الأربعاء 17 سبتمبر 2025 م - 24 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

البحث عن إجابة السؤال «لماذا»

البحث عن إجابة السؤال «لماذا»
الأربعاء - 17 سبتمبر 2025 01:01 م

جودة مرسي

تشدني الأحداث والوقائع إلى حالة من الهون وتعكير المزاج، جعلتني متعبًا جدًّا مثل أُمَّتي العربيَّة، وحزينًا جدًّا، وقلقًا جدًّا، ومغتربًا جدًّا عن نفسي، حتَّى فقدت حسَّ النكتة ومزاج المرح وشهيَّة الحياة، أخشى على نفسي أن تصل مثل أُمَّتي لا يملؤ فاها إلَّا التنديد بالكلام، أخشى على نفسي أن أتعثر مثل أُمَّتي في النهوض، تحاصرني مؤامرات ومشاكل وأزمات وحوادث إرهاب، وأوطان تقصف ووطن يباد أهله في مجازر جماعيَّة، لقضيَّة عالميَّة أهملت إقليميًّا، والتفت حولي أبحث عن مُعين أو مَن يجير كما الملايين مثلي من الحيارى السائلين، فأجد أنَّنا أصبحنا موزعين بَيْنَ تايكونات المال والكلام على طريقة ترامب وأعوانه، وبَيْنَ خبراء التبسيط الساذج والجاهل لما يحدث لأُمَّتنا، فكانت النتيجة أن تحولنا لمادة للأخبار تقصفنا بها مدافع المأمورين أمام مرمى الهوس الإخباري الَّذي يطاردنا بمعلومات عما حدث ويحدث، لكنَّه لا يخبرنا لماذا حدث؟ ولماذا اكتفينا بالنحيب والبكاء؟!

في محاولة للبحث عن إجابة السؤال لماذا؟ أقنع نفسي وأتناسى أنَّه دائمًا ما تكُونُ النتائج غير ملموسة في حوزتنا وأنَّها ليست المرة الأولى، بل في كُلِّ المرات الَّتي نبحث فيها عن شهيق يساعد على الزفير، نخرج ببيانات ختاميَّة «روتينيَّة» تحمل عبارات دعم وتضامن دون آليَّات تنفيذ، والحقيقة بأنَّ تفاوت الأولويَّات والمصالح السياسيَّة جعلنا ننقسم في مواقفنا بناءً على التحالفات الإقليميَّة والدوليَّة. فينتج عنها ثلاثة أنواع من القرارات، إدانة بشكل مباشر، أو التزام الصمت، أو إصدار مواقف ضبابيَّة، ممَّا يجعل الموقف من العدوان معتمدًا على طبيعة العلاقات القائمة، فيما ردود أفعالنا الشَّعبيَّة أكثر حدة حيثُ يعبِّر المواطنون خصوصًا عَبْرَ وسائل التواصل الاجتماعي، عن تضامنهم أو انتقاداتهم بشكل أكثر حُريَّة.

عدوان غزَّة قضيَّة عالميَّة وليست إقليميَّة!!

الجموع الغفيرة الَّتي ما زالت تخرج في بعض المُجتمعات الأوروبيَّة تنديدًا بالعدوان الصهيوني المستمر منذ أكثر من سنتين على أهالي غزَّة ومحاولة القضاء عليهم في مجازر جماعيَّة أو تهجيرهم خارج أراضيهم، جعلت قضيَّة غزَّة قضيَّة عالميَّة تجد مساندة شَعبيَّة أكثر جديَّة من كونها قضيَّة إقليميَّة لم تجدِ الدعم المناسب لها إقليميًّا، ولم تكن المساندة شَعبيَّة فقط، بل بعض المسؤولين الأجانب انحازوا للقضيَّة على حساب مواقف بلادهم ووظائفهم مثل تقديم جوش بول استقالته، وهو مدير مكتب شؤون الكونجرس والشؤون العامَّة في مكتب الشؤون السياسيَّة والعسكريَّة بسبب خلاف سياسي مرتبط بـ»استمرار تقديم المساعدات الفتاكة لـ(إسرائيل)».، استقالة وزير الخارجيَّة الهولندي لعدم تمكُّنه من تمرير عقوبات جديدة على الكيان المحتل وتبعه بعض المسؤولين الآخرين، فيما عبَّر العديد من مشاهير هوليود عن دعمهم لفلسطين وأهل غزَّة مؤكدين إدانتهم للجرائم الَّتي يرتكبها الكيان المحتل، وكان أكثر من (2000) فنَّان حَوْلَ العالم أصدروا بيانًا، اتهموا من خلاله الحكومات بمساعدة الكيان المحتل على ما يرتكبه من جرائم حرب في غزَّة، وطالبوا بإنهاء الدعم العسكري والسياسي للكيان ومن بَيْنِ هؤلاء الفنَّانين تيلدا سوينتون، وتشارلز دانس، وستيف كوجان، وبيتر مولان، وماكسين بيك، وميريام مارجوليس.

وحاليًّا يجرى تحشيد أسطول الصمود من أجل إلقاء الضوء على القضيَّة عالميًّا وهو أسطول بحري عالمي مكوّن من (44) دولة يضم العديد من المسؤولين ومئات الناشطين للمشاركة في فك حصار غزَّة المفروض من العدوِّ الصهيوني، إنَّها المأساة مع الملهاة أن نجد الدعم لقضايانا شَعبيًّا خارجيًّا ونحن نكتفي بالنحيب والبحث عن إجابة السؤال لماذا؟

جودة مرسي

[email protected]

من أسرة تحرير «الوطن »