مسقط ـ «الوطن»:
نظمت وزارة الطاقة والمعادن في محافظة الوسطى بولاية الدقم الملتقى الرابع للطاقة والمعادن، تحت رعاية معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين من القطاعين العام والخاص.
يهدف الملتقى إلى استعراض المشاريع التنموية والفرص الاستثمارية في محافظة الوسطى، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في مجالات النفط والغاز والمعادن والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وقد تضمّن برنامج الملتقى تقديم أربعة عروض رئيسية تناولت محاور النفط والغاز، والمعادن، والطاقة المتجددة والهيدروجين، إضافة إلى الحياد الصفري، حيث استعرضت العروض إنجازات الوزارة والمشاريع المستقبلية، إلى جانب المبادرات الوطنية في مجال التحول نحو الطاقة النظيفة وتحقيق أهداف الاستدامة بما يواكب مستهدفات رؤية عُمان 2040.
وأكد معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي، وزير الطاقة والمعادن، أن تنظيم الملتقى الرابع للطاقة والمعادن بمحافظة الوسطى يجسد نهج الوزارة في التواصل المستمر مع الشركاء من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المحلي، ويأتي امتدادًا لجهودها في تعزيز الشراكة والتكامل بين مختلف القطاعات المرتبطة بالطاقة والمعادن، موضحا أن هذا الملتقى يمثل منصة مهمة لاستعراض المشاريع الجارية والمستقبلية، وإبراز الفرص الاستثمارية الواعدة في مجالات النفط والغاز والمعادن والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، إلى جانب مناقشة التحديات الميدانية وطرح الحلول المبتكرة التي تعزز استدامة هذه القطاعات الحيوية، وتدعم تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040 في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
وأشار معاليه إلى أن محافظة الوسطى تُعد من المحافظات المحورية في منظومة الطاقة الوطنية، حيث تضم 12 منطقة امتياز في قطاع النفط والغاز، تم إسناد 8 منها إلى شركات تشغيلية، إضافة إلى 10 مناطق امتياز تعدين أُسند منها 8 مناطق لاستخراج خامات السيليكا والملح والكاولين والبوتاش والبايرايت، إلى جانب المحاجر ومواقع مواد البناء وأحجار الزينة، كما تشهد المحافظة تنفيذ مشروعات نوعية في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، من أبرزها مشروع رأس مدركة ومحطة محوت لطاقة الرياح بسعة إنتاجية تبلغ 400 ميجاواط والمخطط تشغيلها في عام 2027، ومشروع ربط جزيرة مصيرة بمحطة محوت بجهد 132 كيلوفولت وبطول 60 كيلومترًا والمتوقع الانتهاء منه في عام 2026.
وأضاف معاليه أن الوزارة ماضية في تنفيذ برامجها لتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050 من خلال تمكين مركز عُمان للحياد الصفري ودعم المشاريع التي تسهم في خفض الانبعاثات ورفع كفاءة الطاقة، إلى جانب العمل على تحقيق صفر حرق للغاز بحلول عام 2030، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء المستخدمة في عمليات إنتاج النفط والغاز بما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز استدامة الطاقة.
وفي قطاع المعادن، أوضح معاليه أن السيليكا المستخرجة من منطقة محوت تُنقل حاليًا إلى السوق المحلي لاستخدامها في إنتاج الفيروسيليكون الذي يدخل في صناعات الصلب والمغنيسيوم والصناعات الكيميائية، مع خطط للتوسع في استخداماتها لتشمل صناعة الزجاج في المرحلة المقبلة، وتطوير القدرات التقنية لاستخدامها مستقبلًا في صناعات الموصلات والألواح الشمسية، مؤكدًا أن هذه الجهود تأتي ضمن توجه الوزارة لتعظيم القيمة المضافة من الثروات المعدنية، وتمكين الكوادر الوطنية وتعزيز المسؤولية الاجتماعية بما يسهم في دعم التنمية المستدامة في مختلف محافظات السلطنة.
