تُعدّ المشاريع الوطنية الكبرى من بين المرتكزات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي دولة، فهي تساهم في تعزيز البنية الأساسية، وتجذب الاستثمارات، وتوفر فرص عمل جديدة. ومع الزيادة في تنفيذ هذه المشاريع، تستدعي الحاجة إلى تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية لضمان استدامة هذه الإنجازات، وتمكين المواطنين من إدارتها بكفاءة عالية في المستقبل، لذا فقد تنبهت الحكومة قبل فترة من الزمن لمثل هذا المسار، حيث سارعت إلى وضع خطط التأهيل المرتبطة بالمشاريع الجديدة وان تكون تلك الخطط مصاحبة لأي مشروع كبير عند إعداد الجدوى الاقتصادية له من خلال تخصيص بند لتأهيل القوى العاملة الوطنية في مجموع التخصصات التي يحتاج إليها، وتحديدا مثل ما حصل لمشروع القطارات وقبل ذلك الرؤساء التنفيذيون، صحيح مشروع القطارات حدث فيه بعض التأخير إلا ان برنامج التأهيل والتدريب نفذ وفق المسار الذي خطط له، وبالتالي اصبح لدينا كفاءات وطنية سواء في التخصصات الادارية او الفنية لادارة هذا المرفق عندما يكون على ارض الواقع، وبالتالي فان بناء اي مشروع يفترض ان لا يغفل عن هذا الاجراء، خاصة تلك المشاريع التي يصرف عليها عشرات او مئات الملايين والتي بطبيعة الحال توفر المئات من فرص العمل النوعية، سواء على المدى القصير او البعيد. ان توحيد الجهود مع وزارة العمل والعمل كمنظومة لانجاح مثل هذا التوجه، في ظل حزمة المشاريع التي تتضمنها مسارات رؤية عمان 2040، وكذلك تلك المستحدثة، يدعونا من الان إلى الاسراع في اعداد خطط التأهيل لقوى وطنية سواء في الداخل او الخارج، وأن يخصص لها الموازنات اللازمة لكي تكون بعد سنوات قليلة من الان جاهزة مع بداية تنفيذ تلك المرافق لتتولى إدارتها والتقليل من الاستعانة بالقوى الوافدة، فالاعتماد على الكفاءات الوطنية لا يُعزز فقط من سيادة الدولة واستقلالها المهني، بل يضمن أيضًا استمرارية تشغيل المشاريع بمعرفة محلية وفهم عميق للسياق الثقافي والاجتماعي. فوجود كوادر وطنية مدرّبة في مختلف التخصصات الإدارية، والفنية، والهندسية، يمثل حجر الأساس لنجاح أي مشروع على المدى الطويل، فضلا عن دمج برامج التدريب والتأهيل ضمن خطة تنفيذ المشاريع والذي يسهم في نقل المعرفة من الخبرات العالمية إلى الكفاءات المحلية، ويقلص الفجوة بين مراحل التنفيذ والتشغيل والإدارة المستدامة. ان الاستثمار في الرأس المال البشري هو أعظم استثمار يمكن أن تُقدمه الدول لنفسها، خاصةً حين يكون ذلك بالتزامن مع فرص واقعية للتطبيق العملي داخل المشاريع القائمة، فلنعمل على تنفيذ برامج التأهيل لتواكب المشاريع عند بداية تنفيذها.
طالب بن سيف الضباري