الاثنين 13 أكتوبر 2025 م - 20 ربيع الثاني 1447 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : بيئة أعمال جاذبة ونموذج ظفار شاهد على النتائج

الأحد - 12 أكتوبر 2025 03:35 م

رأي الوطن

50


يُشكِّل التَّحوُّل التَّشريعي والرَّقمي في منظومة بيئة الأعمال بسلطنة عُمان أحَد أبرز مرتكزات التنافسيَّة الاقتصاديَّة الحديثة، حيثُ أصبحتْ عمليَّة تأسيس الشَّركات أكثر انسيابيَّة وشفافيَّة، باكتفاء المستثمر بأربعة إجراءات رئيسة وإتمامها خلال أيَّام قليلة عَبْرَ منصَّة (عُمان للأعمال). ويعكس هذا التَّطور رؤية الدَّولة في ترسيخ مفهوم الاقتصاد القائم على الكفاءة، وتسهيل الإجراءات دُونَ الإخلال بالحوكمة أو الجودة، بما يجعل بيئة الأعمال في سلطنة عُمان أكثر جذبًا للاستثمار المحلِّي والأجنبي. لقَدْ نجحتِ الجهود الحكوميَّة في تحويل منظومة التَّسجيل والتَّراخيص إلى بيئة رقميَّة متكاملة تربط الجهات الحكوميَّة تحت مظلَّة واحدة، وهو ما أوجد مناخًا جديدًا يواكب تطلُّعات رؤية «عُمان 2040» نَحْوَ بناء اقتصاد متنوِّع ومَرِن، قادر على استيعاب الطَّاقات الشَّابَّة، وتوجيهها إلى مسارات إنتاجيَّة مستدامة، تُعزِّز التنافسيَّة الوطنيَّة، وتفتح آفاقًا أوسع للتَّكامل بَيْنَ القِطاعَيْنِ العامِّ والخاصِّ.

ويُمثِّل التَّحوُّل الرَّقمي في بيئة الأعمال خطوةً استراتيجيَّة نَحْوَ تعميق الشفافيَّة وتسريع النُّمو، إذ أصبح التَّطور التِّقني أداةً لتبسيط الإجراءات وتعزيز الثِّقة بَيْنَ المستثمر والمؤسَّسة الحكوميَّة، لذا أطلقتْ وزارة التِّجارة والصِّناعة وترويج الاستثمار منظومة رقميَّة موحَّدة تجمع أكثر من سبع عشرة جهةً حكوميَّة تحت منصَّة واحدة، تُتيح أكثر من خمسين خدمةً إلكترونيَّة متكاملة بدءًا من التَّسجيل وحتَّى الحصول على التَّراخيص، وأسهمتْ هذه المنظومة في رفع نسبة الخدمات المرقمنة إلى أكثر من (76) بالمئة، وتسهيل إصدار أكثر من مليون ترخيص منذُ تدشين المنصَّة، وهو ما يؤكِّد انتقال السَّلطنة إلى مرحلة جديدة من النُّضج المؤسَّسي في إدارة الاقتصاد، وقد أرسى هذا التَّحوُّل الرَّقمي أرضيَّة وطنيَّة صُلبة جعلتِ المحافظات أكثر قدرةً على جذب الاستثمارات وتنمية أنشطتها الاقتصاديَّة، لِيصبحَ ما تحقَّق في ظفار مثالًا حيًّا على تحوُّل السِّياسات من مستوى التَّخطيط المركزي إلى واقع تنموي ملموس في الميدان.

وتُعَبِّر محافظة ظفار عن الصُّورة الملموسة للتَّحوُّل الاقتصادي الَّذي تشهده البلاد، بعدما تحوَّلتْ إلى بيئة استثماريَّة نشطة تستقطب المشاريع النوعيَّة وتوسِّع قاعدة الأنشطة التجاريَّة والصناعيَّة والخدميَّة، حيثُ سجّلتِ المديريَّة العامَّة للتِّجارة والصِّناعة وترويج الاستثمار في ظفار أكثر من ألفٍ ومئتَي سجلٍّ تجاري جديد خلال النِّصف الأوَّل من العام الجاري، وارتفع عدد المستثمرين الأجانب من مئتين وستَّة وستِّين إلى نَحْوِ سبعمئة مستثمر جديد بنسبة تجاوزتْ مئةً وستِّين بالمئة، في دلالة واضحة على الثِّقة المتزايدة بالمناخ الاستثماري. كما شهد قِطاع المقاولات نُموًّا استثنائيًّا بلغتْ نسبته نَحْوَ أربعمئةٍ واثنين وخمسين بالمئة نتيجة الطَّلب المتصاعد على مشروعات البناء والتَّنمية العمرانيَّة، ما يؤكد الحيويَّة الَّتي اكتسبتها السُّوق المحليَّة، ويجسِّد هذا الحراك الاقتصادي ثمرة مباشرة للسِّياسات الوطنيَّة الَّتي منحتِ المحافظات أدواتها للنُّمو الذَّاتي، ورسَّختْ مفهوم العدالة في توزيع الفرص والمشروعات، لِتغدوَ ظفار شاهدًا حيًّا على تحوُّل الرُّؤية الاقتصاديَّة من مخططٍ استراتيجي إلى واقعٍ تنموي متوازن ومستدام.

إنَّ مسار التَّنمية في سلطنة عُمان يتَّجه بثقة نَحْوَ بناء نموذج اقتصادي متكامل يجمع بَيْنَ الكفاءة الإداريَّة والتَّحوُّل الرَّقمي والتَّمكين المحلِّي، في منظومةٍ تؤكِّد أنَّ السِّياسات الوطنيَّة أضحتْ واقعًا يلمسُه المواطن والمستثمر في آنٍ واحد. فتكامل الجهود بَيْنَ المركز والمحافظات، وتوسُّع استخدام التقنيَّات الحديثة في إدارة الأعمال، أسْهَما في رفع إنتاجيَّة الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على المنافسة الإقليميَّة والدوليَّة، كما أسْهَمتْ بيئة الأعمال الرَّقميَّة في تحويل المحافظات إلى مراكز جذب جديدة، تخلق فرص عمل وتُعِيد توزيع النَّشاط الاقتصادي على نَحْوٍ عادلٍ ومستدام. ومن خلال ما تحقَّق في محافظة ظفار، تتجلَّى ملامح المستقبل الوطني القائم على التَّنويع والابتكار، حيثُ تتَّحد التكنولوجيا والإدارة الرَّشيدة لِتصنعَ نموذجًا تنمويًّا يوازن بَيْنَ الطُّموح الوطني والنَّتائج الملموسة على الأرض، في تجسيد حي لروح رؤية «عُمان 2040» ومقاصدها الكبرى في بناء اقتصادٍ مزدهرٍ وإنسانٍ ممكّن.