروجين الأخضر، واستعراض أحدث التقنيات وتوجهات الأسواق الدولية.
وتسلط القمة على مدى ثلاثة أيام، والتي تقام في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض بإشراف من وزارة الطاقة والمعادن وبشراكة استراتيجية مع شركة هيدروجين عُمان (هايدروم) الضوء على التطور الذي يشهده القطاع وانتقال سلطنة عمان من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ. ورغم التغيّرات المستمرة في أسواق الطاقة العالمية، يبرز التقدم الذي تحققه المنظومة الوطنية للهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان كدليل على التزام واضح يعزّز مكانتها كشريك موثوق ومنافس رئيسي في اقتصاد الهيدروجين العالمي.
وتأتي القمة هذا العام تحت شعار «مسار الهيدروجين: بناء الجسور وتعزيز الإنجاز»، في إطار الجهود لتهيئة منصة تجمع المسؤولين وصنّاع القرار والخبراء والمستثمرين وبمشاركة واسعة من المسؤولين والرؤساء التنفيذيين وقادة الشركات العالمية.
وقال معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي، وزير الطاقة والمعادن: يأتي تنظيم سلطنة عُمان لقمة الهيدروجين الأخضر 2025 امتدادًا لجهودها الاستراتيجية لتعزيز أمن الطاقة محليًا وعالميًا، وترسيخ موقعها كمنصة محورية في تطوير صناعات الهيدروجين منخفض الكربون، ومن منطلق النهج الذي تتبناه وزارة الطاقة والمعادن، والمبني على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وتعظيم القيمة الاقتصادية لسلاسل الإمداد عملت سلطنة عمان خلال الأعوام الماضية على صياغة سياسات واضحة، وإرساء أطر تنظيمية وتنفيذية قادرة على مواكبة النمو المتسارع لهذا القطاع. وأضاف معاليه: لا نعمل بمعزل عن ديناميكيات الأسواق الدولية، بل نتحرك تماشيًا مع التطورات العالمية في تقنيات الهيدروجين، ونعمل مع شركائنا لسد الفجوات التقنية والتمويلية وتجاوز التحديات التي قد تعيق تقدمنا. وتمتلك سلطنة عُمان خبرة تراكمية تمتد لعقود في قطاع الطاقة؛ فبعدما كان الغاز المصاحب يُترك دون استغلال، أصبح لاحقًا أحد أهم ركائز منظومة الطاقة العالمية. واليوم نشهد التحوّل ذاته في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح، التي انتقلت خلال سنوات قليلة من حالة التردد إلى كونها من أكثر التقنيات اعتمادًا ونموًا عالميًا. وخلال الفترة الماضية، عملنا على إعادة بناء منظومة قطاع الهيدروجين من الأساس، بدءًا من السياسات والتشريعات، مرورًا بالبنية الأساسية وتخصيص المواقع، وصولًا إلى تأسيس شركات وطنية متخصصة قادرة على قيادة هذا التحول وتعزيز تنافسية سلطنة عمان في سلاسل إنتاج وتصدير الوقود النظيف. من جهته استعرض المهندس عبدالعزيز بن سعيد الشيذاني، المدير العام لشركة هيدروجين عُمان (هايدروم) التطورات ،الإطار التنظيمي للهيدروجين الأخضر خلال العامين الماضيين استناداً على سياسات واضحة وآليات دقيقة لتخصيص الأراضي ضمن منظومة وطنية متكاملة. وبعد مرور عامين على إطلاق الإطار المؤسسي لهذا القطاع الواعد، انتقلت سلطنة عُمان إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، حيث تتكامل المشاريع والبنية الأساسية والأطر التنظيمية ضمن منظومة وطنية واحدة مصمَّمة للتوسع وتعزيز التنافسية على المدى الطويل.
وأوضح أن المرحلة الحالية تشهد تقدم سبعة مشاريع يجري تطويرها حسب الخطة المقررة بطاقة إنتاجية إجمالية تصل إلى مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول 2030. بينما تم الاتفاق على إنهاء مشروعين آخرين بعد مراجعة المطوّرين لجدواهما في ضوء المستجدات التي يشهدها السوق العالمي. ويعكس هذا المشهد قدرة سلطنة عمان على المحافظة على بيئة مرنة تتجاوب مع معطيات السوق بما يضمن استمرارية تقدم البرنامج الوطني.
