بتكلفة استثمارية تبلغ 5 ملايين ريال عماني
مصيرة ـ العُمانية : شهد قطاع الاستزراع السمكي في سلطنة عُمان إضافة نوعية جديدة مع انطلاق أول مشروع تجريبي لاستزراع المحار في جزيرة مصيرة بمحافظة جنوب الشرقية، الذي تنفذه شركة المياه الزرقاء منذ شهر يناير من العام الحالي 2025م، بتكلفة استثمارية تبلغ 5 ملايين ريال عماني، ليشكل خطوة رائدة نحو تنويع مصادر الغذاء والاقتصاد، وتحقيق أحد أهداف رؤية «عُمان 2040».
وتمتد المزرعة على مساحة (هكتارين)، تضم (3600) سلة موزعة على ستة خطوط بحرية، حيث يتم استيراد زريعات المحار من خارج سلطنة عُمان وتوضع في سلال صغيرة لمدة شهرين، ثم تنقل إلى سلال أكبر عائمة في البحر وتدار من قبل نظام «Flip Farm» النيوزيلندي، وهو الأحدث في العالم في مجال استزراع المحار.
وأشارت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه إلى أن من أبرز العمليات التشغيلية في مشروع استزراع المحار، يتم قلب السلال بين فترة وأخرى، مما يبقي المحار خارج الماء لمدة من الزمن، وهذه العملية تحاكي الظروف الطبيعية وتساعد على تقوية عضلات المحار، فتنتج لحمًا عالي الجودة ومدة صلاحية أطول بعد الحصاد، حيث إن الحجم المثالي للمحار عند الحصاد يصل إلى (90) جرامًا، ومن المتوقع أن يتم حصاد أول إنتاج في نهاية العام الجاري 2025م.
وقال الدكتور عيسى بن محمد الفارسي، مدير دائرة تنمية الاستزراع السمكي بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، لوكالة الأنباء العمانية: «يعد الاستزراع السمكي اليوم من أسرع قطاعات إنتاج الغذاء نموًا في العالم، إذ ينمو بمعدل 9% سنويًّا، وفي ظل المؤشرات التي تشير إلى زيادة نمو السكان خلال العقدين القادمين، فإن التوقعات تشير إلى الحاجة إلى 40 مليون طن إضافي من الأغذية المائية خلال عام 2025م لتلبية الاستهلاك الفردي الحالي».
وأضاف: تعد سلطنة عُمان من الدول ذات الاستهلاك العالي للأسماك وغيرها من الكائنات البحرية، ومع تنامي التطور الاقتصادي والاجتماعي وظهور العديد من المشاريع الكبيرة كالمشاريع السياحية وغيرها، فإن الطلب على الأسماك والكائنات البحرية الأخرى يزداد بشكل مطرد. وهنا تأتي أهمية الاستزراع السمكي كونه موردًا مستدامًا للكائنات البحرية ومصدرًا مساعدًا للإنتاج السمكي في سلطنة عُمان.
وأشار إلى أن أهمية المشروع التجريبي لاستزراع المحار في جزيرة مصيرة لا تقتصر على جانبه الاقتصادي فحسب، بل يحمل أبعادًا بيئية مهمة، إذ يعد المحار من الكائنات البحرية التي تتغذى بترشيح المياه، مما يساهم في تحسين جودة البيئة البحرية المحيطة به، ويجعل المشروع نموذجًا لمفهوم الاستزراع السمكي المستدام.
وأكد على أن وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تسعى إلى أن يكون الاستزراع السمكي أحد الركائز الأساسية في تنمية وتحسين استغلال الموارد السمكية في سلطنة عُمان، وأن يكون قطاع الاستزراع السمكي قادرًا على المنافسة وتحقيق احتياجات المستهلكين من المنتجات المائية المستزرعة ذات الجودة العالية بطريقة متوافقة مع البيئة.
وأوضح أن دور دائرة تنمية الاستزراع السمكي يتمثل في العمل على رفع كفاءة الاستزراع السمكي بشقيه التجاري والتكاملي في سلطنة عُمان من خلال توفير كافة الخدمات والتسهيلات الضرورية التي يحتاجها القطاع لتطوير إمكانياته ورفع معدل أدائه، مما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي والمشاركة في رفع إنتاجية القطاع السمكي والاقتصاد الوطني بسلطنة عُمان.
من جهتها، أكدت المهندسة لينا بنت علي آل محمد، مهندسة مشاريع المحار في شركة المياه الزرقاء لوكالة الأنباء العُمانية، أن الشركة تعمل حاليًا على دراسة خطة للتوسع وبدء المرحلة التالية من المشروع، حيث تشير المؤشرات الحالية إلى إمكانية إنتاج المحار محليًا وبجودة عالية، وذلك نتيجة كون بحار سلطنة عُمان بيئة مثالية من خلال احتوائها على كميات وفيرة من الموارد الطبيعية ودرجات الحرارة الملائمة لاستزراع هذا النوع من المحار. ومن المتوقع أن يُحصَد أول إنتاج في نهاية عام 2025، بإجمالي 39 طنًا من الإنتاج التجريبي.
وأكدت أن مشروع استزراع المحار في مصيرة يمثل بداية لمرحلة جديدة في الاستثمارات البحرية، ونموذجًا عمليًّا لما يمكن أن تحققه سلطنة عُمان في مجال الاستزراع السمكي المستدام، حيث يجمع بين الكفاءة الاقتصادية والقدرة التنافسية في الأسواق العالمية، ليؤكد أن سلطنة عُمان ماضية بخطى واثقة نحو تعزيز حضورها في قطاع الاستزراع السمكي المستدام، وأن سواحلها تحمل مقومات لتكون وجهة رائدة في هذا القطاع الحيوي على مستوى المنطقة والعالم.