القدس المحتلة ـ «الوطن» ـ وكالات:
في قطاعٍ أنهكه الحصار والحرب، لم تعد العودة إلى المنازل المدمرة أمراً عادياً، بل محفوفًا بالخطر. بين الركام والشوارع المنهارة تختبئ شظايا الموت في أبسط الأشياء: دمية صغيرة، حقيبة مدرسية، أو علبة حليب، لحظة تلمسها يد طفل قد تقلب البراءة إلى فاجعة.
في خان يونس، عادت الطفلة لمى حمدان (11 عامًا) لتفقد ما تبقى من منزل العائلة بعد انسحاب جيش الاحتلال. وبين أنقاض غرفها، لمحت ما ظنته لعبة.ابتسمت للحظة قبل أن ينفجر الجسم بين يديها، مسبّبًا إصابات متعددة نقلت على إثرها إلى المستشفى.
قصة لمى ليست حالة فردية؛ التقارير تشير إلى أن عشرات الأطفال يعانون يوميًا من إصابات مماثلة بعد لمس ألعاب أو أغراض منزلية تبدو مألوفة.
كما أن الأطفال كانوا هدفاً لآلة البطش الصهيونية طيلة حرب الإبادة، حيث وثقت التقارير الحكومية استشهاد 20 ألف طفل في القصف والعمليات العسكرية لجيش الاحتلال، لما لا يدع مجالاً للشك تعمد الاحتلال قتل الأطفال وإبادتهم.
وأعاد مدير عام وزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، فتح ملف إحدى أبشع الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال خلال عدوانه على القطاع، كاشفًا أن قواته عمدت إلى تفخيخ أجسام مدنية غير مؤذية بألغام وعبوات تنفجر فور لمسها، في أسلوب يعيد إلى الأذهان ممارسات استخدمت في الحروب السوفيتية القديمة بأفغانستان.
وأوضح البرش في تصريح صحفي أن الاحتلال لجأ إلى تصميم قنابل على هيئة ألعاب ودمى ودببة صغيرة بألوان زاهية وأشكال تجذب الأطفال، في محاولة مقصودة لاستهدافهم، مؤكدًا أن المستشفيات في غزة تستقبل يوميًا عشرات الحالات لأطفال مبتوري الأطراف أو مشوهين بسبب فضولهم الفطري تجاه ما يظنونه ألعابًا.
ويضيف البرش أن جيش الاحتلال يستخدم “أساليب شيطانية” لزرع الموت في تفاصيل الحياة اليومية، مشيرًا إلى أن بعض هذه الأجسام المفخخة كانت تُلقى في الشوارع أو داخل المنازل بعد انسحاب القوات من المناطق.
تقارير ميدانية تشير إلى أن الاحتلال لم يكتف بتفخيخ الألعاب، بل استخدم أيضًا علب الطعام والمواد التموينية، تاركًا إياها في المناطق المدمرة لتنفجر في وجوه من يحاول فتحها بدافع الجوع، في مشهد يعكس عقيدة انتقامية تتجاوز أهداف الحرب إلى إذلال المدنيين واستهداف بقاءهم اليومي.
وفي السياق نفسه، أكدت مصادر مطلعة للمركز الفلسطيني للإعلام حدوث حالات انفجار دمى وحقائب وعلب غذاء في مناطق انسحبت منها قوات جيش الاحتلال.
واكدت المصادر أن بعض هذه الأغراض انفجرت، فيما فرق الدفاع المدني تتعامل مع باقي المواقع بحذر بالغ في محاولة لتحييد هذا الخطر القاتل.