الأحد 02 نوفمبر 2025 م - 11 جمادى الأولى 1447 هـ
أخبار عاجلة

احذروا النصيحة الخبيثة «2»

الأربعاء - 08 أكتوبر 2025 12:27 م
20

أيها الأحباب.. توقفنا في اللقاء الماضي عند سؤال مهم لذلك المخادع الذي يخدع أقرب الناس إليه، من أصدقاء وغيرهم، كيف يسول لك نفسك أن تخدع من ائتمنك؟ وهل بهذا الفعل ترضى عنك نفسك؟ وأقول له: أما تخاف من الله!! أترضى أن تكون من المنافقين؟ وقد قال الله تعالى عنهم (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) (النساء ـ ١٤٥)، هل تعلم أنك بخداعك هذا تكون منهم، بل تكون ممن قال الله فيهم:(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (الأحزاب ـ ٥٨)، أما تحب أن تكون من الذين قال الله فيه:(يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحِلُّواْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهرَ ٱلحَرَامَ وَلَا ٱلهَديَ وَلَا ٱلقَلَائِدَ وَلَا ءَامِّينَ ٱلبَيتَ ٱلحَرَامَ يَبتَغُونَ فَضلا مِّن رَّبِّهِم وَرِضوَنا..) (المائدة ـ ٢)، حتى وإن رأيت من صديقك شيئًا قد تراه أضارك يومًا فلماذا لم تخبره به؟ حتى تذهب غيظ قلبك، وإن كان ذلك كذلك حتى وظل في صدرك منه شيء يضيرك، وقد استشارك في شيء هو له مهم فلا تركن إلى شيطانك وضلال نفسك، فتضله وتصره، وقد ثبت عن نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) أنه قال:(إياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار) (متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه وسلم):(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة) (رواه الترمذي)، وروى الإمام مالك في الموطأ:(أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال: نعم، فقيل له أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: نعم، فقيل له أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: لا) والله سبحانه وتعالى يقول:(أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَنا فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهدِي مَن يَشَاءُۖ فَلَا تَذهَب نَفسُكَ عَلَيهِم حَسَرَتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُ بِمَا يَصنَعُونَ) (فاطر ـ ٨)، فيا سبحان الله!! لقد حذرنا الله تعالى من النصيحة الخبيثة في كتابه الكريم منذ سبعة وأربعين وأربعمائة وألف سنة. تأملوا معي ـ إخواني الكرام ـ العداوة التي طرأت على إبليس ـ لعنه الله ـ لآدم منذ أن كان منجدل في طينته، ولم يبال بما لحقه من هبوطه إلى الأرض بعد أن كان يسكن الجنة، بل لم يبال أن حلّت به لعنه الله تعالى وغضبه إلى يوم يبعثون بسبب تلك الكراهية التي دفعته لمعصيه الله سبحانه مباشرة وهو بين يديه في الحضرة الإلهية، والأعجب من ذلك أنه أصر على هذا الإيذاء ـ لعنه الله ـ ما بقي حيا، حقًّا سبحان الله!! لم هذه الكمية من الكراهية، بلا جرم اقترفه آدم لا لإبليس نفسه ولا لمصلحة من مصالحه ولا لأحد من أولاده، على الرغم من أن إبليس توعد أن يغوي بني آدم قبل وجودهم، ليتلقفهم بالغواية منذ ولادتهم وحتى موتهم، (فوَسوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيطَانُ لِيُبدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنهُمَا مِن سَوآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَن هَذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَينِ أَو تَكُونَا مِنَ ٱلخَالِدِينَ، وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ، فَدَلَّاهُمَا بِغُرُور فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَت لَهُمَا سَوآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخصِفَانِ عَلَيهِمَا مِن وَرَقِ ٱلجَنَّةِۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَم أَنهَكُمَا عَن تِلكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ ٱلشَّيطَانَ لَكُمَا عَدُوّ مُّبِين) (الأعراف ٢٠، ٢١ ،٢٢)، ألم يدرك إبليس أنه أصبح العاصين الملعونين من الله تعالى بصفة أبدية، وأنه -عز وجل - أخرجه من الجنة عقابًا له على تلك المعصية وعدم الطاعة والإصرار والتكبر، لا لشيء إلا لأن الله تعالى أسكن آدم وزوجه الجنة، فبماذا أمرهما الله سبحانه وعما نهاهما عنه؟ وماذا فعل لهما إبليس وما عاد عليهما من النصيحة الخبيثة؟.. وسنجيب في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى.

محمود عدلي الشريف 

 [email protected]