الاثنين 14 يوليو 2025 م - 18 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

فـي يوم الشباب العربي نحتفي بصناع التغيير

فـي يوم الشباب العربي نحتفي بصناع التغيير
السبت - 12 يوليو 2025 01:45 م

نجوى عبداللطيف جناحي

20


لا شكَّ أنَّ صناعة التَّغيُّر نَحْوَ الأفضل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصناعة الحضارات، فالتَّغيُّر والتَّطوير يُسهم في عمليَّة التَّنمية، ويرص لبنات الحضارة لبنة تلو الأخرى ليعلوَ صرح الحضارة صامدًا عَبْرَ الزَّمن. وعِندَما تستعرض تاريخ صنَّاع التَّغيُّر تجد أنَّ غالبيَّتهم قد بدأوا صناعة التَّغيُّر وبناء المجد في مرحلة الشَّباب، لِمَا يكتنزون من قوَّة وعزيمة وحماس وتوقُّد في الذِّهن وقدرة على العطاء، من هنا تكمن أهميَّة الدَّوْر الَّذي يؤديه الشَّباب في التَّطوير. إنَّ صناعة التَّغيُّر لا تخلو من التَّحدِّيات، فنحن في وقت يواجه فيه الوطن العربي تحدِّيات مُتعدِّدة على المستويات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والسِّياسيَّة، فتنطلق الاحتفالات والأنشطة لتسليط الضَّوء على أهميَّة دَوْر الشَّباب في قيادة عجلة التَّنمية وصناعة تطوير المستقبل، من خلال الاحتفالات بيوم الشَّباب العربي والَّذي يوافق الخامس من شهر يوليو من كُلِّ عام، هذا اليوم الَّذي أقرَّه مجلس وزراء الشَّباب والرِّياضة العرب في عام 2021، لِيكُونَ منبرًا للاعتزاز بِدَوْر الشَّباب، وتقديرًا لمساهماتهم في تطوير المُجتمعات العربيَّة. إنَّ هذه المناسبة ليسَتْ مجرَّد احتفال، بل إنَّها دعوة مفتوحة للحوار والتَّخطيط والعمل واستثمار طاقات الشَّباب العربي وإبداعاتهم ليُسهموا في بناء الحضارة في وقت مبكر، ولا يكفي مشاركة الشَّباب في عمليَّة التَّنمية، بل لا بُدَّ من تعزيز روح الانتماء والهُوِيَّة العربيَّة لدَيْهم. ولعلَّ هذه المناسبة هي فرصة لمناقشة التَّحدِّيات الَّتي تواجه الشَّباب ووضع حلول عمليَّة لها. نَعم.. يُعَدُّ الوطن العربي مُجتمعًا فتيًّا، فالشَّباب في العالَم العربي يشكِّلون أكثر من(60%) من تعداد السكَّان، فهم يشكِّلون القوَّة الأكبر ديموغرافيًّا. ورغم ذلك، يواجه الكثير مِنْهم صعوبات مُتعدِّدة مثل: ارتفاع معدَّلات البطالة وخصوصًا بَيْنَ خريجي الجامعات، وعدم تمثيلهم الكافي في مواقع اتِّخاذ القرار. وقلَّة فرص الدَّعم لتمويل مشاريع ريادة الأعمال، وما زال الشَّباب يعاني من قِدم المناهج التَّعليميَّة التقليديَّة والَّتي تفتقر إلى تعليم عصري ومهارات رقميَّة تواكب سُوق العمل، أمَّا مشاكل الهجرة وما يلحق بها من صعوبات كصعوبة الانخراط الاجتماعي وصعوبة الحفاظ على الهُوِيَّة الوطنيَّة فهي من أكثر المشاكل انتشارًا في المُجتمع العربي، ورغم هذه العقبات، يبقى الشَّباب العربي رمزا للأمل والطَّاقة، وقد أثبتوا مرارا قدرتهم على التكيُّف والإبداع وتقديم حلول بديلة. من هذا المنطلق نؤكِّد على أهميَّة مبدأ التَّعليم والتَّدريب المبكر، فتنشئة الأبناء منذُ الطفولة على تحمُّل المسؤوليَّة والإبداع والابتكار يصنع أجيالًا من الشَّباب القادرين على العطاء ووضع لبنات في صرح الحضارة العربيَّة. إنَّ تمكين الشَّباب يبدأ بالثِّقة في قدراتهم وإشراكهم في صنع القرار، فالإنسان هو الثَّروة الحقيقيَّة للأوطان، وتنميته تشكِّل تنمية لموارد الوطن، وقد صاغ الشَّباب العربي قصص نجاح على مرِّ التَّاريخ، أسهمتْ في نهضة أوطانهم، فمِنْهم من أبدَع في مجال التَّطبيب كاِبْنِ سينا، ومجدي يعقوب وهو طبيب عربي معاصِر مختصٌّ في جراحة القلب، وفي مجال الفلك والملاحة أحمد بن ماجد، ومن أبرز علماء الفلك العرب المعاصرين هو الدكتور فاروق الباز، وهو عالِم مصري متخصِّص في الجيولوجيا وعلوم الفضاء، وقد عمل في وكالة (ناسا) وشارك في برنامج أبولو. إنَّ قوافل الشَّباب العرب المبدعين تَسير تترى بلا انقِطاع حتَّى أنشدَ فيهم أمير الشُّعراء أحمد شوقي شعرًا يتغنَّى به فقال:

قالوا: أنظم للشَّباب تحـيَّة.. تبقى على جيد الزمان قصيدا؟

قلت: الشَّباب أتم عقد مآثـر.. من أن أزيدهم الثناء عقـودا

قبلت جهودهم البلاد، وقبلت.. تاجا على هاماتهم معقــودا

فشباب العرب قد برزوا كطاقة مُتجدِّدة تحمل بَيْنَ طموحاتها أمل التَّغيير ومسؤوليَّة البناء. فالشَّباب ليسوا فقط مستقبل الأُمَّة، بل هم حاضرها المحوري، بما يملكونه من طاقة، ووعي، وقدرة على التَّفاعل مع أدوات العصر. ولعلَّ التَّحدِّي الأكبر يكمن في توفير البيئة الَّتي تحتضن هذه الطَّاقات وتوجِّهها نَحْوَ إحداث التَّغيير الإيجابي المنشود. ومن هنا، فإنَّ تمكين الشَّباب وتعزيز مشاركتهم في صنع القرار، وتوفير الفرص الَّتي تليق بإمكاناتهم، ليس ترفًا، بل ضرورة لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وأكثر تميُّزًا في العالَم العربي... ودُمْتُم أبناء قومي سالِمِين.

نجوى عبداللطيف جناحي

كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية

متخصصة في التطوع والوقف الخيري

[email protected]

Najwa.janahi@