من جهته أعرب سعادة الشيخ أحمد بن مسلم الكثيري، محافظ الوسطى، عن بالغ تقديره لوزارة الطاقة والمعادن على تنظيم الملتقى الرابع للطاقة والمعادن بمحافظة الوسطى، مشيدًا بجهودها في تعزيز التواصل مع مختلف الشركاء من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المحلي، وبما يسهم في إبراز الفرص الاستثمارية والتنموية التي تزخر بها المحافظة في قطاعات النفط والغاز والمعادن والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
من جهته أكد سعادة الشيخ أحمد بن مسلم الكثيري أن مكتب محافظ الوسطى يولي اهتمامًا كبيرًا بالتعاون والتنسيق المستمر مع الجهات الحكومية، وفي مقدمتها وزارة الطاقة والمعادن، لتسهيل تنفيذ المشاريع الاقتصادية والتنموية بالمحافظة، لما لهذه المشاريع من أثر إيجابي مباشر على أبناء المحافظة من خلال خلق فرص العمل ودعم المؤسسات المحلية، فضلًا عن دورها في تحفيز الحركة التجارية وتنشيط الاقتصاد الوطني.
وأضاف سعادته أن هذا التعاون يترجم رؤية سلطنة عُمان 2040 في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، تسهم في رفع جودة الحياة وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي على مستوى المحافظة والسلطنة بشكل عام.
كما أكد سعادة محسن بن حمد الحضرمي وكيل وزارة الطاقة والمعادن انه في إطار جهود وزارة الطاقة والمعادن لتعزيز الشراكة المجتمعية وترسيخ مبادئ المسؤولية الاجتماعية، وضمن منظومة برنامج «مجد للمحتوى المحلي» الهادف إلى تحقيق النمو والتمكين والاستدامة في قطاعي الطاقة والمعادن، نفّذت شركات الطاقة العاملة في محافظة الوسطى عددًا من المشاريع التنموية والخدمية في المحافظة، بإجمالي استثمارات تجاوزت مليون ريال عماني، بهدف دعم المجتمعات المحلية وتحسين جودة الحياة فيها.
وقد شملت هذه المشاريع إنشاء حدائق بالغبرة الشمالية والجنوبية بولاية الجازر، وإنشاء مختبرات علمية في مدارس أبو مضابي والشموخ والكحل بولاية هيماء، ودعم إنشاء وحدة الطوارئ بمستشفى الجازر، ودعم المرحلة الثانية من مشروع الضاحية بولاية هيماء، إلى جانب المساهمة في إنشاء حضانة مركزية بولاية هيماء، كما تم إنشاء أربع ملاعب رياضية في الجازر وهيماء، وتزويد 25 مدرسة في المحافظة بشاشات تفاعلية لدعم التعليم الرقمي.
وتأتي هذه المبادرات ضمن أهداف المؤسسة التنموية للمسؤولية الاجتماعية لقطاع الطاقة، التي أُنشئت لتوحيد وتنسيق جهود الشركات العاملة وتعظيم أثرها المجتمعي، بما ينسجم مع أولويات التنمية الوطنية ورؤية عمان 2040، وتركّز المبادرات على تمكين الشباب بالتعليم والتدريب، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتعزيز استدامة المجتمعات المحلية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب رفع نسب التعمين وتطوير الموردين المحليين.
وفي إطار دعم الشركات المحلية وتعزيز المحتوى المحلي في مناطق الامتياز، تخصّص شركة تنمية نفط عُمان 10% من عقود الباطن للشركات المحلية في ولايات الامتياز، ومنها ولايات محافظة الوسطى، حيث حصلت أكثر من 12 شركة في ولايتي الجازر وهيماء على أعمال بقيمة إجمالية بلغت نحو 3.5 مليون دولار أمريكي خلال الفترة من 2021 إلى 2025، كما دعمت شركة أوكسيدنتال (OXY) الشركات المحلية بشكل مباشر وغير مباشر، إذ بلغ عدد الشركات التي حصلت على عقود مباشرة مع الشركة 40 شركة بقيمة 229 مليون دولار خلال الفترة من 2022 إلى 2025، في حين حصلت 23 شركة أخرى على عقود غير مباشرة بقيمة بلغت 52 مليون دولار، ويُعزى ارتفاع هذه الأرقام إلى حجم العمليات في حقل مخيزنة.
وأكد سعادة وكيل وزارة الطاقة والمعادن أن هذه المشاريع والمبادرات تمثل نموذجًا وطنيًا للشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص في خدمة المجتمع، وتجسيدًا لالتزام شركات الطاقة بتحقيق التنمية المستدامة وتمكين الإنسان العُماني في مختلف المحافظات، والتي تأتي من ضمنها محافظة الوسطى التي تمثل محورًا استراتيجيًا للنمو والتنوع الاقتصادي في سلطنة عمان.
وقدّم الدكتور صالح بن علي العنبوري، مدير عام استكشاف وإنتاج النفط والغاز، عرضًا مرئيًا استعرض فيه أهم ملامح قطاع النفط والغاز في سلطنة عُمان، موضحًا أن السلطنة تُعد أكبر منتج للنفط خارج منظمة أوبك في الشرق الأوسط، وقد أكملت مئة عام منذ بدء عمليات الاستكشاف النفطي، بينما بدأ الإنتاج والتصدير لأول مرة في عام 1967. وأشار إلى أن عدد مناطق الامتياز المنتجة ارتفع من خمس مناطق في عام 2000 إلى 18 منطقة في عام 2023، بفضل البيئة الاستثمارية المحفزة التي تعتمد على اتفاقيات الاستكشاف وتقاسم الإنتاج (EPSA)، والتي أسهمت في جذب الشركات العالمية ونقل التقنيات الحديثة إلى السلطنة.
وأوضح العنبوري أن سلطنة عمان تُعد رائدة في تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط (EOR) على مستوى الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن تصل نسبة مساهمته إلى 20% من إجمالي الإنتاج بحلول عام 2025، كما تشهد تطورًا مستمرًا في إنتاج الغاز غير التقليدي من خلال مشاريع مثل سيح رول، وسيح نهيدة، وخزان، وغزير، وشمال شرق مبروك. وبيّن أن إنتاج السلطنة بلغ نحو مليون برميل نفط و5 مليارات قدم مكعب من الغاز يوميًا، مع تحقيق خفض في الانبعاثات الكربونية بنسبة 4.5% خلال عام 2023، واستمرار الجهود في تعزيز الحفر والتطوير واستدامة الإنتاج، وأشار إلى أن محافظة الوسطى تضم عددًا من مناطق الامتياز الرئيسة المنتجة التي تديرها شركات عالمية ووطنية مثل تنمية نفط عُمان، وشل، وبي بي، وأوكيو، وأوكسيدنتال، وتيثيز، مؤكدًا أن هذه الجهود تعزز ضمان الطاقة واستقرار الإمدادات وتدعم موقع السلطنة كمصدر موثوق للطاقة على المستويين الإقليمي والدولي.
كما قدّم الدكتور صلاح بن حفيظ الذهب عرضًا مرئيًا تناول فيه واقع وآفاق قطاع المعادن في محافظة الوسطى، موضحًا أن المحافظة تُعد من أهم المناطق التعدينية في سلطنة عُمان لما تزخر به من تنوع جيولوجي وخامات معدنية متعددة مثل السيليكا والملح والكاولين والجبس والحجر الجيري والبوتاش، والتي تشكّل قاعدة واعدة للصناعات التحويلية، وأشار إلى أن الوزارة تعمل على تنظيم وتطوير القطاع من خلال نظام المزايدات الإلكترونية عبر منصة “طاقة” لطرح مناطق الامتياز بشفافية، وفتح المجال أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية في مشاريع القيمة المضافة، إلى جانب تطوير البنية التحتية الداعمة كالموانئ والطرق لتسهيل عمليات الإنتاج والنقل.
كما استعرض الدكتور الذهب أبرز المبادرات والممكنات التي تتبناها الوزارة لتعزيز استدامة القطاع، من بينها مشروع الرقابة الذكية لمتابعة عمليات التعدين وضمان الالتزام بمعايير السلامة والبيئة، ومبادرات رفع كفاءة التشغيل وتمكين الكفاءات الوطنية، وتطوير مشروعات جديدة لمعالجة الخامات مثل السيليكا والجبس لتلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير، وأكد أن هذه الجهود تسهم في تعظيم القيمة المضافة من الثروات المعدنية، ودعم التنمية الاقتصادية في المحافظة بما يتماشى مع مستهدفات رؤية عُمان 2040 في تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة.
