القدس المحتلة ـ «الوطن » :
كان حي الرمال يُعرف بأنه «قلب غزة النابض»، وأحد أرقى الأحياء الذي يمثل صورة المدينة العصرية على شاطئ البحر، قبل أن يحل به الدمار والخراب الناجم عن العدوان العسكري الإسرائيلي.
الأبنية الشاهقة على الكورنيش، والشوارع المليئة بالمطاعم والمقاهي، كانت رمزًا لغزة التي تتحدى الحصار، المدينة التي تتنفس الحياة رغم القيود، وتصرّ على أن تبقى نابضة بالأمل.
لكن اليوم، صار حي الرمال مختلفًا، البنايات التي كانت تلمع على شواطئه تحولت إلى ركام، والشوارع التي كانت تزخر بالضحك والحركة صارت مسرحًا للدم والموت.
لم تعد الحياة كما عرفها أهلها، لكن الروح الفلسطينية لم تمت بعد، إذ أن كل حجر مدمّر يروي قصة صمود.
ووفق بلدية غزة؛ تبلغ مساحة الحي نحو 5 آلاف دونم، وتعود بداية بنائه إلى مطلع القرن العشرين، وكانت المعتاد أن يلجأ إليه أهالي غزة خلال الاعتداءات السابقة على القطاع.
منذ بداية حرب الإبادة، كان حي الرمال هدفًا مستمرًا للقصف، الطائرات الإسرائيلية لم تغادر أجواءه، وأبراج سكنية دمرت، وخيام النازحين أُحرقت، وطرقات امتلأت بالشظايا والجثث.
لكن الفلسطيني في الرمال، كما هو في كل غزة، يرفض الانكسار، الأطفال يواصلون اللهو وسط الأنقاض، والنساء يخرجن معلقات الصبر على جدران الملاجئ.
أما الرجال يحاولون إنقاذ ما تبقى من أسرهم ومنازلهم، كل يوم يمر يثبت أن الحرب قد تدمر الحجر، لكنها لن تدمر الروح.
أوامر الإخلاء القسري لم تفقد سكان الحي هويتهم. مستشفى الشفاء، شريان الحياة لعشرات الأجيال، أُجبر أيضاً على الإغلاق، لكن الأطباء والممرضين لم يتركوا أهل غزة وحدهم، بل واصلوا العمل، حاملين أرواحهم على أكفهم.
صوت الطائرات المسيّرة يردد «إخلوا فورًا… المنطقة منطقة قتال»، لكن الفلسطينيين يعرفون أن الأرض لا تُترك بسهولة، وأن العودة هي حق طبيعي لا يمكن التنازل عنه، مهما طال الزمن.