في هذه المقالة المتواضعة، أحاول استجماع شجاعتي لأدَّعي بأنَّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنَّما يشكِّل ظاهرة رئاسيَّة متفردة في تاريخ مؤسَّسة الرئاسة الأميركيَّة الَّتي عاصرتها، منذ الرئيس جون كنيدي، حتَّى الرئيس السابق جو بايدن!
ويُمكِن لمن يرنو إلى الاتفاق والاختلاف معي أن يقارن بَيْنَ كافَّة الرؤساء (أعلاه) الَّذين عاصرناهم من ناحية، وبَيْنَ الرئيس دونالد ترامب، من الناحية الثانية !
والفروق واضحة للغاية لكل متابع فَطِن :
(1) الرئيس ترامب واعٍ للقوَّة الهائلة الموجودة تحت إمرته (عسكريًّا واقتصاديًّا) درجة توظيف التفوق الأميركي في جميع المجالات على النَّحْوِ الَّذي يجعله يقوم بإجلاس قادة أوروبا الغربيَّة على نسق من الكراسي المتجاورة أمامه داخل القاعة البيضاويَّة، وكأنَّه معلِّم في صف دراسي ليجعل قادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا يستمعون له كما يستمع الأولاد لمعلِّمهم في الصف الدراسي !
(2) أما تعامله مع قادة دول كبرى، مثل روسيا والصين، فلا يختلف كثيرًا عن تعامله مع حلفاء الولايات المتحدة أعلاه! زدْ على ذلك، توظيفه للجبروت العسكري الأميركي المنتشر حَوْلَ العالم، وكأنَّه يلوِّح بالعصا الغليظة لكل مَن تسوِّل له نفسه تحدي جبروت القوة الأميركيَّة، مهما كان حجم بلاده!
(3) وهنا، يُمكِن للمرء أن يلاحظ استدعاء كافة الجنرالات والأدميرالات الأميركان المنتشرين حَوْلَ العالم إلى اجتماع واحد مع وزير الحرب الجديد، وكأنَّه يتهيأ لأداء دور شرطي العالم الَّذي سيضع الأشياء في نصابها الصحيح، أي كما يحلو له!
(3) زدْ على ذلك اللغة القاسية الَّتي تميّز خطابه الداخلي (داخل أميركا) كما فعل مع كومي Comey (مدير جهاز مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق)، ناعتًا إيَّاه بـ»المجنون» و»الكاذب»؛ باعتبار جلسة التحقيق معه في الكونجرس قبل سنوات.
إنَّ الأنماط السلوكيَّة الَّتي يفرزها الرئيس دونالد ترامب لتؤكد إرادته في تشكيل ظاهرة رئاسيَّة من نوع جديد يكُونُ هو بطلها، نوع يستثمر منابع القوة العسكريَّة والاقتصاديَّة المتاحة تحت إمرته إلى أقصاها من أجل منح واشنطن دورًا عالميًّا لا يكتفي بفكرة «القطب الواحد»، بل يتخطاها نَحْوَ فكرة «القطب الواحد المهيمن» الَّذي لا يسمح لأحد بمخالفة إرادته.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي