لا يخلو أي حديث سواء كان مؤتمرًا أو ملتقى معدًّا أو جلسات غير رسمية لمختصين في مجال التوحد أو لأُسر التوحد؛ إلَّا وتتضمن محاورها هواجس تتعلق بآليَّات التأهيل المناسبة والدمج الشامل بأنواعه المتعددة لذوي اضطراب طيف التوحد. وفي حقيقة الأمر أن تناول مثل هذه المواضيع يحتاج للكثير من التمعن والتفكر والتخطيط بأُسس علمية مرتكزة على الدراسات البحثية من قبل المختصين، ولا يختلف اثنان من المهتمين والمختصين على تلكم الفوائد العديدة التي تُرجى من تطبيق وتفعيل الآليَّة الصحيحة للـتأهيل والدمج والمردود التي تنعكس على ذوي التوحد وأُسرهم والمجتمع بوجه عام، بدءًا من مرحلة الطفولة المبكرة وما يتضمنها من تدخل مبكر، مرورًا بمراحل النمو والتطور لديهم، ولتفرد هذا الاضطراب وتميزه عن أي اضطراب أو إعاقة أخرى فإن الأمر يتطلب جهودًا مضنية وعملًا دؤوبًا ودعمًا أكبر؛ لكون التوحد اضطرابًا استثنائيًّا له من الخصائص المتنوعة والمتميزة عن غيره من الاضطرابات النمائية والإعاقات. يجدر بنا هنا الحديث عن الآليَّات التي يفترض اتباعها في تطبيق التأهيل الملائم والدمج المستحق في ظل التحديات التي تواجه الدول، نذكر منها الدعم المالي والبشري وصولًا للدراسات والأبحاث التي تشخص الوضع القائم وتضع الحلول الملائمة لمعالجتها. إنَّ من القواعد الأساسية التي تبنى عليها عملية التأهيل والدمج هي التخطيط الاستراتيجي الذي يعطينا المسار الصحيح للتطبيق الفعَّال، ووضع الخطط التي تتماشى مع الوضع القائم للتطوير المرتجى لاحقًا، الدراسة الشاملة للمواقف التنفيذية الحالية، ولعلَّنا نسرد بعضًا من الأفكار في سلسلة هذه المقالات التي تسهم في الإرشاد العام لوجود تكاملية متناسقة بين برامج التأهيل والدمج لهذه الفئة الغالية على قلوبنا.
على النعماني
كاتب عماني