واستعرض المهندس محسن الجابري، مدير عام مركز عُمان للحياد الصفري، عرضًا مرئيًا تناول فيه دور المركز في قيادة مسار التحول الوطني نحو تحقيق الحياد الصفري للانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، موضحًا أن المركز يعمل على إعداد وتحديث الخطة الوطنية للتحول إلى الحياد الصفري بالتنسيق مع الجهات المعنية، واعتماد البرامج التنفيذية الداعمة لخفض الانبعاثات وتعزيز كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات.
وتطرق الجابري خلال العرض جهود المركز في تطوير منصة “ميزان” لجرد الانبعاثات الكربونية وإدارتها بدقة، ودعم اتخاذ القرارات المبنية على البيانات، إلى جانب التركيز على رفع كفاءة استهلاك الطاقة في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية من خلال تبنّي مشاريع كفاءة الطاقة في المباني والمنشآت الصناعية، وتشجيع تطبيق التقنيات والابتكارات الحديثة التي تُسهم في تقليل استهلاك الطاقة وخفض البصمة الكربونية.
وأكد أن هذه الجهود تأتي في إطار تمكين سلطنة عُمان من التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون وتعزيز استدامة مواردها الطبيعية بما يواكب توجهات رؤية عُمان 2040.
وفي قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر قدّم المهندس مهند الهنائي، مدير دائرة الهيدروجين، عرضًا مرئيًا استعرض فيه واقع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان، موضحًا أن السلطنة تمتلك إمكانات طبيعية كبيرة في هذا المجال، حيث تبلغ مساحة الأراضي المخصصة لمشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين نحو 65 ألف كيلومتر مربع، بفضل توفر الإشعاع الشمسي العالي الذي يصل إلى 2500 كيلوواط/ساعة لكل متر مربع سنويًا، وسرعة الرياح التي تصل في بعض المناطق إلى 53% من معامل السعة، وأشار الهنائي إلى أن هذه المقومات تؤهل السلطنة لتصبح مركزًا إقليميًا لإنتاج الطاقة النظيفة وتصديرها للعالم، وذلك تنفيذًا لأهداف المرسوم السلطاني رقم 10/2023 الخاص بتنظيم مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين.
كما تناول العرض سياسة تحول الطاقة في سلطنة عُمان، التي تهدف إلى تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050، من خلال تعزيز كفاءة الطاقة وتقليل الهدر في الاستهلاك عبر مشروعات التوليد الذاتي والبيع المباشر للكهرباء، وتمكين الشركة الوطنية الرائدة لدعم التحول في الطاقة، واستعرض الهنائي أبرز المشاريع الجارية في المحافظة، ومن ضمنها مشروعا رأس مدركة ومحطة محوت لطاقة الرياح بطاقة إجمالية تبلغ 400 ميجاواط، والمخطط تشغيلها بحلول عام 2027، مشيرًا إلى أن هذه المشاريع تمثّل ركيزة رئيسية في مزيج الطاقة الوطني ودليلًا على التزام سلطنة عمان بمسار الاستدامة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وعلى هامش الملتقى، نظّمت وزارة الطاقة والمعادن زيارة ميدانية إلى منطقة امتياز خام السيليكا بولاية محوت، التي تشغّلها شركة تنمية معادن عُمان، وذلك للاطلاع على عمليات الاستخراج والتصنيع ومراحل تطوير المشروع. وهدفت الزيارة إلى التعرف على الجهود المبذولة لتعظيم القيمة المضافة من الخامات المعدنية الوطنية، ومتابعة تطبيق أفضل الممارسات في مجالات السلامة والبيئة، واستعراض فرص الاستثمار والتصنيع المرتبطة بخام السيليكا الذي يُعد من الخامات الاستراتيجية في المحافظة.