إن النصر الحقيقي للأمة هو في تحرير القدس، وليس في أي شيء آخر، صحيح إن تحرير البلاد (فلسطين) من أيدي الطغاة أو المحتلين أمر لا بد منه، ولكن تبقى القدس هي العنوان الأول للتحرير من أيدي اليهود، وذلك لما جاء في حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قوله:(سَمِعْتُ أرْبَعًا مِنَ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ فأعْجَبْنَنِي، قالَ: لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَومَيْنِ إلَّا ومعهَا زَوْجُهَا أوْ ذُو مَحْرَمٍ، ولَا صَوْمَ في يَومَيْنِ: الفِطْرِ والأضْحَى، ولَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ولَا بَعْدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ، ولَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ الأقْصَى، ومَسْجِدِي هذا) (الموسوعة الحديثية. موقع الدرر السنية)، وفي رواية عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه:(لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَالمَسْجِدِ الأقْصَى) (الموسوعة الحديثية. موقع الدرر السنية).
إن معنى شد الرحال في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معنى عظيمًا؛ فهو يعني الذهاب إلى ما أشار إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المساجد التي ذكرها (عليه الصلاة والسلام) في حديثه، والأمر يقتضي الوجوب ما لم تأخذه قرينة تصرفه إلى غيره.
عليه فلا يعذر أي مسلم بعدم شد الرحال إلى تلك المساجد ما لم يكن لديه عذر شرعي يمنعه عن ذلك. هذا، وإن ما يعزز أن القدس هي من أولويات الدين الإسلامي الحنيف هو ما جاء في سورة الإسراء عن إسراء الله سبحانه وتعالى لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المسجد الأقصى؛ فإسراؤه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليه دليل قوي على أن المسجد الأقصى المبارك هو من أولويات الدين الإسلامي الحنيف، قال الله سبحانه وتعالى:(سُبحاَنَ ٱلَّذِي أَسرَى بِعَبدِهِ لَيلا مِّنَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ إِلَى ٱلمَسجِدِ ٱلأَقصَا ٱلَّذِي بَرَكنَا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن ءَايَتِنَا إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ) (الإسراء ـ 1).
إن الدين الإسلامي دين لا يقبل المساومة ولا يقبل الذل ولا الخور ولا الضعف، ولن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود؛ كما جاء في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ) الراوي: أبو هريرة. صحيح مسلم (الموسوعة الحديثية. موقع الدرر السنية).. والله أعلم.
محمد بن زهران الرواحي
باحث شؤون إسلامية