الأربعاء 02 يوليو 2025 م - 6 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن: المذابح والجوع مستمران وسط صمت دولي

الثلاثاء - 01 يوليو 2025 05:54 م

رأي الوطن

10

يعيش أبناء فلسطين ـ خصوصًا في قِطاع غزَّة ـ واقعًا مريرًا، وسط صمْتٍ وعجزٍ دوليَّيْنِ وعربيَّيْنِ، وحرب إبادة وعدوان لم يشهدْهُما العالَم في عصره الحديث من قِبل دَولة الاحتلال الصُّهيونيّ. فالمذابح تتوالى والجوع أضحى سلاحًا، ويوم أمس ـ على سبيل المثال ـ استشهد أكثر من (33) فلسطينيًّا كحصيلة أوَّليَّة، بَيْنَهم النِّساء والأطفال وأحَد الصحفيِّين، فيما أُصيب العشرات بَيْنَهم حالات حرجة، في قصف طائرات الاحتلال الحربيَّة استراحةً على شاطئ بحر غزَّة، لِيرتفعَ عددُ الشُّهداء منذُ السَّابع من أكتوبر 2023م إلى (56,531) فلسطينيًّا، أغلبيَّتهم من الأطفال والنِّساء، وإصابة (133,642) آخرين، في حصيلة غير نهائيَّة؛ إذ لا يزال عددٌ من الضَّحايا تحت الرُّكام وفي الطُّرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إِلَيْهم، دُونَ أنْ يتدخلَ أحَد لوقفِ حمَّام الدَّم المتواصِل في قِطاع غزَّة، فما تشهدُه غزَّة لم يَعُدْ مجرَّد تصعيد عسكري، بل جريمة إبادة جماعيَّة تهدف إلى قتل أكبر عددٍ ممكن من الفلسطينيِّين. إنَّ تلك المجزرة، الَّتي ارتكبَتْها قوَّات الاحتلال الصُّهيونيّ في استراحة الباقة غرب مدينة غزَّة، تُعَدُّ امتدادًا ممنهجًا لسياسات القتل الجماعي والتَّصفية الجسديَّة العشوائيَّة الَّتي يمارسها جيش الاحتلال ضدَّ المَدَنيِّين العُزَّل، ولا يُمكِن وصْفُ ما جرَى إلَّا بأنَّه عمل انتقامي وحشي يكشفُ عن عقيدة عسكريَّة متطرِّفة لجيش متحلِّل من أيِّ قِيَم أخلاقيَّة أو إنسانيَّة، ويتجاهل بشكلٍ صارخ قواعد القانون الدّولي، وخصوصًا القانون الدّولي الإنساني واتفاقيَّات جنيف، الَّتي تحرِّم استهداف المَدَنيِّين، وهذه الجرائم المتكررة تُمثِّل خرقًا فاضحًا للقانون الدّولي، وتُصنَّف ضِمن جرائم الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانيَّة، الَّتي لا تَسقط بالتَّقادم، ولا يُمكِن تبريرها تحت أيِّ ذريعة أمنيَّة أو عسكريَّة، لذا يَجِبُ اتِّخاذ خطوات عمليَّة وفوريَّة لمحاسبة قادة الاحتلال على أنَّهم مُجرِمو حرب أمام المحاكم الدّوليَّة، والعمل على توفير حماية دوليَّة عاجلة للشَّعب الفلسطيني، خصوصًا في قِطاع غزَّة الَّذي يتعرض منذُ شهور لحملةٍ ممنهجة من القصف والتَّجويع والتَّهجير. ألَمْ يأنِ للعالَم الحُرِّ أنْ يكسرَ صَمْتَه، ويقفَ إلى جانب الضَّحايا الأبرياء، ويعملَ بجدٍّ من أجْلِ وقفِ آلة القتل الصُّهيونيَّة المستمرَّة، خصوصًا في ظلِّ اعتماد هذا الكيان الصُّهيوني الإرهابي على سلاح الجوع ضدَّ الشَّعب الفلسطيني، ذلك أنَّ حماية العائلات من الانهيار تُشكِّل أولويَّة مُلحَّة في ظلِّ الظُّروف الإنسانيَّة الكارثيَّة الَّتي تشهدها الأراضي الفلسطينيَّة، خصوصًا في قِطاع غزَّة، فهناك آلاف العائلات تركتْ لمواجهةِ المجاعة بمفردها، وسط عدوان مستمرٍّ وحصار خانق، وانهيار شِبه كامل في مُقوِّمات الحياة الأساسيَّة، كما أنَّ هناك عشرات الأطفال فقَدُوا حياتهم بسبب الجوع والبرد في الأشْهُر الماضية، في مشهد لا يُمكِن تصديقُه أو الصَّمْتُ حياله، فقَدْ باتَ واضحًا أنَّ ما يجري في غزَّة هو استخدام مقصود للجوع كسلاح لكسرِ إرادة النَّاس ودفْعِهم نَحْوَ الهجرة أو الاستسلام. إنَّ الأطفال في غزَّة يُجبرون على النَّوم على وقعِ القصف، ويُحرمون من الغذاء والماء والدَّواء، بَيْنَما تُمنع شاحنات المساعدات من دخول القِطاع رغم وقوفها على بُعد أمتار من الحدود، كما أنَّ الضفَّة الغربيَّة تشهد بِدَوْرها تصعيدًا ميدانيًّا وأوضاعًا إنسانيَّة متدهورة، مع ازدياد أعداد النَّازحين، وقيود على إدخال المساعدات، واحتجاز الاحتلال لأموال المقاصَّة، ما يُشكِّل محاولةً ممنهجة لِتَجفيفِ الموارد وتعطيل قدرة السُّلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة على الاستجابة. باختصار، هناك الملايين من أبناء فلسطين بحاجة إلى شراكة عادلة تحمي الحقَّ في الحياة أوَّلًا، فأطفال فلسطين ليسوا أرقامًا، إنَّهم مستقبل الصُّمود وحماة الحقوق، وعلى الجميع في المُجتمع الدّولي والمنطقة العربيَّة التَّحرُّك لحماية وجودهم وصمودهم على هذه الأرض، وعدم الاكتفاء بِدَوْر المتفرج العاجز، فالشَّعب الفلسطيني يستحقُّ استرداد كافَّة حقوقه المسلوبة من دَولة الاحتلال الصُّهيونيّ وقطعان مستعمرِيها.