توقيع سبع اتفاقيَّات تعاون بَيْنَ مركز الشَّباب ومؤسَّسات القِطاع الخاصِّ يُمثِّل محطَّة مهمَّة في مسار التنمية الوطنيَّة، حيثُ تلتقي الإرادة الحكوميَّة بالرؤية المؤسَّسيَّة لتأسيس شراكة قادرة على بناء الإنسان، وتوسيع نطاق المشاركة الاقتصاديَّة، وتعكس هذه الاتفاقيَّات انتقال الدَّولة إلى مرحلة جديدة من تمكين الشَّباب عَبْرَ أدوات عمليَّة تستند إلى الاستثمار في المهارات والمواهب والمشروعات الرياديَّة. فتوقيع شركات كبرى مِثل (فالي عُمان) و(أوميفكو) و(أوكيو) و(صحار ألمنيوم) على مبادرات دعم وتمويل المراكز الشَّبابيَّة يؤكِّد أنَّ القِطاع الخاصَّ أصبح شريكًا في صناعة المستقبل الوطني يمدُّ التنمية بموارد فكريَّة واقتصاديَّة تُعزِّز الاستدامة. ويُعبِّر التَّحوُّل الجديد عن فَهْمٍ متقدم بأنَّ التنمية تقوم على منظومة تشاركيَّة تجعل من الإنسان محور الإنتاج والإبداع، وتُحوِّل العمل الاجتماعي إلى قِيمة اقتصاديَّة تدعم استقرار المُجتمع، وتفتح الطَّريق أمام اقتصاد وطني أكثر توازنًا.
لقد أصبح القِطاع الخاصُّ شريكًا تنمويًّا يشارك في صياغة الرؤية الوطنيَّة من داخلها، والاتفاقيَّات الَّتي أُبرمت خلال احتفال يوم الشَّباب تُمثِّل ترجمةً عمليَّة لمفهوم التَّكامل بَيْنَ الدَّولة والمؤسَّسات الإنتاجيَّة، وتكشف عن وعيٍ متقدم بِدَوْر الشركات الكبرى في دعم المُجتمع وصقل قدرات الشَّباب، وهذا الدَّوْر يتجسَّد في استثمار طويل المدى في رأس المال البَشَري، ويخلق فرصًا ويُعِيد توزيع مكاسب التنمية على مختلف المحافظات، ومساهمة الشركات في إنشاء فروع المراكز الشَّبابيَّة ومراكز المؤتمرات والمعارض تؤكِّد أنَّ التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة تَسيران في مسار واحد، وأنَّ بناء الإنسان يُمثِّل الخطوة الأولى نَحْوَ اقتصاد وطني منتج ومستدام يعتمد على المعرفة والكفاءة، ويُعزِّز الاستقرار المجتمعي.
إنَّ الاستثمار في الإنسان هو الرأسمال الأصدق لأيِّ مشروع تنموي، فكُلُّ مبادرة شبابيَّة نالتِ التكريم في يوم الشَّباب تُمثِّل نموذجًا لعائدٍ يقاس بالقدرة على الإبداع والإضافة إلى الوطن، والمشاريع الَّتي انطلقت من أفكار بسيطة نَحْوَ إنجازات واقعيَّة مثل (قشور) و(بلومينج) و(المطور الذكي) تُعبِّر عن تَحوُّل في فلسفة الاقتصاد نَحْوَ الاعتماد على المعرفة والابتكار. ويُعِيد هذا الاتِّجاه تعريف النجاح الوطني بوصفه ناتجًا عن فكرٍ شابٍّ يؤمن بأنَّ التنمية تبدأ من فكرة وتنمو بالإرادة.. وحين تلتقي التجربة الفرديَّة بالدَّعم المؤسَّسي تتحول الطموحات إلى قوَّة إنتاج حقيقيَّة تُغذِّي الاقتصاد الوطني، وتُعزِّز موقع عُمان في مسار التنافس الإقليمي والعالمي، الإنسان الَّذي يُمكّن من أدوات العصر يصنع التنمية ويمنح الاقتصاد معنى أخلاقيًّا يجعل العمل قِيمةً ومساهمة في بناء المستقبل.
إنَّ يوم الشَّباب العُماني في نسخته الجديدة يُمثِّل إعلانًا عن مرحلة وطنيَّة يلتقي فيها الفكر بالعمل والطموح بالفعل. فالدَّولة ترسم مسارًا يجعل من الشَّباب قوَّة اقتراح وتنفيذ، والقِطاع الخاص يتحوَّل إلى شريك في بناء الإنسان وتوسيع مساحات الإبداع، ويُشكِّل التلاقي بَيْنَ الإرادة والرؤية صياغة معادلة تنمويَّة متوازنة تضع الهُوِيَّة في قلب الحداثة، وتمنح المستقبل ملامحه العُمانيَّة الأصيلة، وروح (امتداد) الَّتي انطلقت من قلعة صحار تُعبِّر عن وطن يؤمن بأنَّ التنمية يصنعها الإنسان حين يمتلك وعيَه وقدرته على المشاركة، ويحوِّل الإيمان بالوطن إلى عمل يرسِّخ الحاضر ويصنع الغد بوعيٍ ومسؤوليَّة.