وأشار المهندس عبدالعزيز الشيذاني، المدير العام لشركة هيدروجين عُمان (هايدروم) إلى أبرز تطورات المنظومة الوطنية وهو دخول مشروع «أكمي» للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم حيز التنفيذ. ويتكون المشروع من ثلاث مراحل، تستهدف الأولى – التي دخلت بالفعل مرحلة الإنشاء – إنتاج 100,000 طن من الأمونيا الخضراء و17,000 طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2027. كما يجري التجهيز لبدء المرحلة الثانية، لتضيف 71,000 طن من الهيدروجين الأخضر و400,000 طن من الأمونيا الخضراء سنويًا. أما الثالثة فتتوقع إضافة نفس القدرة الإنتاجية للمرحلة الثانية بحلول (يرجى إدراج التاريخ). ومع بدء ضخ الاستثمارات وطلب المعدات وانطلاق أعمال الإنشاء، يترجم المشروع الرؤية الوطنية إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع.
وأكد المدير العام لشركة (هايدروم) أن رحلة سلطنة عُمان في تطوير اقتصاد الهيدروجين تستند إلى رؤية طويلة المدى تسعى إلى معالجة ما وصفه بـ «معادلة التنافسية الثلاثية»، والمتمثلة في: خفض التكلفة، وضمان التنفيذ، والموقع الاستراتيجي. مشيرا إلى ان سلطنة عُمان تعمل على تحقيق هذه المعادلة الثلاثية في وقتٍ تركز فيه معظم الأسواق على جانبين فقط منها. فمواردنا المتجددة تمنحنا أفضلية في الكلفة، ويعزّز الإطار المؤسسي والبنية الأساسية المتكاملة موثوقية التنفيذ، فيما يتيح موقعنا الجغرافي ربط الإنتاج الوطني مباشرة بالأسواق الرئيسة. هذه المنظومة المتكاملة هي ما يرسّخ قدرة عُمان على تحويل التقدّم إلى تنافسية مستدامة.
وقال: ومع توسّع حضور سلطنة عُمان على الساحة الدولية، تولي هايدروم اهتمامًا بتطوير منظومة الطلب المحلي لتعزيز سلاسل القيمة الوطنية. وتعمل الشركة مع شركائها على تطوير استخدامات صناعية جديدة للهيدروجين تشمل صناعات الحديد الأخضر، والوقود القائم على الهيدروجين، وقطاعات النقل الثقيل، لتكون قاعدة للطلب المحلي المستقبلي. كما يجري العمل على دراسة آلية مزايدات ثنائية تهدف إلى ربط المنتجين المحليين بالمستهلكين الصناعيين الجدد، والمساهمة في بناء آلية تسعير في السوق الوطنية.
وقال: أن الجولة الثالثة من مزايدات الهيدروجين الأخضر تجسد استمرار النهج المرحلي الذي تتبعه سلطنة عُمان في تطوير هذا القطاع الواعد، بمشاركةٍ واسعةٍ لأكثر من 130 شركة من مختلف الأسواق العالمية، في انعكاسٍ واضحٍ لثقة المستثمرين في الإطار التنظيمي والبيئة الاستثمارية التي رسّختها سلطنة عمان وجاء اعتماد حزمة الحوافز المالية التي تبلغ قيمتها نحو 3.6 مليار دولار أميركي خلال هذا العام استنادًا إلى نتائج الجولات السابقة، بهدف دعم المشاريع في مراحلها الأولى وتعزيز استقرارها المالي. ومع تواصل تنفيذ خطط تخصيص الأراضي وتطور الأطر التنظيمية وتنامي القدرات المحلية في سلاسل الإمداد، يمضي قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان بثقةٍ نحو مرحلةٍ جديدةٍ من النمو والنضج والاستدامة.
واختتم الشيذاني بقوله: يدخل قطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان مرحلة تتسارع فيها وتيرة التطور مع تكامل عناصر المنظومة. فمع تقدّم المشاريع وتطوّر البنية الأساسية وظهور قنوات جديدة للطلب، بات القطاع يتحرك ضمن نسق مترابط يعزّز جاهزيته للنمو. ويتركّز عملنا في هذه المرحلة على الحفاظ على هذا التوازن وضمان انسجام مقوماتنا الوطنية وتهيئة السوق لمرحلة التوسع والاستدامة.
وتتضمّن أعمال القمة برنامجًا فنيًا يناقش أحدث التطورات في إنتاج الهيدروجين وتخزينه ونقله واستخداماته الصناعية، إضافة إلى استعراض التجارب الدولية ونماذج العمل الحديثة ومعايير الشهادات والأطر التنظيمية. كما تسلّط الجلسات الضوء على التقدم المحرز في مشاريع الهيدروجين في الدقم وظفار، والفرص المتاحة للتكامل بين الطاقة المتجددة والتقنيات الرقمية. كما يستعرض المعرض المصاحب أحدث الابتكارات والتقنيات التي تطورها الشركات العالمية، بما يتيح للزوار والمشاركين الاطلاع على أبرز الحلول والتطورات في صناعة الهيدروجين في مختلف مراحلها.